كيف يؤثر تصاعد التوتر بين الهند وباكستان في مصالح الخليج معهما؟
klyoum.com
أخر اخبار الإمارات:
الذهب يهبط 2.5 بفعل هدوء التوترات التجاريةيوسف حمود - الخليج أونلاين
تتمتع دول الخليج بعلاقات اقتصادية متنامية مع كل من الهند وباكستان، وتشمل استثمارات ضخمة في قطاعات متنوعة.
تشهد الهند وباكستان تصعيداً غير مسبوق بعد الهجوم في باهالغام في 29 أبريل 2025، وتداعياته العسكرية التي وصلت إلى اشتباك مباشر بين الدولتين النوويتين.
وتنعكس تداعيات هذا التصعيد العسكري على العلاقات الخليجية مع البلدين، حيث يخشى أن تؤدي الأوضاع الراهنة إلى مخاطر اقتصادية، في وقتٍ تعمل دول الخليج بشكل دبلوماسي على إنهاء هذه الأزمة.
كما تتمتع دول الخليج بعلاقات اقتصادية متنامية مع كل من الهند وباكستان، وتشمل استثمارات ضخمة في قطاعات متنوعة، وهو ما يجعلها عرضة للتأثر بأي صراع بين البلدين، فضلاً عن أن نحو 9 ملايين هندي و3 ملايين باكستاني يعيشون في الخليج، فهل يكون لهذا التصعيد تأثير على دول الخليج؟
تصعيد واتصالات خليجية
وشهدت الحدود بين الهند وباكستان تصعيداً بعد هجوم في منطقة بلهامغام الهندية أسفر عن مقتل 26 شخصاً، تبنته جماعة تقول الهند إنها مدعومة من باكستان وهو ما تنفيه الأخيرة، ما أدى إلى أزمة سياسية ودبلوماسية وتهديدات من الجانبين.
وفي الـ6 من مايو 2025، شنت نيودلهي عملية عسكرية تحت اسم "عملية سيندور"، مستهدفة مواقع عسكرية في باكستان وكشمير الباكستانية، لترد إسلام آباد عسكرياً بهجوم أسفر عن إسقاط 5 طائرات حربية ومهاجمة منشآت عسكرية، مما زاد من التوترات بشكل كبير.
هذه التطورات دفعت دولاً خليجية للتحرك لاحتواء التوتر المتصاعد بين الهند وباكستان، في مسعى دبلوماسي لتفادي اندلاع مواجهة عسكرية واسعة بين الجانبينحيث تحتفظ بعلاقات وثيقة مع الطرفين، مما يعزز فرص قيامها بدور الوسيط المحايد ضمن جهود دعم الاستقرار الإقليمي. ومن أبرز تحركات دول الخليج:
التأثيرات الاقتصادية والتجارية
وخلال العام الماضي 2024، وصل التبادل التجاري بين الهند ودول الخليج إلى ما بين 160 – 180 مليار دولار سنوياً، مع صادرات هندية تُقدر بنحو 56.3 مليار دولار تشمل الحبوب، والمجوهرات، والأقمشة الاصطناعية.
كما سبق أن اتفقت الرياض بشكل مبدئي مع الهند على ضخ استثمارات قيمتها نحو 100 مليار دولار، نصفها مخصص لمشروع مصفاة السعيد النفطية على طول الساحل الغربي الهندي، كما قالت الإمارات إنها ستستثمر نحو 50 مليار دولار، فيما قالت قطر إنها ستضخ 10 مليارات دولار أيضاً في استثمارات مختلفة.
لكن التصعيد العسكري الحالي قد يؤثر تأثيراً كبيراً على هذه الأرقام، خاصة في ظل إلغاء عدد من الرحلات الجوية بين الهند والخليج نتيجة لحظر مرورها عبر الأجواء الباكستانية، حيث يُتوقع أن يتسبب هذا في تعطيل بعض الصفقات التجارية المهمة بين الطرفين.
وفي الوقت نفسه، تعد باكستان شريكاً تجارياً مهماً لدول الخليج، حيث تسعى الأخيرة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي معها من خلال مشاريع مشتركة في مجالات الطاقة والصناعة،غير أن الوضع الحالي قد يعوق هذه الخطط.
ويعد قطاع الطيران من أكثر القطاعات تأثراً في الأزمة الحالية، حيث ألغت العديد من شركات الطيران رحلاتها عبر الأجواء الباكستانية بسبب الاشتباكات العسكرية.
وأوقفت شركات: الاتحاد للطيران، وطيران الإمارات، والخطوط الجوية الإماراتية، رحلاتها من مطارات دبي وأبو ظبي، إلى مطارات في الهند وباكستان بشكل مؤقت.
كما أعلنت الخطوط الجوية القطرية تعليق رحلاتها الجوية إلى باكستان مؤقتاً، بسبب إغلاق المجال الجوي الباكستاني.
الخليج ودولتا الصراع
في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يرى الباحث في العلاقات الدولية محمد الصرمي أنه في حال تصاعدت التوترات وتطورت الاشتباكات، ستواجه دول الخليج معضلة استراتيجية حقيقية، خصوصاً إذا ما تحول التصعيد الهندي – الباكستاني إلى حرب شاملة.
ويضيف أن ذلك "يرجع إلى الموقع الجغرافي لدول الخليج التي تقع بين مسارين بحريين رئيسيين هما البحر الأحمر وبحر العرب، ويربطها مباشرة بمضيق هرمز وخليج عمان، اللذين يعتمدان على الأمن البحري لضمان تدفق النفط والغاز إلى الأسواق الآسيوية والغربية"، موضحاً أيضاً:
- أي اضطراب عسكري في المياه المجاورة أو فرض حظر جوي على الأجواء الباكستانية سيؤدي فوراً إلى إعادة رسم مسارات الشحن.
- هذا يعني رفع تكلفة النقل البحري والجوي بنسب قد تبلغ 20 إلى 30% بحسب تقديرات ميدانية أولية.
- سياسياً، ستُضطر دول الخليج إلى اتخاذ مواقف دقيقة ومتوازنة لتجنب انتقاد أو مقاطعة من جانب أحد الخصمين النوويين.
- أي انحياز واضح لطرف دون الآخر قد يجر تبعات دبلوماسية تتضمن تقليصاً في التعاون الأمني والاستخباراتي، ما يفاقم المخاطر الأمنية على الحدود البحرية والجوية.
- أما البعد الاقتصادي فلا يقتصر على التحويلات المالية للعمالة، بل يمتد إلى سلاسل التوريد العالمية.
- الهند استوردت من دول الخليج عام 2024 ما يزيد على 75 مليار دولار من النفط وغاز البترول المسال، فيما تجاوزت وارداتها من الأسمدة والمواد الكيميائية 15 مليار دولار.
- هذه السلع تعتمد بالدرجة الأولى على مسارات بحرية تمر بالقرب من المياه الباكستانية.
- أي انقطاع أو تأخير سيؤدي إلى نقص في المدخلات الصناعية، مما يدفع الشركات الخليجية لإعادة تقييم استثمارات مليارية في قطاعات البتروكيماويات والصناعات التحويلية.
- العمالة الموجودة بالخليج، التي تقدر بنحو 12 مليوناً من البلدين، يشكلون نحو 25% من القوى العاملة الأجنبية.
- أي تذبذب أمني سيؤدي إلى مطالبة جماعية بزيادات في الأجور أو العودة إلى البلدين، وهو ما سيرفع معدلات التضخم المحلية، ويضغط على ميزانيات الشركات والحكومات لزيادة الإنفاق الاجتماعي.
- دور الوساطة الخليجية، خصوصاً لقطر والسعودية، سيكون محورياً في تهدئة الأجواء، لكن ذلك يستلزم تنسيقاً داخلياً بين أعضاء مجلس التعاون لتبني موقف موحد.