روسيا تدعم تمديد اتفاقية «ستارت» للحد من انتشار الأسلحة النووية
klyoum.com
أخر اخبار الإمارات:
رؤساء جامعات عالمية: محمد بن راشد نموذج للقيادة الملهمةبغض النظر عن التطورات في حرب أوكرانيا، لاتزال قضية الحد من التسلح النووي بين موسكو وواشنطن تستحق المتابعة، ومن المفاجئ إلى حد ما، أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أشار أخيراً إلى أن روسيا ستدعم تمديد اتفاقية «ستارت الجديدة» للحد من الأسلحة النووية الاستراتيجية، المقرر انتهاء العمل بها في فبراير 2026، لمدة عام آخر.
وصرح المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، بأنه «في حال السماح بانتهاء صلاحية معاهدة (ستارت) الجديدة، فإننا على أعتاب وضع قد نُحرم فيه من أي وثائق ثنائية تنظم الاستقرار والأمن الاستراتيجيين، وهو أمر محفوف بمخاطر جسيمة من منظور عالمي»، وفي بيانٍ صدر يوم 22 سبتمبر، أشار بوتين إلى أنه «من أجل عدم ظهور سباق أسلحة استراتيجية جديدة، وللحفاظ على مستوى مقبول من القدرة على التنبؤ وضبط النفس، نرى أنه من المنطقي في هذه المرحلة المضطربة، الحفاظ على الوضع الراهن المنصوص عليه في معاهدة (ستارت) الجديدة، وبناء على ذلك، فإن روسيا مستعدة لمواصلة الالتزام بالقيود الكمية الأساسية للمعاهدة لمدة عام واحد بعد الخامس من فبراير 2026».
وأضاف بوتين أن الولايات المتحدة سيتعين عليها الموافقة على تبني السياسة ذاتها في ما يتعلق بمراقبة حدود معاهدة «ستارت» الجديدة المتعلقة بنشر الأسلحة لعام آخر، ومن المفترض أن تشمل هذه الحدود إجمالي عدد الرؤوس الحربية والقاذفات التي نشرها الجانبان، بموجب سقف معاهدة «ستارت الجديدة» البالغة 1550 رأساً حربياً عاملاً، و700 قاذفة صواريخ.
الاستقرار الاستراتيجي
وألقى بوتين باللوم على الولايات المتحدة وحلفائها في تدهور حالة الاستقرار الاستراتيجي، في إشارة واضحة إلى الدعم العسكري الذي قدّمه حلف شمال الأطلسي للجيش الأوكراني، خلال الحرب الدائرة في أوكرانيا مع روسيا والتي استمرت لأعوام عدة.
وقد يكون الدافع وراء اهتمام بوتين المفاجئ بتحديد التزاماته بمعاهدة «ستارت» الجديدة هو عدد من العوامل.
أولاً: ربما يكون التراجع المفاجئ للرئيس الأميركي دونالد ترامب في موقفه من حرب أوكرانيا، هو ما دفع بوتين إلى إعلانه، ففي الأمم المتحدة هذا الأسبوع، أعلن الرئيس ترامب أن انتصار أوكرانيا ممكن إذا استخدمت قدراتها بصورة جيدة، وخلال الشهر الماضي، أرسل ترامب دفعات جديدة من الأسلحة التقليدية المتطورة إلى كييف، دفع حلفاء «الناتو» ثمن العديد منها، وفق الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الرئيس الأميركي.
ثانياً: قد ترغب روسيا في مزيد من الوقت لمراجعة خططها الخاصة بالتحديث النووي الاستراتيجي، في ضوء التقنيات الناشئة للأسلحة الأسرع من الصوت التي تشكّل خطرا كبيراً على الأهداف العسكرية وحتى المدنية بسبب سرعة وصولها، وكذلك الطائرات من دون طيار، والذكاء الاصطناعي، والحرب السيبرانية، والليزر، والأسلحة التقليدية بعيدة المدى.
ثالثاً: قد تتوقع روسيا ضغوطاً مالية على مواردها المتاحة للتحديث النووي مستقبلاً، في ظل التهديدات الغربية بفرض عقوبات اقتصادية إضافية.
والاحتمال الرابع هو ما ألمح إليه بوتين في إعلانه، اهتمام الولايات المتحدة بنظام دفاع صاروخي، واقترح الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان «مبادرة الدفاع الاستراتيجي» على رئيس الاتحاد السوفييتي حينها، ميخائيل غورباتشوف، والتي أدت إلى قلق كبير بين قادة الاتحاد السوفييتي السابق، وكانت رؤية ريغان متقدمة بسنوات على التقنيات المتوافرة لإنشاء نظام دفاع صاروخي استراتيجي قابل للتنفيذ، وقد قام الرؤساء اللاحقون بتعديل أهداف البرنامج الطموحة للغاية.
القبة الذهبية
ولاشك في أن مشروع «القبة الذهبية» الذي اقترحه الرئيس ترامب يجدد المخاوف الروسية بشأن الدفاع الصاروخي الأميركي، إذ شهدت هذه التكنولوجيا تطوراً ملحوظاً منذ ثمانينات القرن الماضي. وتم إسناد مهمة تطوير ونشر دفاعات صاروخية شاملة للبنتاغون، تشمل صواريخ اعتراضية فضائية قادرة على تتبع الصواريخ الباليستية وتدميرها في مراحلها الأولى من الإطلاق أو ما بعد الإطلاق، ما يحيّد الصواريخ الباليستية التقليدية أو تلك التي تحمل رؤوساً نووية تستخدمها القوى العظمى كسلاح ردع.
ووفق بوتين، فإن نشر الولايات المتحدة نظاماً شبيهاً بالقبة الذهبية سيكون إجراء «مزعزعاً للاستقرار»، من شأنه أن «يبطل جهودنا للحفاظ على الوضع الراهن في مجال الأسلحة الهجومية الاستراتيجية»، وفي هذه الحالة سترد روسيا «بشكل مناسب».
ومن الواضح أن روسيا تريد وقتاً لتحديد مدى تهديد الخطط الأميركية للتحديث الهجومي والدفاعي الذي يشكّل تهديداً رئيساً للردع النووي الاستراتيجي الروسي، وتُقدّر روسيا قدرة العلوم والتكنولوجيا الأميركية على تلبية توقعات مخططي الدفاع، وبناء قدرات جديدة للمنافسة العسكرية في الفضاء.
ويحظى البرنامج الفضائي العسكري الأميركي بالتحفيز أيضاً جراء التنافس مع الصين التي تنوي التغلب على الولايات المتحدة في مجال الفضاء التجاري والعسكري.
قوة نووية عظمى
وتطمح الصين إلى أن تصبح قوة نووية عظمى ثالثة إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا، وهي تمتلك الآن قوة مالية كبيرة تسمح لها بتصنيع قدرات نووية واسعة، ويشكل التعاون العسكري بين روسيا والصين ضغطاً إضافياً لتحديث القوات النووية الاستراتيجية الأميركية، إضافة إلى البحث والتطوير في مجال الدفاعات الاستراتيجية المضادة للصواريخ.
ووسط هذه التحديات السياسية والتكنولوجية، تستطيع الولايات المتحدة وروسيا - بل يجب عليهما - الموافقة على اتفاق لحل منطقي لتمديد معاهدة «ستارت» الجديدة لعام آخر، وتكون إحدى المسائل المطروحة هي ما إذا كان ينبغي إعادة العمل ببروتوكولات الرصد والتحقق التي جمّدتها روسيا عام 2023، عندما علقت رسمياً مشاركتها في مشاورات معاهدة «ستارت» الجديدة، مع إعلانها، في الوقت نفسه، أنها ستواصل الالتزام بالقيود الكمية على الأسلحة والقاذفات المنصوص عليها في المعاهدة.
وإذا كان بوتين جاداً بشأن التزاماته بتمديد اتفاقية «ستارت الجديدة» فيجب أن تكون إعادة تفعيل نظام المراقبة والتحقق مطروحة على طاولة المفاوضات، وسواء كانت التطورات في حرب أوكرانيا ستلقي بظلالها على التعاون في موضوع الأسلحة النووية أم لا، فإنه لايزال أمراً لا يمكن التنبؤ به في الوقت الحالي، ومع ذلك توجد قيمة متأصلة في الحفاظ على قنوات التواصل الحالية للاستشارات النووية، حتى في ظل وجود عقبات في مكان آخر، لكن الجدير بالذكر أن مفاوضات الحد من الأسلحة النووية استمرت بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي خلال أسوأ سنوات الحرب الباردة، وفي ظل حكم رؤساء جمهوريين وديمقراطيين على حد سواء، فضلاً عن سلسلة من القادة السوفييت. عن «ناشيونال إنترست»
• إذا كان بوتين جاداً بشأن التزاماته بتمديد اتفاقية «ستارت» الجديدة، فيجب أن تكون إعادة تفعيل نظام المراقبة والتحقق مطروحة على طاولة المفاوضات.
• قد يكون الدافع وراء اهتمام بوتين المفاجئ بتحديد التزاماته بمعاهدة «ستارت»، هو التراجع المفاجئ لترامب في موقفه من حرب أوكرانيا.