اخبار الكويت

جريدة القبس الإلكتروني

أقتصاد

د.أحمد سعد الدويلة يكتب: رواد الأعمال الحقيقيون.. عماد اقتصاد الكويت ما بعد النفط

د.أحمد سعد الدويلة يكتب: رواد الأعمال الحقيقيون.. عماد اقتصاد الكويت ما بعد النفط

klyoum.com

في السنوات الأخيرة، أصبح مصطلح «رائد الأعمال» يُطلق على كل من يطلق مشروعًا تجاريًا جديدًا، سواء كان متجرًا صغيرًا أو شركة ناشئة تقليدية. هذا الاستخدام العام للمصطلح، والذي يأتي مع الأسف من قبل مؤسسات إعلامية وحكومية، أفرغه من معناه الحقيقي، وخلق تضاربًا في المفاهيم يستدعي إعادة النظر في تعريف رائد الأعمال ودوره في بناء اقتصاد مستدام، خاصة في الكويت التي تسعى لتحقيق رؤية اقتصادية طموحة في مرحلة ما بعد النفط.

رائد الأعمال، بمعناه الأصيل، ليس مجرد صاحب مشروع، بل هو الشخص الذي يبتكر شيئًا جديدًا – سواء كان منتجًا، خدمة، أو آلية عمل مبتكرة – ويواجه بها عدم اليقين ومخاطر الفشل. هو من يرى فجوة سوقية أو مشكلة مجتمعية ويعمل على حلها بطريقة غير تقليدية، مما تنتج عنه أسواق جديدة، اعتماد على موارد أو مواد مبتكرة، وتوفير فرص عمل مستدامة. هذا التعريف يميز رائد الأعمال عن غيره من أصحاب الأعمال، ويبرز دوره كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي والتنويع.

في الكويت، حيث يعتمد الاقتصاد بشكل كبير على النفط، تصبح الحاجة إلى دعم حقيقي لرواد الأعمال بهذا المعنى وتصنيفهم تصنيفًا خاصًا أمرًا ملحًا أكثر من أي وقت مضى. فتحقيق رؤية «كويت جديدة» يتطلب اقتصادًا متنوعًا يعتمد على الابتكار والإبداع. وهنا، نثمن الجهود التي تبذلها الجامعات الكويتية في تعزيز ثقافة ريادة الأعمال، حيث أصبحت مواد ريادة الأعمال تُدرَّس كمواد عامة مخصصة ومتاحة لجميع الطلبة بغض النظر عن تخصصاتهم العلمية. هذه الخطوة تساهم بشكل كبير في نشر ثقافة الريادة والابتكار بين الشباب، وتؤهلهم ليكونوا رواد أعمال قادرين على مواجهة التحديات الاقتصادية.

دعم مؤسسي

لكن، لضمان استمرار هذا الزخم، هناك حاجة ماسة إلى دعم مؤسسي مخصص لرواد الأعمال الحقيقيين. ومن هذا المنطلق، يأتي دور الصندوق الوطني لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة. عند إعادة تفعيل هذا الصندوق، من الضروري تخصيص دعم خاص للمشاريع التي تحمل طابعًا رياديًا، لما لها من أهمية كبيرة في تعزيز الاقتصاد الوطني، تحسين جودة الخدمات، وتوفير فرص عمل مستدامة. هذه المشاريع، التي تتميز بالابتكار والقدرة على سد الفجوات السوقية، تستحق تمويلًا ميسرًا، استشارات متخصصة، وتسهيلات في الوصول إلى الأسواق المحلية والعالمية.

لتحقيق ذلك، يجب وضع معايير واضحة لتحديد المشاريع الريادية، مثل درجة الابتكار، التأثير الاقتصادي المتوقع، وقدرتها على توفير أسواق جديدة أو تحسين الكفاءة في القطاعات الحالية. كما ينبغي تعزيز بيئة الأعمال من خلال تقليل العوائق البيروقراطية، تحسين قوانين الملكية الفكرية، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص. إضافة إلى ذلك، يمكن أن تلعب الجامعات دورًا أكبر من خلال إنشاء حاضنات أعمال ومختبرات ابتكار تدعم الطلبة ورواد الأعمال الشباب في تحويل أفكارهم إلى مشاريع قابلة للتطبيق.

مركز إقليمي للابتكار

إن تمييز رواد الأعمال الحقيقيين ودعمهم بشكل استراتيجي ليس مجرد خيار، بل ضرورة وطنية لتحقيق نهضة اقتصادية مستدامة في الكويت. فهم العمود الفقري لاقتصاد ما بعد النفط، وهم من سيحولون التحديات إلى فرص، والأفكار إلى واقع. بتوفيق الله ثم بالتخطيط السليم، يمكن للكويت أن تصبح مركزًا إقليميًا للابتكار وريادة الأعمال، محققة بذلك رؤيتها الطموحة لمستقبل مزدهر. 

 د.أحمد سعد الدويلة

*المصدر: جريدة القبس الإلكتروني | alqabas.com
اخبار الكويت على مدار الساعة