هل الذكاء الاصطناعي يعزز كسلنا المعرفي؟ اكتشف الحقيقة
klyoum.com
رغم الحماسة العالمية تجاه تطورات الذكاء الاصطناعي، خاصة في قدراته على التعلّم العميق والمعالجة السريعة، إلا أن سؤالاً ملحًّا يفرض نفسه: هل لا نزال نمنح التفكير البشري العميق ما يستحقه من اهتمام؟، بحسب الرجل.
في الوقت الذي تتيح فيه أدوات الذكاء الاصطناعي إجابات فورية تبدو واثقة، يتراجع الاعتماد على التفكير النقدي، ما يُنذر بظهور جيل من القادة الذين لا يفكّرون، بل يستهلكون فقط.
مميزات استخدام الذكاء الاصطناعي
بحسب دراسة حديثة أجرتها مؤسسة "ماكينزي"، فإن 27% فقط من المؤسسات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي تقوم بمراجعة شاملة للمحتوى الذي تنتجه هذه الأدوات قبل استخدامه، بينما يراجع ثلثها أقل من 20% من هذا المحتوى.
و هذا الاعتماد غير المدروس يُبرز حاجة ملحة لإحياء التفكير المتأني، القائم على التفسير والتمييز والشك البنّاء.
وتشير الأبحاث إلى أن التفكير النقدي لا يُعدّ الوضع الافتراضي للإنسان، بل مهارة مكتسبة يمكن تطويرها.
وتُظهر نتائج دراسة حديثة أن القادة الذين يتمتعون بمستويات عالية من التفكير النقدي يحققون أداءً أفضل، ويُظهرون معدلات أقل من الاحتراق الوظيفي، وثقة أكبر في قدرتهم على القيادة.
الإنسان بطبيعته لا يُفكّر كثيرًا ما لم يُجبر على ذلك، وهذا التوجّه غريزي لترشيد الطاقة الذهنية، وبينما تُعالج أدمغتنا الواعية المعلومات بمعدل 10 بتات في الثانية، فإن الذكاء الاصطناعي يتعامل مع تريليونات البتات في الثانية، ولهذا السبب نلجأ إلى ما يُعرف بـ"القيادة التلقائية" و"الاختصارات الذهنية" لاتخاذ قرارات يومية.
واليوم، بات الذكاء الاصطناعي صديقًا سريعًا لعقلنا البشري البطيء، وبينما يساعد في تحليل كم هائل من البيانات وتحديد الأنماط، إلا أنه في المقابل يُغذّي الميل إلى الكسل المعرفي، ويعزّز التحيّز للأتمتة؛ حيث نميل إلى قبول ما تقوله الآلات دون تمحيص أو تشكيك، خصوصًا حينما تأتي الإجابات بنبرة واثقة.
استخدامات الذكاء الاصطناعي
تُظهر بيانات تقييم شملت 227 قائدًا، أن أولئك الذين يمتلكون مستويات منخفضة من التفكير النقدي يُواجهون مخاطر معرفية أكبر بكثير من غيرهم:
- احتمالية أعلى بنسبة 18% للإصابة بـ"الانحياز التأكيدي"، أي تصديق المعلومات التي توافق آراءهم فقط.
- اعتماد أكبر بنسبة 32% على الذكاء الاصطناعي للحصول على إجابات.
- عرضة أكبر بنسبة 36% للإخفاقات المعرفية اليومية، مثل نسيان التفاصيل أو ارتكاب أخطاء في المهام الروتينية.
وفي المقابل، أظهر القادة ذوو التفكير النقدي العالي أداءً أفضل على مختلف المستويات:
- أداء وظيفي أعلى بنسبة 14%.
- قيادة أكثر فاعلية بنسبة 13%.
- ثقة أعلى بالقيادة المستقبلية بنسبة 10%.
- مستويات أقل من الإرهاق الوظيفي بنسبة 21%، ورضا وظيفي أعلى بنسبة 16%.
ومن جانبه، أوضح غيوم ديلاكور، الرئيس العالمي لتطوير الأفراد في شركة ABB الرائدة في مجال الأتمتة، أن ما يميز الذكاء الاصطناعي هو أنه دائمًا يمتلك إجابة، لكن هذا التميّز ذاته قد يشكل خطرًا.
وأضاف: "لطالما احتاج القادة إلى التفكير النقدي، لكن مع بيئة عمل توفر أجوبة فورية لكل سؤال، تصبح هذه المهارة أهم من أي وقت مضى".