اخبار الكويت

جريدة الجريدة الكويتية

أقتصاد

تقرير اقتصادي: الحرب الإقليمية... ومخاطر غياب هويتنا الاقتصادية

تقرير اقتصادي: الحرب الإقليمية... ومخاطر غياب هويتنا الاقتصادية

klyoum.com

بينما لم تكن الحرب الإقليمية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط منذ نهاية الأسبوع الماضي بعيدة عن توقعات المحللين في احتمالية نشوبها بأي لحظة، نتيجة تداعيات عملية طوفان الأقصى منذ أكتوبر 2023، فإن توقّع ما ستسفر عنه هذه الحرب يبدو في غاية الصعوبة، ليس فقط وفقاً لحسابات الحرب والنفوذ والضغط والقوة العسكرية أو السياسية وإمكانات صمود الدول والتفاوض، بل أيضاً فيما يمكن أن تسفر عنه من نتائج اقتصادية تنعكس على صياغة وزن دول الإقليم الخليجي في ميزان المصالح الاقتصادية الدولية أو التأثر بتحولاتها.وفي ظل هذه التطورات الجيوسياسية التي لم تشهدها المنطقة منذ عقود، تبدو الكويت معنيّة أكثر من محيطها الإقليمي بتداعيات الحرب ليس فقط لموقعها الجغرافي الحساس، أو لقربها من مفاعل بوشهر النووي، أو لمخاوف توسّع أمد ونطاق العمليات العسكرية، بل لأننا نكاد نكون الدولة الوحيدة التي لا تعرف كيف تحوّل ثرواتها الطبيعية، أي النفط، و»المالية»، أي الاستثمارات الخارجية إلى مشروع دولة تصبح فيه الكويت جزءاً من مصالح العالم الاقتصادية، فضلاً عن كونها من بين الأكثر تعرّضاً لتقلبات الاقتصاد والتجارة الدولية، خصوصاً أن هذه الحرب بين إيران وكيان الاحتلال الصهيوني تأتي في وقت تشهد الأسواق الدولية حالة متزايدة من عدم اليقين، نتيجة تداعيات الحرب التجارية «الترامبية»، مما يجعل فهم أي دولة لمصالحها وهويتها الاقتصادية وكيفية التعامل مع المخاطر المحيطة أمراً لا يقل أولوية عن أي دفاع عسكري أو دبلوماسية سياسية.تداعيات الحرب

بينما لم تكن الحرب الإقليمية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط منذ نهاية الأسبوع الماضي بعيدة عن توقعات المحللين في احتمالية نشوبها بأي لحظة، نتيجة تداعيات عملية طوفان الأقصى منذ أكتوبر 2023، فإن توقّع ما ستسفر عنه هذه الحرب يبدو في غاية الصعوبة، ليس فقط وفقاً لحسابات الحرب والنفوذ والضغط والقوة العسكرية أو السياسية وإمكانات صمود الدول والتفاوض، بل أيضاً فيما يمكن أن تسفر عنه من نتائج اقتصادية تنعكس على صياغة وزن دول الإقليم الخليجي في ميزان المصالح الاقتصادية الدولية أو التأثر بتحولاتها.

وفي ظل هذه التطورات الجيوسياسية التي لم تشهدها المنطقة منذ عقود، تبدو الكويت معنيّة أكثر من محيطها الإقليمي بتداعيات الحرب ليس فقط لموقعها الجغرافي الحساس، أو لقربها من مفاعل بوشهر النووي، أو لمخاوف توسّع أمد ونطاق العمليات العسكرية، بل لأننا نكاد نكون الدولة الوحيدة التي لا تعرف كيف تحوّل ثرواتها الطبيعية، أي النفط، و»المالية»، أي الاستثمارات الخارجية إلى مشروع دولة تصبح فيه الكويت جزءاً من مصالح العالم الاقتصادية، فضلاً عن كونها من بين الأكثر تعرّضاً لتقلبات الاقتصاد والتجارة الدولية، خصوصاً أن هذه الحرب بين إيران وكيان الاحتلال الصهيوني تأتي في وقت تشهد الأسواق الدولية حالة متزايدة من عدم اليقين، نتيجة تداعيات الحرب التجارية «الترامبية»، مما يجعل فهم أي دولة لمصالحها وهويتها الاقتصادية وكيفية التعامل مع المخاطر المحيطة أمراً لا يقل أولوية عن أي دفاع عسكري أو دبلوماسية سياسية.

تداعيات الحرب

فبنظرة عامة على التداعيات الاقتصادية للحرب بين إيران والصهاينة، نجد أن الانعكاسات المباشرة على الأقل ستتركز على تقويض مستويات النمو الاقتصادي العالمي، وما يرتبط به من ضغوط على حركة التجارة الدولية وسلاسل الإمداد والتوريد، فضلاً عن ارتفاع أسعار الطاقة، أي النفط والغاز، ليس بسبب نمو الطلب العالمي، إنما نتيجة تصاعد المخاطر الجيوسياسية، سينعكس تضخماً على البضائع والسلع، لا سيما مع صعوبة اتخاذ البنوك المركزية قرارات فاعلة لتوجيه السياسات المالية أو النقدية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة في منطقة الخليج العربي ستشهد تقييماً أكثر تشدداً ليس في حجمها بالضرورة، بل في توجيهها وفقاً لمعايير الفاعلية والمصالح والفرص.

نظرة على الكويت

في المقابل، فإن النظرة الأكثر تركيزاً تشير الى أن مجموعة من مخاطر الحرب الاقتصادية والمالية العالمية تقارب مخاطر الاقتصاد الكويتي، فنحن الدولة الأدنى في النمو الاقتصادي الخليجي وفقاً لتوقعات البنك الدولي لعام 2025 بـ 2.2 بالمئة و2026 بـ 2.7 بالمئة، كما أننا نستورد 90 بالمئة من الاحتياجات الغذائية من الخارج، وأقل من ذلك بقليل من الاحتياجات الاستهلاكية والدوائية، والكويت هي الأعلى خليجياً في مستويات التضخم المتصاعدة، مع استبعاد عامل ضريبة القيمة المضافة بـ 21 بالمئة خلال 8 سنوات، والأقل جذباً للاستثمار الأجنبي بأقل من 0.5 بالمئة مما تستقطبه بقية دول مجلس التعاون الخليجي، والأكثر عالمياً في الاعتماد على إيرادات النفط في تمويل ميزانيتها بما يتجاوز 90 بالمئة.

النفط والمالية

واللافت في سياق ارتفاع أسعار النفط أنها سجلت مستويات قياسية منذ تصاعد وتيرة التصريحات قبل اندلاع الحرب، فكسب برميل النفط عالمياً صعوداً تجاوز 14 بالمئة، ليبلغ برميل النفط الكويتي 74.2 دولاراً للبرميل، وهو سعر بالكاد تجاوز سعر الأساس الذي يُفترض أنه متحفظ في ميزانية الدولة عند 68 دولاراً، ولا يزال بعيداً عن سعر التعادل المقرر في الميزانية عند 90.5 دولاراً للبرميل، وهذا يعبّر عن حالة مستجدة خلال السنوات الماضية تشير إلى أن الصعود القياسي لأسعار النفط لا يؤدي إلى تحقيق ميزانية الدولة فوائضَ في إيراداتها العامة، مما يعني أن مرونة المالية العامة نتيجة تضخّم مصروفاتها باتت أقل واختلالها أعمق.

الهوية والمخاطر

ولا شك في أن أهم مخاطر الحرب الإقليمية على دولة صغيرة مثل الكويت، أنها تكاد تكون الوحيدة في الإقليم الخليجي التي ليست لديها هوية اقتصادية واضحة تجعلها من ضمن مصالح دول العالم، فضلاً عن المخاطر السياسية والعسكرية المحيطة بالإقليم، فالكويت ليست جزءاً من أي مشروع دولي ولا حتى إقليمي خدمي أو تجاري واضح الملامح مع أي قوى اقتصادية أو سياسية أو عسكرية كبرى، كالولايات المتحدة او الصين أو حتى الاتحاد الأوروبي، بل إن الحليف الاستراتيجي للكويت، أي أميركا (ترامب)، الذي لا يمكن توقّع سياساته لا مع حلفائه ولا مع خصومه أو جيرانه بالتأكيد ليست هي أميركا عام 1991 التي قادت التحالف الدولي لتحرير الكويت من الغزو العراقي.

مصالح وأمن وسيادة

وبالتالي، فإن الكويت الدولة ذات الحجم الجغرافي الصغير والموقع العالي الحساسية والمخاطر ليس لديها مشاريع توسّع أو نفوذ سياسي أو عسكري خارج حدودها - وهذا أمر إيجابي - إلّا أنه في المقابل لا بُد أن تكون جزءاً من تشابك مصالح العالم الاقتصادية، مستعينةً بعلاقاتها الدبلوماسية وموقعها الجغرافي وثرواتها الطبيعية والمالية لتأسيس شراكات خدمية وتجارية على أراضيها بحيث تتشابك مصالح الكويت مع أكبر عدد من الدول والكيانات الفاعلة بالعالم في سبيل أعمق شبكة مصالح ممكنة، وهذه المصالح الاقتصادية هي التي تعطينا وزنا في تحديد الفعالية... وهنا تظهر أهمية وجود مصالح اقتصادية متشابكة في تحقيق متطلبات الأمن والسيادة في ظل مخاطر الحروب أكثر مما يمكن أن تحققه آلاف الصواريخ والقوات والقواعد العسكرية.

انشغال بالهامشي

لا يُذاع سرٌّ عند القول إن العالم يتغير في مفاهيمه وعلاقاته ومصالحه، فلم تعد المصالح مع الغرب، كالولايات المتحدة وأوروبا، منحصرة في تحويل جزء من إيرادات البترول الى صفقات عسكرية، ولا توطيد المصالح مع الشرق، مثل الصين، مقتصرة على إرساء مناقصات ومقاولات لبناء مشاريع بنية تحتية قد لا تكون فاعلة، فمسألة بناء الشراكات والتحالفات والمصالح العميقة تتطلب تغييراً جوهرياً في العقلية التنفيذية، لا سيما في أولوية وجود هوية استراتيجية اقتصادية هي موطن المصالح الدولية في البلاد يفترض أن يكون عنوانها - النظري - العريض ميناء مبارك الكبير والمنطقة الشمالية، وهو ما يتطلب على الصعيد العملي إدارة تنفيذية تعرف بالحد الأدنى أنه من الخطأ الجسيم والفادح وجود حكومة منذ أكثر من عام دون برنامج عمل أو خطة تنموية، فضلاً عن انشغالها بكل ما هو جزئي وهامشي أو له آثار سلبية.

*المصدر: جريدة الجريدة الكويتية | aljarida.com
اخبار الكويت على مدار الساعة