اخبار الإمارات

الخليج أونلاين

سياسة

"الدبلوماسية الجماعية" في غزة.. لغة جديدة للموقف الدولي

"الدبلوماسية الجماعية" في غزة.. لغة جديدة للموقف الدولي

klyoum.com

يوسف حمود - الخليج أونلاين

الدبلوماسية الجماعية هي صيغة عمل تتبناها عدة دول للتعامل مع أزمة أو ملف سياسي أو إنساني

ضمن جهود وقف الحرب في غزة واحتواء تداعياتها، تصاعدت خلال الأشهر الماضية موجة من البيانات الجماعية التي أصدرتها تكتلات عربية وإسلامية وغربية في وقت متقارب، لتعبر عن ظاهرة تُعرف بـ "الدبلوماسية الجماعية".

هذا النمط الدبلوماسي القائم على الموقف الموحد والتحرك المنسق بات سمة لافتة في السياسة الدولية منذ بداية الحرب، خصوصاً بعدما اتسع نطاق الأطراف المنخرطة في الملف الفلسطيني – الإسرائيلي إلى مستويات غير مسبوقة.

وتعتمد هذه المقاربة على موقف موحد تصدره مجموعة دول أو تكتلات إقليمية للتعبير عن رؤية مشتركة أو دعوة محددة، بدلاً من تحركات فردية، وفي حالة غزة أصبحت البيانات الجماعية أداة سياسية تُستخدم لتثبيت مواقف، وخلق ضغط دبلوماسي متزايد على الأطراف المعنية بالنزاع.

الدبلوماسية الجماعية

الدبلوماسية الجماعية هي صيغة عمل تتبناها عدة دول، للتعامل مع أزمة أو ملف سياسي أو إنساني عبر إصدار بيان موحد أو اتخاذ خطوة جماعية.

هذه الصيغة ليست جديدة في العلاقات الدولية، لكنها برزت بقوة منذ الحرب الروسية-الأوكرانية، وازدادت وضوحاً مع تصاعد الحرب في غزة.

كما أن جوهر هذه الممارسة يكمن في السعي إلى "تجميع القوة السياسية" لدول متوسطة وصغيرة وأحياناً تنضم لها دول كبيرة، لتظهر بموقف واحد يوازي ثقل القوى الكبرى.

وفي الأزمات الإنسانية تستخدم الدول هذه الآلية لتأكيد موقفها الأخلاقي والقانوني المشترك أمام المجتمع الدولي.

وفي حالة غزة أصبحت البيانات الجماعية وسيلة لترسيخ مبدأ "المسؤولية الدولية" عن حماية المدنيين ورفع المعاناة الإنسانية.

ورغم أن هذه البيانات لا تملك قوة إلزامية، إلا أنها تمثل مؤشراً على تكون جبهة دبلوماسية دولية تتحدث بلغة واحدة بشأن الحرب، بعد شهور من الانقسام السياسي بين الغرب والشرق.

حرب غزة والبيانات

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، في أكتوبر 2023، صدرت مئات البيانات من دول ومنظمات، لكن ما ميز عام 2025 تحديداً هو التحول إلى الموقف الجماعي، حيث باتت الدول تفضل صياغة بيانات مشتركة بدل الإعلانات المنفصلة.

وشهد شهر يوليو الماضي وحده صدور بيان مشترك من 28 دولة غربية دعا إلى "إنهاء الحرب فوراً"، وآخر من تكتل عربي-إسلامي، في أغسطس الماضي، طالب بـ"وقف شامل للقتال".

ومع اقتراب نهاية الحرب، في أكتوبر الجاري، صدرت ثلاثة بيانات خلال أسبوعين شملت أطرافاً من الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة وتركيا وقطر.

وخلال النصف الثاني من العام 2025 صدرت عدة بيانات من جهات دولية مختلفة، أجمعت على ضرورة الوقف الفوري للحرب، وتسهيل دخول المساعدات، ورفض التهجير، وإطلاق الأسرى، وتهيئة مسار سياسي طويل الأمد هي:

- 21 يوليو 2025: بيان مشترك من 28 دولة بينها بريطانيا وكندا وأستراليا واليابان ودول أوروبية أخرى، دعا إلى إنهاء الحرب وفتح الممرات الإنسانية.

- 15 أغسطس 2025: بيان وزراء خارجية 31 دولة عربية وإسلامية ضمن جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، رفض التهجير القسري ودعا لإعادة إعمار غزة تحت إشراف فلسطيني.

- 6 أكتوبر 2025: بيان الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، شدد على دعم الجهود الإنسانية والأمن البحري في المنطقة، ودعا إلى حل سياسي مستدام.

- 5 أكتوبر 2025: بيان مشترك من تركيا والأردن والإمارات وقطر والسعودية ومصر وباكستان وإندونيسيا، طالب بوقف فوري لإطلاق النار وإطلاق المحتجزين وعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة.

- 13 أكتوبر 2025: بيان مشترك من مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة أعلن دعم اتفاق الهدنة، وأكد التزامات بإعادة الإعمار.

- 23 أكتوبر 2025: بيان صادر عن 15 دولة عربية وإسلامية بينها السعودية وقطر وعُمان وتركيا دان مشروع ضم الضفة الغربية واعتبره انتهاكاً للقانون الدولي.

قوتها وزخمها!

يرى الباحث في العلاقات الدولية عماد كمال أن الدبلوماسية الجماعية تقدمت إلى واجهة المشهد خلال حرب غزة، بعد أن تحولت البيانات المشتركة إلى الأداة الأكثر استخداماً لتوصيل المواقف الدولية.

كما يشير إلى أن الدول باتت تصوغ بيانات جماعية بدلاً عن التحركات المنفردة، حيث تجمع أطرافاً من الشرق والغرب، في محاولة لتوحيد الخطاب أمام كارثة إنسانية غير مسبوقة.

ويوضح لـ"الخليج أونلاين" بقوله:

- منذ منتصف 2025، انتقلت المبادرات من بيانات غربية منفردة إلى بيانات عربية-إسلامية واسعة، ثم إلى صيغ هجينة ضمت الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي في بيان واحد، وتركيا وقطر ومصر إلى جانب الولايات المتحدة في أخرى.

- هذا التنوع منح الموقف الدولي زخماً سياسياً، ورسالة بأن غزة لم تعد قضية إقليمية بل اختباراً جماعياً للنظام الدولي.

- لكن الزخم السياسي لم يُترجم إلى نتائج ملموسة، فوقف الحرب لا يزال هشاً، والمساعدات تمر عبر تفاهمات جزئية، ومشاريع الإعمار لم تبدأ فعلياً، والسبب هو غياب آلية تنفيذ أو التزام إلزامي يجعل البيانات أكثر من مجرد إعلان نوايا.

- تراجع البيانات المنفردة لصالح البيانات الجماعية منح الخطاب السياسي شرعية أوسع، لكنه قيد حركته؛ فكل بيان يحتاج إلى توافق مسبق بين عواصم مختلفة، ما يجعل لغته أكثر حذراً وأبطأ في الصدور، وهنا يتحول التنسيق إلى عامل إبطاء بدل أن يكون عنصر ضغط.

- رغم محدودية النتائج، فإن تراكم هذه البيانات يعكس تحولاً في طبيعة الخطاب الدولي، فلم يعد الانفراد بالموقف خياراً مريحاً، بل باتت المسؤولية جماعية عن حماية المدنيين وضبط إيقاع الحرب.

- مع استمرار الغموض في مسار الحل، تبقى الدبلوماسية الجماعية سلاحاً رمزياً يُستخدم لحفظ الحد الأدنى من التواصل بين القوى المنقسمة، ولتسجيل موقف تاريخي جماعي أمام حربٍ جعلت العالم أكثر اتفاقاً على العجز من اتفاقه على الفعل.

*المصدر: الخليج أونلاين | alkhaleejonline.net
اخبار الإمارات على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com