تحت لهيب الشمس والنسيان… نازحو مخيم "رسم الأخضر" في ريف منبج يواجهون أزمة إنسانية متعددة الأبعاد
klyoum.com
مراسل الجماهير || معاوية الصالح…
في قلب صيف سوريا الملتهب، تتحول الحياة في مخيم "رسم الأخضر" إلى معركة يومية للبقاء على قيد الحياة. مئات العائلات النازحة، التي لجأت إلى هذا المكان بحثاً عن الأمان، تجد نفسها وجهًا لوجه مع واقع مرير تطغى عليه مظاهر الحرمان من أبسط مقومات العيش الكريم، في مشهد يعكس أحد أقسى وجوه الأزمة الإنسانية المستمرة.
•• أوضاع معيشية قاسية:
يعيش قرابة 300 عائلة نازحة، معظمهم من بلدتي دير حافر ومسكنة في ريف حلب الشرقي، داخل خيام مهترئة لا تقيهم حرارة الشمس الحارقة، ويعانون من شحٍ حاد في مياه الشرب. وقد غادر جزء من النازحين بالفعل إلى مناطقهم، بينما تبقى هذه الأسر عالقة في حلقة مفرغة من المعاناة بسبب عدم توفر ظروف العودة الآمنة أو الكريمة.
•• انقطاع الكهرباء يفاقم المعاناة:
يُضاعف انقطاع التيار الكهرباء لـ 22 ساعة يومياً من حدة الأزمة، حيث يحرم السكان من استخدام أي وسائل تبريد لتخفيف وطأة درجات الحرارة المرتفعة. يقول أبو أحمد، أحد سكان المخيم: "أطفالنا ينامون تحت خيم تكاد تذوب من الحرارة، ولا نجد وسيلة لحمايتهم… الوضع لا يُطاق".
•• قطاع صحي شبه غائب:
تمتد المعاناة لتطال القطاع الصحي، حيث يفتقر المخيم بشكل تام إلى وجود نقطة طبية أو خدمات إسعافية أولية. وتشرح أم محمد المعاناة قائلة: "إذا مرض طفل أو احتاج أحدنا للعلاج، نضطر للخروج إلى مدينة منبج وسط مشقة ونفقات باهظة لا نقوى عليها"، مما يضع حياة الكثيرين في خطر دائم.
•• جيل بلا تعليم:
إلى جانب الأزمات المعيشية والصحية، يبرز خطر آخر يهدد مستقبل المنطقة، حيث توقفت العملية التعليمية تماماً. يوضح المعلم محمد الأحمد، أحد المعلمين المتطوعين سابقاً: "المدرسة بلا معلمين منذ مدة طويلة لعدم وجود رواتب. كان لدينا 125 طالباً، أما اليوم فأطفالنا بلا تعليم. حتى حلقات تحفيظ القرآن توقفت، وهذا يترك جيلاً كاملاً بلا معرفة ولا أمل".
•• بطالة وفقدان لكرامة العيش:
تتفاقم الأزمة بسبب انتشار البطالة بين القادرين على العمل، حيث لا توجد أي فرص عمل أو مشاريع تنموية داخل المخيم أو محيطه. يطالب أبو مصطفى، أحد النازحين، قائلاً: "نطالب بتأمين فرص عمل للشباب والرجال هنا، فالوضع المعيشي لا يترك لنا أي وسيلة للعيش بكرامة"، مما يزيد من الاعتماد الكلي على المساعدات الإنسانية غير المنتظمة.
•• نداء استغاثة:
يوجه أهالي المخيم نداء عاجلاً إلى المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية وإلى جميع الجهات المعنية للتدخل العاجل لتخفيف معاناتهم عبر:
* تأمين مياه الشرب النظيفة بشكل منتظم ومستدام.
* زيادة ساعات توفير الكهرباء أو توفير حلول بديلة للطاقة.
* ترميم الخيم المهترئة وتوفير مستلزمات أساسية تحمي من الحر والبرد.
* إنشاء نقطة طبية ثابتة تقدم خدمات الإسعافات الأولية والرعاية الصحية الأساسية.
* إعادة تأهيل المدرسة وتوفير كادر تعليمي لإنقاذ مستقبل الأطفال.
* إنشاء مشاريع تنموية صغيرة توفر فرص عمل وتعيد كرامة السكان.
•• خاتمة:
مخيم "رسم الأخضر" لم يعد مجرد مكان مؤقت للنزوح، بل تحول إلى رمز صارخ للنسيان ومعاناة إنسانية طالت دون حلول جذرية. إنه صورة مؤلمة لواقع يعيشه آلاف السوريين، الذين ينتظرون من العالم أن يسمع صوتهم وأن يمد لهم يد العون قبل فوات الأوان.