أبوظبي والتحول الرقمي: بيئة جاذبة لشركات التقنية والذكاء الاصطناعي
klyoum.com
أخر اخبار الإمارات:
البنك الدولي يحذر من أزمة ديون الأسواق الناشئة ويدعو لخفض التعريفات الجمركيةلندن - الخليج أونلاين
ارتفاع عدد شركات الذكاء الاصطناعي المسجلة في الإمارة بمعدل سنوي مركب قدره 67% بين عامي 2021 حتى 2023.
في ظل التحولات الكبيرة التي يشهدها العالم في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، تتجه الأنظار نحو أبوظبي التي أصبحت وجهة مفضلة للشركات العاملة في هذا القطاع الحيوي.
وكشفت غرفة تجارة وصناعة أبوظبي عن تسجيل نحو 90 شركة جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي خلال النصف الأول من عام 2024، ما يمثل نمواً بنسبة 41.3% مقارنة بالعام الماضي.
ومن هذه الأرقام يتضح أن أبوظبي ليست مجرد مدينة تنعم ببيئة عمل مواتية، بل هي منصة متكاملة تجمع بين التشريعات الداعمة، والبنية التحتية المتطورة، والدعم الحكومي الواسع، والشراكات الأكاديمية، لذلك باتتوجهة مثالية لشركات الذكاء الاصطناعي التي تسعى إلى النمو والتوسع في منطقة الشرق الأوسط والعالم.
إقبال كبير
وبحسب الدراسة شهدت الإمارة خلال النصف الأول من العام الجاري، تأسيس ما معدله شركة ذكاء اصطناعي واحدة كمعدل وسطي كل يومين، ليتصدر قائمة القطاعات الأسرع نمواً من ناحية عدد الشركات التي أنشئت حديثاً.
وكانت دراسة سابقة نشرتها الغرفة خلال شهر فبراير الماضي، كشفت عن ارتفاع عدد شركات الذكاء الاصطناعي المسجلة في الإمارة بمعدل سنوي مركب قدره 67% بين عامي 2021 حتى 2023.
وأظهرت الدراسة الجديدة أن هذا النمو المتسارع لشركات الذكاء الاصطناعي في الإمارة يؤكد التوسع السريع الذي يشهده هذا القطاع على المستوى المحلي، وتنامي الجاذبية الاستثمارية لأبوظبي بوصفها مركزاً رائداً للابتكار التكنولوجي ولممارسة الأعمال على المستويين الإقليمي والعالمي.
وذكرت الغرفة أن النشاط التجاري الخاص بالأبحاث والاستشارات، في مجالي الابتكار والذكاء الاصطناعي، يُعد الأكثر انتشاراً لدى الشركات خلال الربع الثاني من عام 2024، بنسبة تُعادل 69% من إجمالي الأنشطة الأخرى.
ووفق الدراسة، تأتي أنشطة التدريب على الذكاء الاصطناعي في المرتبة الثانية بنسبة 11%، تليها أنشطة إدارة وتشغيل أنظمة الروبوتات، التي شكلت 10%، ثم تجارة الجملة في تدريب الذكاء الاصطناعي التي بلغت 8%، وأنشطة بيع الروبوتات بالتجزئة 2%.
وأضافت أن لغرفة أبوظبي دوراً محورياً في دعم شركات الذكاء الاصطناعي في الإمارة، من خلال توفير منصة للتواصل، والتعاون وتسهيل التبادلات التجارية، وتطوير السياسات لتوفير بيئة مثالية تدعم نموها.
بيئة داعمة
من أبرز العوامل التي تجعل أبوظبي وجهة مفضلة لشركات الذكاء الاصطناعي هي البيئة المرنة، التي توفرها حيث تمكن الشركات من العمل بحرية وتجنب التعقيدات البيروقراطية.
ففي العام 2020،تم تعديل قانون الشركات التجارية في الإمارات للسماح بالملكية الأجنبية الكاملة بنسبة 100% في عدد من القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك قطاع التكنولوجيا.
هذا التعديل ألغى الحاجة إلى وجود شريك محلي بنسبة 51%، مما جعل الإمارات وجهة أكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي المباشر، بما في ذلك الشركات التقنية، كما سهل إجراءات التسجيل والترخيص للشركات التقنية، مما يتيح بدء العمليات التجارية بسرعة وكفاءة.
وفي العام 2021 جرى إقرارقانون حماية البيانات الشخصية الذي يفر إطارًا قانونيًا شاملاً ينظم جمع ومعالجة البيانات الشخصية، مما يضمن حماية الخصوصية والثقة الرقمية، كما جرىإنشاء مركز خاص لمراقبة الامتثال لقوانين حماية البيانات، مما يعزز الثقة لدى الشركات التقنية في التعامل مع بيانات العملاء والمستخدمين.
ولتحفيز الابتكار وريادة الأعمال جرى إقرار قانون الشركات الناشئة في أبوظبي عام 2022، بهدف إلى دعم الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة في مجال التكنولوجيا، وتوفير تسهيلات متعددة تشمل تخفيض الرسوم الإدارية، وتقديم حوافز مالية، وإجراءات مبسطة لتأسيس الشركات.
كما أنه بموجب هذا القانون، يتم تقديم إعفاءات ضريبية لمدة تصل إلى خمس سنوات للشركات الناشئة العاملة في قطاعات الابتكار والتكنولوجيا.
محمد علي الشرفاء الحمادي، رئيس دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، سبق أن قال لمجلة "أكسفورد بزنس غروب" في ديسمبر الماضي، إن "البيئة التشريعية في أبوظبي تتميز بالمرونة والاستجابة السريعة لمتطلبات السوق، مما يعزز من قدرة الشركات على التكيف مع التطورات التكنولوجية".
وفي يوليو الماضي، أكد عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد الإماراتي خلال مشاركته في اجتماعات الدورة الـ 65 لجمعيات الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية "الويبو" في مدينة جنيف بسويسرا أن بلاده "عملت على توفير بيئة وطنية حاضنة لأنشطة ومجالات الملكية الفكرية والابتكار وبراءات الاختراع وفق أفضل الممارسات العالمية، وتوفير الممكنات والتسهيلات الداعمة لنمو المشاريع القائمة على المعرفة والابتكار والبحث والتطوير".
بنية رقمية متقدمة
استثمرت أبوظبي بشكل كبير في تطوير البنية التحتية الرقمية، بما في ذلك مراكز البيانات المتقدمة، وشبكات الاتصالات فائقة السرعة، وتأسيسمجمعات تكنولوجية مثل "Hub71" و"twofour54" توفر بيئات عمل متميزة تجمع بين التكنولوجيا المتقدمة والمساحات المخصصة للابتكار.
كما تقدمالحكومة دعماً مالياً واسعاً للشركات التقنية، خاصة من خلال برامج مثل "غداً 21" الذي يوفر تمويلًا للمشاريع الابتكارية والشركات الناشئة بميزانية 50 مليار دولار، ومبادرات مثل "صندوق محمد بن زايد للابتكار" و"برنامج رأس المال الجريء" بهدف إلى تحفيز الابتكار وجذب الشركات العالمية إلى أبوظبي.
وحول الحوافز والممكنات الاستثمارية التي توفرها إمارة أبوظبي لتأسيس الأعمال، قال راشد عبدالكريم البلوشي وكيل دائرة التنمية الاقتصادية في إمارة أبوظبيعلى هامش فعاليات ملتقى الاستثمار السنوي 2023إن "أبوظبي واصلت خطواتها الحثيثة نحو تعزيز جاذبيتها من خلال تحديث وتوسيع خيارات الإقامة وتأشيرات الدخول وبما ينسجم مع تعزيز تنافسيتها العالمية ويزيد من فرص استقطاب المستثمرين ورواد الأعمال".
أبرز الشركات التقنية التي اختارت أبوظبي لإنشاء مراكز إقليمية تقنية:
كما تحتضن أبوظبي مؤسسات أكاديمية وبحثية مرموقة مثل جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، والتي تسهم في توفير قاعدة مهارات عالية للشركات التقنية، ومراكز الأبحاث والتطوير المنتشرة في الإمارة تشكل منصة قوية للشركات لتطوير تقنياتها بالتعاون مع خبراء عالميين.
وفي نوفمبر الماضي، أكد الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، أن "استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الحيوية سيكون له نتائج واعدة في خَلْقِ أسواقٍ جديدةٍ ذات قيمة اقتصادية عالية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، إضافةً إلى دعم جهود تحقيق تنمية مستدامة شاملة على المدى البعيد".
وأضح خلال إطلاق شركة الذكاء الاصطناعي "AI71" أن "رؤية إمارة أبوظبي هي الاعتماد على الابتكار والتكنولوجيا المتطوِّرة لدفع عجلة التنمية من خلال تعزيز البنية التحتية التقنية ودعم أنظمة البحث والتطوير، بهدف الانتقال إلى اقتصاد قائم على المعرفة".
كما شدد على أن "استخدام الذكاء الاصطناعي لا يقتصر فقط على الارتقاء بالأداء الحكومي ورفع كفاءة الإجراءات الإدارية، بل يمكن الاعتماد عليه على نطاق واسع في مجال البحث والتطوير في مختلف المجالات ذات الأولوية، مثل قطاع الرعاية الصحية والعلوم الفضائية والطاقة المتجدِّدة والنقل وأنظمة المرور وغيرها من المجالات".
"جودة الحياة" أيضاً من أبرز العوامل التي تجذب شركات التقنية، حيثتوفر أبوظبي بيئة حياة متميزة من حيث الأمن، التعليم، والصحة، مما يجعلها وجهة جذابة للموظفين والعائلات، إلى جانب موقعها الاستراتيجي الذي يجعلها بوابة بين الأسواق الآسيوية والأوروبية، مما يسهل على الشركات التوسع في مناطق جديدة.
وحلت أبوظبي في المرتبة الأولى على قائمة المدن الأسرع نمواً في منظومة الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للعام 2024، بحسب التقرير العالمي الصادر عن "ستارت أب جينوم" و"الشبكة العالمية لريادة الأعمال".