رسالة من شاب يمني إلى غزة"…"ها انا أكتبُ لكِ من بلادٍ لم تهدأ، إلى بلادٍ لا تنام!"*
klyoum.com
*"
حين تضيق بي البلاد، أكتب إلى غزّة…
حين تصير النوافذ منافذ قهر، والسماء عيونًا لا تبصر إلا الموت… أكتب إلى غزّة.
حين أنظر في خارطة الأمة، ولا أجد فيها غيركَ صامدة… أكتب لكِ.
أكتب لكِ يا غزّة…
من فوق رمادٍ لم يبرد بعد، ومن تحت سماءٍ تعرف كيف تشطرها الطائرات، وتغتال الهُدوء في منتصف الليل.
أكتب لكِ من الضالع…
حيث ما زالت البنادق تؤمن أن "الحرية" ليست شعارًا، بل دينًا يُقاتَل لأجله،وحيث تُولد العزّة كما وُلدت فيكِ: تحت الحصار، وعلى وقعِ البارود.
أكتب لكِ من جبالٍ تحفظ صوت التكبير أكثر من صوت الموسيقى، ومن صدورٍ لو استطاعت، لزحفت إليكِ ولو على حوافّ الدم!
أكتب لكِ من يمنٍ يعرف الاحتلال، ويعرف الخذلان، ويعرف أن الأرض لا تُنبت رجالًا حتى تُروى بدم الشهيد، من يمنٍ يعرف الطعنة، ويعرف وجه من يطعن.
يا غزّة…
كم مرةً قتلونا سويًا؟
كم مرةً علّقونا على لافتةٍ واحدة، ودسّوا أسماءنا تحت عناوين "القلق"، "التنديد"، و"الأسف البالغ"؟
كم مرةً صرختِ، وصرخت معكِ الضالع، وحضرموت، وابين، وعدن، وشبوة، ولحج، والحديدة، وسقطرى، والمهره، ولم يسمعنا أحد؟!
أقسم لكِ أن في اليمن قلوبًا تهتف باسمكِ مع كل قصف، وتتقطّع مع كل خبر، وتدفن معكِ أطفالكِ، ثم تنهض من تحت الركام لتكتب لكِ هذه الرسالة… لا لتواسيكِ، بل لتعتذر.
أكتب لكِ من بلدٍ شبيه بكِ: ممزّق، مُحاصر، مُنهك، لكنه واقفٌ على قدم الكرامة، لا يُساوم، ولا يساير، ولا يُساير من ساوَم.
أكتب لكِ من أمٍّ يمنيةٍ، فقدت أبناءها، لكن حين رأت دمكِ، قالت: يا بنتي!
أكتب لكِ من شبابٍ، يذوبون حبًا فيكِ، ويتمنّون لو يُبعثون من جديد ليُقاتلوا على أسواركِ لا خلف شاشاتهم!
لا تطلبي من هذه الأمة أكثر مما في وسعها، فقد شاخت أرواحها من الخذلان، وصار الدم فيها ماءً، والماء دمًا.
لكن تذكّري…
أنه ما زال في الضالع من يُقسم أنكِ القضية، وأنكِ العِرض، وأنكِ العقيدة، وأنكِ آخر ما تبقى من شرف هذه الجغرافيا التائهة!
سلامًا عليكِ يا غزّة…
سلامًا على جرحكِ المقدّس، وعلى دمكِ الطاهر، وعلى نسائكِ اللواتي يولدن الأبطال دون قابلات، وعلى أطفالكِ الذين يعرفون اسم الشهادة قبل أن يعرفوا اسم الحلوى.
سلامًا على حجارةٍ فيكِ، تكسر وجه العالم، وتكسر قلوبنا،سلامًا على أنفاسكِ المحاصَرة، وعلى لهجتكِ الفلسطينية حين تصرخ: "ما بنركعش!"
سلامًا عليكِ من اليمن…
من جبلٍ لم يفرّط، ولم يُساوِم، ولم يخلع بندقيته من أجل مؤتمر ولا مائدة ولا حبرِ صحف.
*سلامًا عليكِ منّي أنا… بشّار…*
*شابٌ يمني من أرضٍ تعرف الشهادة جيدًا، وتفهم أن الموت في سبيلكِ حياة، وأن الحياة بعيدًا عنكِ… موتٌ لا يُكتب….!*
*#بقلـــــم:*
*#بشار_بن_عبده_المحرابي*
*#الضالع_اليمن*
*#من_يمني_إلى_غزة*
*#غزة_لا_تنكسر*