اخبار الإمارات

الخليج أونلاين

سياسة

الإمارات تقود التحوّل البيئي.. من الحماية إلى اقتصاد إيجابي للطبيعة

الإمارات تقود التحوّل البيئي.. من الحماية إلى اقتصاد إيجابي للطبيعة

klyoum.com

طه العاني - الخليج أونلاين

ما الهدف من انعقاد المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة 2025 في أبوظبي؟

تسريع الجهود الدولية لتحقيق التوازن بين التنمية والاستدامة.

ما أبرز المبادرات البيئية التي تبنتها الإمارات حتى 2030؟

استزراع 100 مليون شجرة قرم وتوسيع المحميات الطبيعية.

تستأنف دولة الإمارات دورها الدولي في صياغة مستقبل السياسات البيئية، باستضافتها المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة 2025 في أبوظبي، تحت شعار "تعزيز الجهود النوعية للحفاظ على الطبيعة".

ويُنظم الحدث للمرة الأولى في منطقة الخليج العربي من قبل الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، بما يكرّس موقع الإمارات كمنصة دولية تجمع الحكومات والمنظمات والخبراء لرسم ملامح مرحلة جديدة في حماية البيئة العالمية.

رؤية استدامة

ويأتي انعقاد المؤتمر في لحظة حرجة يشهد فيها العالم تصاعداً في أزمات المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، ما يضع استضافة الإمارات في سياق دورها المتنامي كدولة تسعى إلى تحقيق توازن عملي بين التنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية.

وأكد ولي عهد أبوظبي، الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، خلال افتتاح المؤتمر في 9 أكتوبر 2025، أن حماية البيئة تشكّل ركناً محورياً في مسيرة التنمية الإماراتية، موضحاً أن الدولة طورت نموذجاً يقوم على دمج مبادئ الاستدامة في جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.

وأشار في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الإماراتية إلى أن الإمارات تمتلك سجلاً نوعياً في إدارة الموارد الطبيعية، إذ تغطي المحميات أكثر من 15% من مساحة الدولة، إلى جانب برامج لإعادة تأهيل النظم البيئية وصون الأنواع المهددة بالانقراض.

وأضاف أن تحقيق التوازن بين التنمية والحفاظ على الطبيعة يمثل ضمانة لمستقبل الأجيال القادمة، وهو مبدأ رسّخته القيادة في جميع خططها الوطنية.

وشهد الافتتاح حضور شخصيات دولية بارزة، من بينهم رئيس جمهورية بالاو سورانجل ويبس جونيور، والأميرة للا حسناء رئيسة مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، والأمير حسنال إبراهيم عالم شاه من ماليزيا.

إضافة إلى حضور عدد من قادة المنظمات الدولية، من بينهم إليزابيث مريما نائبة المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وسيلفيا إيرل مؤسسة مبادرة "ميشن بلو".

التزام عالمي

وتعكس استضافة المؤتمر في أبوظبي مكانة الإمارات كشريك رئيسي في الجهود الدولية للحفاظ على البيئة، إذ تندرج ضمن الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي 2031.

وتستهدف الاستراتيجية الإماراتية تعزيز الحلول القائمة على الطبيعة، واستعادة النظم البيئية المتضررة، وحماية الأنواع المهددة مثل المها العربي والمها الإفريقي (أبو حراب).

كما تواصل الإمارات دعم المبادرات الدولية الرامية إلى مكافحة التلوث البحري، وحماية الأنهار والمحيطات، وزيادة حصة الطاقة المتجددة، فضلاً عن تعزيز الأمن الغذائي والمائي العالمي من خلال ابتكارات بيئية مستدامة.

ويعد المؤتمر فرصة لتقوية العمل الجماعي نحو تحقيق أهداف إطار كونمينغ - مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي، والوفاء بالتزامات عام 2030 المتعلقة بخفض الانبعاثات وتحقيق الحياد الكربوني.

ومع مشاركة الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) — وهو أكبر شبكة بيئية تضم الحكومات والخبراء — تتحول أبوظبي إلى منصة لتشكيل توجهات جديدة في حماية البيئة العالمية، تعكس الطموح الإماراتي في قيادة مرحلة أكثر استدامة وتعاوناً على المستوى الدولي.

الإمارات تقود البيئة

ويؤكد الكاتب المتخصص بقضايا البيئة، زاهر هاشم، أن هذه الاستضافة تعكس قدرة الإمارات على الجمع بين الدبلوماسية البيئية والاستثمارات الضخمة في الابتكار والاستدامة، ما يضعها في موقع يؤهلها للتأثير في القرارات البيئية الكبرى.

ويلفت هاشم في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن الإمارات أظهرت أداءً متميزاً في مجال السياسات البيئية والتكنولوجيا الخضراء، مما يعزز مكانتها كقائد إقليمي في هذا المجال.

ويرى أن المؤتمر يتيح للدول النامية منصة فريدة لإبراز إمكانياتها في تطوير سياسات مبتكرة، ويعيد النظر في دور الدول الكبرى التي غالباً ما تتحكم في المعايير العالمية.

ويضيف أن عرض التجارب الإماراتية الناجحة، مثل مشاريع الطاقة الشمسية وبرامج التشجير، قد يغير التصور حول أن الابتكار البيئي لا يقتصر على النماذج التقليدية الرائدة، مما يفتح المجال لتوزيع أكثر عدالة للقيادة البيئية على الصعيد الدولي.

ويبين أن المقاربة الإماراتية تتميز بدمج الاستدامة مع الرؤية الاقتصادية طويلة الأمد، فبدلاً من النظر إلى الاستدامة كتكلفة أو مجرد التزام تنظيمي، تراها الإمارات فرصة استثمارية.

ويتابع أن هذا التوجه يهدف إلى تعزيز التنوع الاقتصادي وخلق وظائف خضراء وتحفيز الابتكار في قطاع الطاقة النظيفة، وهذا ما يختلف عن النماذج التقليدية التي تفصل غالباً بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

ويعتقد هاشم أن المبادرات الطموحة مثل برنامج استزراع مئة مليون شجرة، تعكس نموذجاً عملياً للتحول البيئي العادل، حيث يجمع بين الحد من الانبعاثات وتحسين جودة الحياة وتحفيز المشاركة المجتمعية. ويردف أن هذا المشروع يعزز مرونة النظم البيئية الساحلية في مواجهة تغير المناخ وزيادة امتصاص الكربون.

ويلفت إلى أنه إذا تم توثيق نتائج هذه المبادرات ونشرها عالمياً، فإنها قد تصبح نموذجاً يحتذى به للدول الأخرى، خصوصاً في مجالات استعادة البيئة وإدارة الموارد الطبيعية، مؤكداً أن هذا المسار يخلق إطاراً عالمياً جديداً للتحول البيئي المستدام والشامل.

مسار التحول البيئي

وتسعى الإمارات من خلال المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة 2025 إلى بلورة تحول بيئي شامل يربط بين حماية التنوع البيولوجي والتنمية المستدامة والابتكار العلمي، في إطار رؤية تتعامل مع البيئة بوصفها ركيزة للنهضة الاقتصادية والاجتماعية معاً.

ويمثل هذا التحرك امتداداً لإرث بيئي متجذر في سياسات الدولة منذ عقود، إذ انطلقت الرؤية الإماراتية من قناعة بأن ازدهار الإنسان مرتبط بصحة البيئة.

فقد تبنت الدولة مبادرات نوعية مثل برنامج استزراع 100 مليون شجرة قرم بحلول عام 2030، وتطوير سفن أبحاث بحرية حديثة، وإطلاق منصات وطنية لتقنيات المناخ، ما يعكس انتقالها من مرحلة المبادرات المحلية إلى مستوى التأثير العالمي في قضايا الطبيعة والمناخ.

ويواكب برنامج المؤتمر حجم الطموحات المطلوبة لمواجهة الأزمات البيئية المترابطة، من فقدان التنوع البيولوجي إلى تحديات التنمية غير المستدامة، عبر الإعلان عن النسخة المحدثة من القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض، وإطلاق قائمة أوروبية جديدة خاصة بالملقحات، إضافة إلى عرض أحدث توقعات التراث العالمي.

كما يتضمن المؤتمر جوائز دولية مرموقة تكريماً للمساهمات في حماية النظم البيئية، في حين تنعقد جمعية أعضاء الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة بمشاركة أكثر من 1400 عضو لمناقشة أكثر من 200 مقترح ترسم ملامح العقد البيئي المقبل.

وترى وكيل الوزارة المساعد لقطاع التنوع البيولوجي والأحياء المائية في وزارة التغير المناخي والبيئة بالوكالة، هبة عبيد الشحي، أن التزام الإمارات تجاه الطبيعة يستند إلى إرث الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي رسّخ مبدأ الانسجام بين الإنسان وبيئته.

وأكدت الشحي في تصريحات نشرتها صحيفة الخليج الإماراتية في 8 أكتوبر 2025، أن المؤتمر يعكس تحول الإمارات نحو اقتصاد إيجابي للطبيعة يقوم على التعاون الدولي والتقنيات الحديثة.

من جانبها، أوضحت مديرة الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، الدكتورة غريثل أغيلار، أن الإمارات أصبحت منصة عالمية للحلول المستندة إلى العلم والسياسات والمشاركة المجتمعية، مشيرة إلى أن الحدث يمثل نقطة تحول لتوسيع نطاق الحلول القائمة على الطبيعة وتسريع تنفيذ الإطار العالمي للتنوع البيولوجي.

ويعكس تنوع المتحدثين والمشاركين في المؤتمر — من قادة الاتفاقيات الدولية إلى رواد الأبحاث البيئية — عمق الرؤية التي تتبناها الإمارات في دمج المعرفة العلمية مع الممارسات المحلية، بما يسهم في إعادة صياغة مفهوم التنمية المستدامة على أسس أكثر تكاملاً وشمولاً.

ومع ما يطرحه المؤتمر من مسارات عملية وتعاون دولي واسع، يبدو أن أبوظبي تمهد لتشكيل استراتيجية بيئية عالمية أكثر شمولاً وعدلاً واستدامة، تتجاوز حدود الالتزامات إلى واقع تنفيذي ملموس يربط بين البيئة والتنمية والاقتصاد الأخضر.

*المصدر: الخليج أونلاين | alkhaleejonline.net
اخبار الإمارات على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com