الإبادة فرقتهما.. فلسطينية تعقد قرانها فوق أنقاض غزة وتنتظر العريس
klyoum.com
أخر اخبار اليمن:
عاجل:انفجار يستهدف شرطة في تعز(صورة)على أنقاض منطقة التوام شمالي قطاع غزة، حيث تركت حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ركاما وصورا لا تمحى من الذاكرة، اختارت الشابة الفلسطينية آية زيد عمر (22 عاما) أن تعقد قرانها على خطيبها أمير (23 عاما).
كان المشهد أكبر من مجرد مناسبة اجتماعية، إذ حمل في تفاصيله تحديا لواقع الدمار الذي خلفته آلة الحرب الإسرائيلية، ورسالة تمسك بالحياة.
** فستان أبيض وركام
في لحظة استثنائية، ظهرت العروس بفستانها الأبيض وسط أنقاض البيوت المتصدعة وآثار القصف الإسرائيلي، وكأنها تنتزع ومضة نور أطفأتها الإبادة.
وقبل أن تصل الأمور إلى هذا المشهد، كانت العروس ترسم لنفسها حلما مختلفا تماما، زفافا فخما في قاعة مزينة، وأجواء احتفالية تملؤها الألوان والضحكات، وحضورا واسعا من الأهل والأصدقاء.
إلا أن الحرب بددت كل تلك التفاصيل، وتركت ما حولها محاصرا بالنقص، محملا بذاكرة عامين من الموت والقصف والتجويع.
وهكذا، أقيم عقد القران فوق الركام وتحت سماء مثقلة بآثار الحرب، خطوة حملت رغبة جريئة في تحدي الواقع القاسي والتشبث بما تبقى من حياة.
ولم يتم العقد بالطريقة المعتادة بحضور العريس، إذ حال الحصار وإغلاق المعابر دون دخوله إلى غزة، فتولى عمه إجراءات العقد نيابة عنه بصفته وكيلا، دون أن توضح آية مكان إقامته.
ومنذ مايو/ أيار 2024، تحتل إسرائيل الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي مع غزة، ودمرت مبانيه وأحرقتها، ومنعت الفلسطينيين من الخروج والعودة، ما أدخلهم، وخاصة المرضى منهم، في أزمة إنسانية كبيرة.
وكان من المقرر إعادة فتح المعبر جنوبي قطاع غزة، من الجانب الفلسطيني في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار، غير أن تل أبيب لم تلتزم بذلك.
** خوف وجوع وفقد
وقالت العروس الفلسطينية في حديثها للأناضول، إن الظروف التي عاشتها خلال العامين الماضيين كانت "أقسى من أي وصف"، مشيرة إلى أنها واجهت مشاعر الخوف والجوع والفقد، إلى جانب القلق الدائم على عائلتها.
وأضافت: "كل ذلك كان ممزوجا بالقهر وقلة الحيلة، وكان خطيبي يشعر بالعجز والألم أيضا، وهو يتابع ما نمر به من بلد آمن يعيش فيه كل مقوّمات الحياة الكريمة".
وأوضحت أن قرار عقد القران جاء وسيلة للتشبث بالاستقرار والتمسك ببصيص أمل، رغم الحرب وآثارها القاسية، قائلة: "أردت أن أذكر نفسي بأن الحياة لم تتوقف، وأنني ما زلت أستحق لحظة أمان رغم كل ما يحدث".
** هوية لا تقهر
وبينت آية أن اختيارها عقد القران بين ركام منطقتها لم يكن مجرد حدث، بل جزءا من ارتباطها بالمكان الذي نشأت فيه، مضيفة: "هذا الحي هو بيتي وهويتي، كان طبيعيا أن أعقد قراني هنا حتى لو أصبح ركاما".
وأكدت أن رسالتها للعالم أن الفلسطينيين، رغم الدماء والحصار، يتمسكون بالأمل والحياة، وقالت: "لدينا أحلام وطموحات ككل البشر، وبرغم الألم ما زلنا ننهض ونصنع لحظات حياة وسط الدمار، الحق في الفرح ليس رفاهية، بل جزء من إنسانيتنا".
وعن تفاصيل يوم عقد القران، لفتت آية إلى أنها كانت تخطط قبل الحرب لحفل كبير واحتفال فخم، لكن الحرب غيرت كل شيء.
وأوضحت: "لا يوجد ورد طبيعي ولا فساتين زفاف جديدة، ومعظم المحلات مدمرة، والأسعار مرتفعة بسبب إغلاق المعابر".
وتابعت: "وجدت نفسي أنتقل من حلم القاعة المزينة إلى عقد قراني بين الأنقاض، لم يكن نقصا في الفرح، بل دليلا على أن الإرادة أقوى من الظروف".
واعتبرت آية أن التجربة تجسد تمسك شباب غزة بالحياة رغم القهر والموت.
وقالت: "نحن ندرس ونحاول بناء مستقبلنا رغم الحرب، الإنسان هنا لا يستسلم، بل يصنع لحظات فرح وبدايات جديدة حتى وسط الألم".
** أجيال تنتظر الحياة
وفي رسالتها للمجتمع الدولي، طالبت آية بمضاعفة جهود إعادة إعمار القطاع وبناء المؤسسات التعليمية وتهيئة البيئة المناسبة للشباب.
وقالت: "نحتاج إلى دعم حقيقي يتيح لنا تكوين أسر وعيش حياة مستقرة مثل أي شباب في العالم، الاستثمار في حياة الشباب هنا إنقاذ لمستقبل أجيال كاملة".
وعن شعورها في تلك اللحظة، أضافت آية أن مشاعرها كانت متباينة بين الفرح والحزن.
وتابعت: "لم أتخيل أنني سأعيش هذه اللحظة وسط الإبادة، لكنها كانت خطوة للمضي قدما، أصبحت أقوى من أي وقت مضى، ولدي قدرة أكبر على الاستمرار، الحياة لا تزال تستحق أن نحياها ونخلق فيها لحظات أمل وفرح رغم كل ما فقدناه".
وبدعم أمريكي شنت إسرائيل منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حرب إبادة بغزة، خلّفت أكثر من 70 ألف قتيل وما يفوق 171 ألف جريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء.
وكان يُفترض أن ينهي الحرب، اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي، لكن إسرائيل تخرقه يوميا، ما أدى إلى قتل وإصابة مئات الفلسطينيين.
كما تمنع إسرائيل إدخال قدر كاف من الغذاء والدواء إلى غزة، حيث يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني في أوضاع لاإنسانية كارثية.