اخبار اليمن

سما نيوز

منوعات

أصبح المجتمع يقدّر من يُجيد التمثيل أكثر ممن يُجيد الصراحة بلطف

أصبح المجتمع يقدّر من يُجيد التمثيل أكثر ممن يُجيد الصراحة بلطف

klyoum.com

من أكثر سلبيات المجتمع التي نعيشها يوميًا دون أن ننتبه لعمق أثرها : النفاق الإجتماعي..

ليس مجرد عادة عابرة ، بل سلوك يتسلل إلى تفاصيل الحياة حتى يبدو وكأنه شيء طبيعي ، بينما هو في الحقيقة مرض يفتك بالصدق ، ويقضي على صفاء العلاقات.تجد الكثيرين يقولون ما لا يشعرون ، يبتسمون في وجه من يضمرون له الضيق ، يمتدحون ما لا يؤمنون به ، وكل هذا تحت عباءة : "كن لبقًا" ، "لا تُزعج أحدًا" ، "ساير الناس هكذا تحوّلت المجاملات الزائدة إلى ثقافة عامة ، والوضوح إلى وقاحة ، والصدق إلى تصرف غير ذكي.وبذلك أصبح المجتمع يقدّر من يُجيد التمثيل أكثر ممن يُجيد الصراحة بلُطف.يُكافأ من يُرضي الجميع ، حتى لو كان منافقًا ، ويُقصى من يتحدث بصدق ، حتى لو كانت نيته طيبة.

هذه السلبية تسلّلت حتى للعلاقات القريبة..

أصدقاء يُجاملون ولا يُصارحون ، أقارب يتبادلون الإبتسامات في المناسبات ثم يتحدثون بالسوء من خلف بعضهم ، وزملاء يصفقون في العلن، ويطعنون في الخفاء..

كل هذا يُضعف الثقة ، ويجعل العلاقات هشّة ، قائمة على المظهر لا الجوهرالأخطر من ذلك ، أن النفاق الإجتماعي يُربَى عليه الأطفال ، حين نطلب منهم أن يبتسموا لمن لا يحبون ، أو أن يقولوا ما لا يشعرون به كي يُرضوا الناس فيكبر الطفل وهو يظن أن التعبير عن مشاعره خطأ ، وأن الحقيقة تُقال فقط في السر.

هذه السلبية لا تخلق فقط أشخاصًا مزيفين ، بل تُنتج مجتمعًا يتهرب من المواجهة ، يختبئ خلف العبارات الجميلة ، ويخشى الحقيقة حتى لو كانت ضرورة.نعيش وسط ضجيج من الكلام ، لكن قليل منه صادق ، عميق ، نقي.ولذلك ، مواجهة هذه الظاهرة تبدأ من الداخل..

أن نُراجع أنفسنا : هل نقول ما نعتقد فعلًا؟ هل نجامِل على حساب قناعاتنا؟ هل نرتدي قناعًا في كل مجلس؟

ثم نُعلّم من حولنا أن الإحترام لا يعني الكذب ، وأن اللطف لا يُناقض الوضوح.في مجتمع مليء بهذه السلبية ، يصبح الصدق شجاعة ، ويصبح أن تكون كما أنت أمرًا ثوريًا..فليتنا نُربّي أنفسنا وأبناءنا على الشفافية اللطيفة ، لا التزييف المُهذب.لأن ما يُبنى على النفاق ، لا يدوم.

*المصدر: سما نيوز | sma-news.info
اخبار اليمن على مدار الساعة