اخبار سوريا

اندبندنت عربية

سياسة

هل تعود إيران إلى سوريا من بوابة "الجنوب"؟

هل تعود إيران إلى سوريا من بوابة "الجنوب"؟

klyoum.com

 تكثف طهران مساعيها الدبلوماسية لترتيب أوراقها من جديد في المنطقة عبر شركاء إقليميين

لا تشيح إيران بنظرها عن "الجنوب" سواء في لبنان أو سوريا، أراض كانت يوماً تحت نفوذها المباشر خسرتها بعد سلسلة انهزامات واختراقات أمنية متوالية، آخرها سقوط نظام الأسد. وإن كان الإيرانيون ما يزالون يرنون إلى عودة جديدة فإن التوغل الإسرائيلي في سوريا والقصف المتواصل على الأراضي اللبنانية يبقى ذريعة تقدمها تل أبيب على طبق من فضة لطهران، لتعيد معها إحياء "مشروع المقاومة" من جديد، في المقابل تتذرع إسرائيل بحماية حدودها الشمالية من خطر محدق.

وتشير المعلومات إلى تكثيف النشاط الإيراني لضخ الدماء في "مشروع المقاومة" بما تبقى لها من أذرع في اليمن والعراق، وتنتظر ساحات قريبة من الحدود الإسرائيلية "قبلة حياة" حتى تعود لنشاطها مجدداً بإشعال فتيل البارود عبر وكلاء تحت راية درء أطماع رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، الذي ينتقل من حرب إلى أخرى هرباً من المحاكمة، ويضع بلاده بحالة حرب دائمة.

وتكثف طهران مساعيها الدبلوماسية إلى ترتيب أوراقها من جديد في المنطقة عبر شركاء إقليميين، إذ جمع لقاء طارئ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بنظيره الإيراني عباس عراقجي في طهران، "بهدف وقف فوري للتوسع الإسرائيلي الذي يزعزع الاستقرار في كل من سوريا ولبنان"، بحسب بيان مشترك لهما.

ويشرح الباحث التركي في شؤون السياسة الخارجية علي أسمر في حديثه حول أهمية هذه الزيارة، التي تأتي في سياق الدور التركي الإيجابي في خفض التصعيد في سوريا، في وقت تعد إيران وإسرائيل دولتين فاعلتين في الساحة السورية، وتحاولان التدخل عبر بوابة الأقليات.

ويقول أسمر إنه "في ظل الرعاية التركية والأميركية، توجد مفاوضات سورية - إسرائيلية، وتوجد كذلك مفاوضات سورية – إيرانية برعاية تركية، لكن ليس من باب منح دور جديد لطهران، بل من باب الحد من النفوذ الإيراني في سوريا، حيث إيران غير مقبولة في سوريا الجديدة إلا شكلياً، لذلك أعتقد أن تركيا تحاول إقناع إيران وإسرائيل بأن سوريا الجديدة غير قابلة للزعزعة، وإذا لم تدعم طهران وتل أبيب هذه المرحلة الجديدة، فعليهما في الأقل عدم عرقلة الدعم التركي والعربي والغربي".

ويرجح الأسمر أن الوزير سيناقش مسار "تركيا بلا إرهاب"، "إذ نعلم جيداً أن هناك فرعاً من حزب العمال الكردستاني يتبع للمعسكر الإيراني، ولذلك فإن هذه الزيارة تحمل أبعاداً أمنية أكثر منها سياسية، والمطلوب من إيران في الملف السوري أن تكون متفرج فقط من دون أي دعم لفلول النظام أو دعم مقاومة ضد إسرائيل".

وتوغلت إسرائيل منذ سقوط نظام الأسد في الأراضي السورية مستهدفة قدرات الجيش السوري، ودمرت أسلحته الاستراتيجية بنسبة 80 في المئة عبر ما يناهز ألف غارة جوية، وكسرت خطوط اتفاق فض الاشتباك الموقع بين دمشق وتل أبيب في سبعينيات القرن الماضي، واجتاحت مواقع في القنيطرة وصولاً إلى جبل الشيخ، القمة الاستراتيجية المطلة على ثلاث دول، سوريا ولبنان وفلسطين.

وجاء القصف الإسرائيلي على بلدة بيت جن، جنوب غربي العاصمة دمشق والواقعة على سفح جبل الشيخ في الـ28 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ليوقع ضحايا مدنيين بينهم نساء ورجال، سبقته عملية برية لدورية أمنية بهدف اعتقال ثلاثة شبان من أبناء البلدة، مما أسفر إلى اشتباكات مع السكان المحليين حاولوا التصدي للتوغل، وأدى ذلك إلى انسحاب القوة وقصف المكان بالمسيرات.

 

في المقابل، قالت حكومة تل أبيب إن العملية هدفت إلى توقيف مشتبه بهم ينتمون إلى تنظيم "الجماعة الإسلامية"، ينفذون "أنشطة إرهابية ضد مدنيين في دولة إسرائيل"، بحسب بيان للجيش الإسرائيلي.

وكان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني دعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف واضح من وقف الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة، معتبراً أن "ما حدث في بلدة بيت جن يعكس سلوكاً عدوانياً ممنهجاً يهدد الاستقرار الإقليمي"، في حين أكد التزام بلاده باتفاق فض الاشتباك لعام 1974 بين سوريا وإسرائيل.

ويرى الباحث التركي أن "وجود إيران في سوريا يفتح شهية إسرائيل لتنفيذ ضربات قوية تجاه الداخل السوري، ولهذا تحاول تركيا مساعدة سوريا عبر فرض معادلة متوازنة بين إيران وإسرائيل داخل الساحة السورية، وإذا تغير النظام في إيران يوماً ما، فمن الممكن رسم دور جديد لطهران في سوريا. أما في ظل النظام الحالي، فوجودها مرفوض".

بالأثناء يتعافى جرح طهران سريعاً، وتتوقع تقارير من الداخل ترميم منشآتها النووية بعد الضربات الأخيرة وتوسيع شبكات التجسس مع احتمال الانتقال إلى شن هجمات في العمق الإسرائيلي، في حين تحاول كسب التوترات في الجنوب السوري لصالحها.

ويتوقع خبراء في حال أراد "نظام الملالي" إعادة المياه لمجاريها في سوريا، فلن يكون الوضع كما السابق، في وقت يجيب الباحث المشارك في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، مصطفى النعيمي عن سؤالنا حول محددات عودة العلاقات السورية – الإيرانية، ويرى أن "عودة العلاقات" لا تعني إقامتها من جديد بقدر ما تعني إعادة تعريف طبيعة هذه العلاقات ورسم محددات جديدة لنفوذ كل طرف ومصالحه في ظل التغيرات الإقليمية بما في ذلك ملف السلام، إضافة إلى العلاقات الدولية كالضغوط الغربية ووضع الأولويات السورية كمنطلق لأية إعادة تعريف لتلك العلاقة، بشرط أن تؤطر ضمن نطاق "العلاقات الأمنية الحذرة" في المرحلة الأولى.

ويصف الباحث المختص بالشأن الإيراني النعيمي العلاقات بين سوريا وإيران بـ"التحالف الراسخ على مدار عقود في حقبة الأسد المظلمة، وقد لعبت إيران الدور الحاسم في دعم النظام البائد، ومن المرجح جداً أن تكون الضرورة الوطنية السورية لمنع استثمار إيران في بؤر التوتر الداخلية أو دعم الميليشيات هي المحدد الرئيس والمحوري للعلاقات مع إيران في مرحلة ما بعد الأسد، لكن تختلف الأولويات السورية جذرياً، مما يفرض نموذجاً جديداً للعلاقة مع طهران".

ويردف "تسعى الحكومة الجديدة إلى كسب التأييد الشعبي والشرعية الدولية، وكلاهما يتطلب إعادة توحيد الدولة ونزع سلاح الميليشيات وإخراج القوى الأجنبية التي أسهمت في الحرب ضد السوريين. وبكل الأحوال شكل سقوط النظام البائد زلزالاً استراتيجياً للنفوذ الإيراني في المنطقة، وخصوصاً في سوريا التي كانت تعتبر العمق الاستراتيجي والقاعدة الأمامية لما يسمى محور المقاومة بناء على هذا التغير الجذري، تظهر سيناريوهات عدة محتملة لمستقبل علاقة إيران بسوريا ومصير الاتفاقات المبرمة". ويجزم الباحث النعيمي بأن الانسحاب المنظم والتكيف البراغماتي، هو السيناريو الأكثر ترجيحاً.

وأضاف قائلاً إن "هذا السيناريو يفرض على إيران القبول بالواقع الجديد والعمل على تقليل خسائرها عبر الحوار المباشر أو غير المباشر وستعمل الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع إلى إعلان بطلان معظم الاتفاقات العسكرية والاستراتيجية المبرمة مع النظام السابق كعقود الاستثمار في الطاقة والاتصالات، وخطوط الائتمان بناء على حجج قانونية كعدم تصديق مجلس الشعب وشرعية كونها اتفاقات احتلال اقتصادي بنيت وفق ضرورات إيرانية في ظروف الحرب الاستثنائية، وقد بدأت الحكومة الجديدة في إعداد مذكرة تعويضات ضد إيران بعد مشاركتها في الحرب على السوريين".

في المقابل تسعى إيران إلى حماية مصالحها الاقتصادية الأقل وضوحاً، مثل العقارات والوجود الديني والمراكز الثقافية، والضغط للاعتراف بالديون بحسب ما يتوقع الباحث النعيمي، وهي "نفقات تكبدتها طهران لدعم النظام السابق". ويبقى مصير النفوذ عبر الميليشيات الذي سيتمثل بالانسحاب التدريجي، مما سيجبر إيران على سحب غالبية ميليشياتها المعرفة سورياً، لكنها قد تحاول الإبقاء على خلايا استخبارية أو قنوات إمداد مالية محدودة.

وتسعى طهران من خلال البراغماتية إلى التواصل مع الحكومة السورية الجديدة لتجنب القطيعة الكاملة، على أساس أن التعاون الأمني المشترك (مثلاً في مجال مكافحة الإرهاب) لا يزال ضرورة بالنسبة إلى حكومة دمشق، في ظل استمرار التهديدات في مرحلة بناء الدولة الجديدة على أسس وطنية خالصة لمواجهة التحديات الدولية.

*المصدر: اندبندنت عربية | independentarabia.com
اخبار سوريا على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com