الإمارات نحو الصين.. شراكة تعليمية نوعية لتعزيز قدرات الكفاءات الوطنية
klyoum.com
أخر اخبار الإمارات:
إنفستكورب تتخارج من 12 أصلا عقاريا في أمريكا مقابل 550 مليون دولارطه العاني - الخليج أونلاين
- تهدف الشراكة الإماراتية التعليمية مع الصين إلىتعزيز قدرات الطلبة الإماراتيين بفرص تعليمية عالمية في مجالات استراتيجية.
- عدد الطلاب الإماراتيين المبتعثين إلى الصين يبلغأكثر من 70 طالباً وسيرتفع إلى 300 طالب خلال سنوات قليلة.
تواصل دولة الإمارات خططها لبناء شراكات تعليمية دولية تُعزّز من جاهزية كوادرها الوطنية للمستقبل، ويبرز التعاون مع الصين بوصفه نموذجاً لهذه الشراكات النوعية.
وتهدف الشراكة الأكاديمية الإماراتية-الصينية إلى خلق بيئة تعليمية متعددة الأبعاد، تدعم الاقتصاد المعرفي وتستجيب لمتطلبات التنمية الوطنية، وتمثّل فرصة استراتيجية للاستفادة من منظومات أكاديمية متقدّمة، وبيئات بحثية داعمة للابتكار، وتجارب ثقافية متكاملة.
شراكة أكاديمية
وفي إطار ذلك، شهدت العاصمة الصينية بكين، في 18 مايو الجاري، توقيع مذكرات تفاهم بين "مكتب البعثات الدراسية" وسبع جامعات صينية رائدة، بحضور السفير الإماراتي لدى الصين حسين بن إبراهيم الحمادي، ومدير المكتب جمعة عتيق الرميثي، وعدد من ممثلي الجامعات والجهات المعنية، وفق ما نقلته وكالة أنباء الإمارات (وام).
وتسهم هذه المذكرات في فتح آفاق جديدة أمام الطلبة الإماراتيين من خلال توفير فرص ابتعاث نوعية في مؤسسات أكاديمية متقدمة، تتخصص في مجالات الابتكار والعلوم والتكنولوجيا، كما تشمل الاتفاقيات مسارات تدريبية بالتعاون مع شركات صينية كبرى، بما يعزز مواءمة مخرجات التعليم العالي مع متطلبات السوق المحلي والدولي.
ونقلت صحيفة "الإمارات اليوم" عن الأمين العام لديوان الرئاسة ونائب رئيس مجلس إدارة مكتب البعثات الدراسية، أحمد بن محمد الحميري، تأكيده أن هذه الخطوة تعكس توجه المكتب نحو تنويع شراكاته العالمية، ما يسهم في الارتقاء بجودة التعليم وتطوير مهارات الكوادر الوطنية ضمن بيئات أكاديمية محفّزة.
من جهته، أشار السفير حسين الحمادي إلى أن التعليم يمثّل أحد أعمدة التعاون الاستراتيجي بين الإمارات والصين، لافتاً إلى أن التبادل الأكاديمي والثقافي يحمل فرصاً حقيقية لإرساء جسور متينة من التفاهم والتنمية المشتركة.
واعتبر الحمادي أن "كل مذكرة تُوقّع اليوم تفتح نافذة جديدة نحو شراكة مستدامة تُبنى على الثقة والاحترام المتبادل".
وتشكل هذه التفاهمات خطوة نحو توسيع فرص الابتعاث للطلبة الإماراتيين في مؤسسات أكاديمية مرموقة، وتهيئة بيئة تعليمية متقدمة تدعم تطلعات الدولة في الابتكار والبحث العلمي، إلى جانب توفير برامج تدريبية بالشراكة مع كبرى الشركات الصينية في مجالات العلوم والتكنولوجيا.
فرص نوعية
ويقول الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحيم الهور، إن توقيع هذه الاتفاقيات يأتي في إطار رؤية الإمارات 2031، التي تضع التعليم والتكنولوجيا والبحث العلمي في صلب سياساتها التنموية، وتسعى إلى بناء منظومة متكاملة تستثمر في العقول وتؤسس لمجتمع تنافسي عالمي الأداء.
ويبين الهور لـ"الخليج أونلاين" أن الصين تُعد اليوم شريكاً استراتيجياً ليس فقط في المجال الاقتصادي، بل أيضاً في ميدان المعرفة والابتكار.
ويشير إلى أن الجامعات الصينية تمتاز بتركيزها على الجوانب التطبيقية والبحثية، وتتعمق في مجالات كالذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والصناعات المتقدمة، وهذه المجالات هي أولوية وطنية للإمارات في العقد القادم.
ويؤكد الهور بأن الطلبة الإماراتيين الذين سيلتحقون بهذه الجامعات سيحصلون على فرص نوعية، ليس فقط على المستوى الأكاديمي، بل أيضاً في التفاعل مع واحدة من أسرع التجارب التنموية في العالم.
ويردف: "من خلال الاحتكاك المباشر بالبيئة العلمية والاقتصادية الصينية، سيكتسبون مهارات معرفية ومهنية متقدمة، تؤهلهم للعب أدوار قيادية في سوق العمل المحلي والدولي".
علاوة على ذلك، يرى الهور أن الصين توفر بيئة دراسية منفتحة ومتقدمة بتكلفة أقل نسبياً من نظيراتها في الغرب، مما يفتح المجال أمام عدد أكبر من الطلبة الإماراتيين للاستفادة من برامج تعليمية ذات جودة عالية دون أعباء مالية كبيرة.
وفي ظل التحولات التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها العالم، يؤكد الهور على تزايد الحاجة إلى مخرجات تعليمية مرنة ومبدعة، قادرة على التكيف مع متطلبات الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي.
وهنا تبرز أهمية هذه الشراكات التعليمية في خلق جيل جديد من الكفاءات الإماراتية المتمكنة، التي ستسهم في دعم تنافسية الدولة وتحقيق الاكتفاء العلمي والمعرفي.
ويختتم الهور حديثه بالقول، إن هذه الخطوة ليست مجرد اتفاق أكاديمي عابر، بل هي استثمار استراتيجي بعيد المدى، يرسخ مكانة الإمارات كلاعب فاعل في الاقتصاد العالمي الجديد، ويؤكد أن الرهان الحقيقي للمستقبل يكمن في المعرفة، والابتكار، وبناء الإنسان.
تخصصات استراتيجية
تشمل المرحلة الأولى من الاتفاقيات الأكاديمية 7 جامعات صينية تُعد من أبرز المؤسسات البحثية والتعليمية في آسيا، وهي: جامعة "شانغهاي جياوتونغ"، جامعة "فودان"، جامعة "شيان جياوتونغ"، "معهد بكين للتكنولوجيا"، جامعة "بكين للغة والثقافة"، جامعة "شرق الصين للمعلمين"، وجامعة "شرق الصين للعلوم والتكنولوجيا".
ويأتي اختيار هذه الجامعات لما تتمتع به من تميز أكاديمي ومكانة مرموقة في مجالات العلوم والهندسة والتقنيات المتقدمة.
وتسعى هذه الشراكات إلى تمكين الطلبة الإماراتيين من الاستفادة من منظومات تعليمية متقدمة، بما يعزز جاهزيتهم لسوق العمل المستقبلية، لا سيما في التخصصات ذات الأولوية الوطنية، مثل الذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة، وهندسة البرمجيات، والبحث العلمي التطبيقي.
وتشير بيانات "مكتب البعثات الدراسية" إلى توسّع ملحوظ في حجم الابتعاث إلى الجامعات الصينية خلال السنوات الأخيرة، حيث يسجّل الطلبة الإماراتيون حضوراً متزايداً في تخصصات استراتيجية تلبي احتياجات الدولة من الكفاءات المؤهلة.
وتندرج هذه الجهود ضمن رؤية شاملة تهدف إلى بناء قاعدة وطنية من الباحثين والمهنيين القادرين على قيادة مسارات التنمية، مستندين إلى تعليم نوعي وتجارب أكاديمية عالمية المستوى.
ونظّم مكتب البعثات الدراسية، في 24 فبراير الماضي، "ملتقى الطلبة المبتعثين إلى الصين"، بهدف تعزيز التواصل المباشر مع الطلبة ودعمهم أكاديمياً ومعنوياً خلال فترة ابتعاثهم.
وبحسب وكالة "وام"، شهد الملتقى، الذي عُقد في أبو ظبي، عرضاً تعريفياً بالمكتب ومحاضرات إرشادية، إلى جانب جلسات حوارية واجتماعات فردية مع المرشدين الأكاديميين، وأبرز الحدث نجاح الطلبة في تحقيق تكامل ثقافي وأكاديمي ملحوظ، تجلّى في إتقانهم للغة الصينية وانخراطهم في الحياة الجامعية، مما يعزز من فرص تبادل المعرفة بين الثقافتين الإماراتية والصينية.
وسجّلت العلاقات الثقافية بين الإمارات والصين نمواً متسارعاً، تجلى في تبادل الزيارات الطلابية والثقافية وتوقيع العديد من الاتفاقيات، وأسهم مركز الشيخ زايد في بكين، منذ تأسيسه عام 1990، في نشر اللغة والثقافة العربية بالصين.
وذكرت "وام"، في سبتمبر 2024، أنّ التعليم يعدّ عنصراً محورياً في العلاقة الثقافية، حيث وقع البلدان في 2015 مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون الأكاديمي وتبادل المنح، وفي 2019، أُطلق مشروع تدريس اللغة الصينية في مدارس الإمارات، ليصل إلى أكثر من 71 ألف طالب في 171 مدرسة.
وكشف مكتب البعثات الدراسية بديوان الرئاسة، في سبتمبر الماضي، عن ارتفاع عدد الطلبة الإماراتيين المبتعثين إلى الصين من 5 طلاب في عام 2023 إلى 70 طالباً، للدراسة في برامج البكالوريوس والماجستير، ويخطط المكتب لرفع العدد إلى 300 مبتعث خلال السنوات المقبلة.