خيمة الصحفيين في غزة.. حكاية احترقت وبقي صداها
klyoum.com
خيمة الصحفيين في غزة.. حكاية احترقت وبقي صداها
سلام العكور
نشعر بالاختناق ، كأن قلوبنا تنتحب ..
لا يمكن ان نعتاد على هذه المشاهد التي تسفك فيها الدماء ، وتراق فيها الكرامة ، ان الألم يتربص بنا من كل جانب ، هناك ثقل مرير يجثم على صدورنا من هول الذي نراه ونحن ننتقل من شاشة الى شاشة ، ومن وجع الى آخر .
أطفال رضع يموتون قبل ان يروا ضوء الشمس..
أمهات تحتضن بقايا أبنائها ملفوفة بالشاش الأبيض ..
آباء يحملون ابناءهم بين أيديهم، وصوت بكائهم مسموع – بلا صوت .
طفل يبكي رغيف خبز وضعه تحت مخدته.. ليستيقظ على وجبة مليئة بالعفن .
رأينا صورا تتقطع لها نياط القلب ، نقلت بأمانة حمل الرسالة ، التقطت عبر كاميرات الصحفيين ، وعبر صوتهم الصادق شعرنا بصدق الصورة وبوجعها .
وفي قلب هذا المشهد ، جاء الاستهداف السافر لخيمة الصحفيين بجانب مجمع الشفاء الطبي ، تلك الخيمة التي كانت مرآة تنقل معاناة الغزيين ، وتحمل رسائل صمودهم الى العالم ،في وجه عدوان لا يعرف الرحمة ، حتى احترقت عن بكرة أبيها.
لم يتبق من أبطالها الا صورا على شاشات التلفزة توثق تاريخ نضالهم، وهم ينتقلون من موقع الى آخر ، يغمرهم غبار الحرب، ويكابدون مع أهلهم في غزة ذات الجراح ،بينما يمارس بحقهم الاحتلال الإسرائيلي كل اشكال القمع و التعذيب .
أنس الشريف ، أيقونة الحقيقة في غزة ، قاهر العدو بصوته وحضوره ، ارتقى شهيدا برفقة زملائه ، محمد قريقع ، إبراهيم ظاهر ، مؤمن عليوه ، ومحمد نوفل .
ستة من حراس الحقيقة الذين لم يردعهم أي تهديد بالقتل والتنكيل، ظلوا ثابتين ، متحدين كل الصعاب في سبيل إيصال الحقيقة للناس كافة ..
ان اغتيال الصحفيين "الشهود" ،ما هو الا فصل في خطة إسرائيل المعلنة ، خطة تحمل في طياتها كارثة إنسانية ، هدفها السيطرة على القطاع بعد ان أخذت الضوء الأخضر من الداعم الأمريكي ، وهذا يعني مزيدا من الدماء ، ومن التضحيات .
المساعي الدولية لايقاف المتعجرف نتنياهو ، وتكبيل طموحاته لن تجدي عن طريق معاملته كطفل بحاجة الى تأديب ، انه مجرم حرب مطلوب للعدالة الإلهية قبل العدالة الدولية ، بتهم ارتكاب إبادة جماعية بحق أهلنا الصامدين في غزة ، عبر القتل والتهجير والتجويع ، وسرقة المزيد من الأرض ، التي ليس له فيها أي حق وأية شرعية .
ان الاعتداء المتعمد على الصحفيين ليس الا محاولة لتعتيم الصورة ، وحجب ما سيأتي من كوارث في قادمات الأيام ، لكنهم - وان غابت وجوههم عن الميدان ، سيبقون حاضرين في ذاكرة الحقيقة ، التي حاول الرصاص اسكاتها . ولن يستطيع ..