اخبار سوريا

اندبندنت عربية

سياسة

سوريا "الأميركية"... فرص وتحديات

سوريا "الأميركية"... فرص وتحديات

klyoum.com

لقاء أحمد الشرع مع دونالد ترمب يحمل دلالات كثيرة حول مستقبل البلاد

في الرحلة إلى البيت الأبيض بعد الكرملين والإليزيه والرياض وقطر، قطع الرئيس السوري أحمد الشرع نصف الطريق إلى اكتمال الشرعية وتطوير المهمة، والنصف الآخر ليس في أية عاصمة بل في دمشق، ولا مجال للخطأ في قراءة ما هو مطلوب من الشرع "الجديد" وسوريا "الجديدة".

شيء من القطع مع الخطاب القديم للشرع و"هيئة تحرير الشام"، وشيء من القطع مع احتكار روسيا وإيران للعلاقات والنفوذ في سوريا، والنقلة كبيرة من تحالف النظام السابق الاستراتيجي مع موسكو وطهران ودخوله العسكري في الدفاع عنه إلى إعلان الشرع في واشنطن أن "سوريا حليف استراتيجي لأميركا"، ومن نظام اقتصادي مغلق بعناوين التأميم والاشتراكية ورأسمالية الدولة إلى نظام اقتصادي ليبرالي مفتوح.

 والشكل البروتوكولي كان بالغ التعبير، فلم يكن الرئيس دونالد ترمب يستطيع الاجتماع مع الشرع في المكتب البيضاوي أمام المدفأة كرئيس منتخب شرعي دستوري، فاختار الجلوس وراء طاولة في ركن من المكتب البيضاوي وأمامه مقاعد جلس عليها الشرع ووزير خارجيته أسعد الشيباني ونائب الرئيس الأميركي جي دي فانس والموفد إلى سوريا توم براك، لكنه امتدح الرئيس السوري "القوي" ودافع عنه بالقول "يتحدث الناس عن قساوة ماضيه، كلنا كان ماضينا قاسياً، وأعتقد بصراحة بأنه لن تكون لديك فرصة إن لم يكن ماضيك قاسياً".

الشرع بدوره تحدث عن قساوة الصراع مع روسيا بالقول "حاربنا روسيا 10 سنين، وهي حاولت قتلي غير مرة، لكن المصلحة الواقعية تقضي بالتفاهم معها"، كذلك الأمر مع العدو الإسرائيلي الذي احتل الجولان ثم وسع دائرة الاحتلال بعد سقوط نظام الأسد ولعب بالنسيج الوطني والاجتماعي في سوريا، ولا بد من التفاوض معه لضمان الأمن عبر العودة لاتفاق فك الارتباط لعام 1974.

 ولا أحد يجهل دقة الموقف وحساسيته بالنسبة إلى الشرع الذي قال توم براك إنه شهد على التزامه أمام ترمب "انضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد ’داعش‘، والمساعدة الفعلية في مواجهة ’داعش‘ والحرس الثوري الإيراني و’حماس‘ و’حزب الله‘ وتفكيكها مع غيرها من الشبكات الإرهابية"، فهذا يصطدم بما جاءت من أجله إلى سوريا فصائل جهادية أجنبية تحالفت مع "هيئة تحرير الشام" وقاتلت إلى جانبها.

 والأقل منه لا يرضي أكثرية الشعب السوري التي تريد التخلص من مرحلة الحرب واستباحة سوريا من خمسة جيوش وكل أنواع التنظيمات التي لا تعرف تنوع المجتمع السوري ولا تعترف به، فضلاً عن أن التحالف مع أميركا يطوي مرحلة الحرب في العراق ضد القوات الأميركية بعد الغزو ومرحلة الحرب في سوريا ضد المجموعات المدنية التي تظاهرت تحت شعار "ديمقراطية وشعب واحد" خلال ثورات "الربيع العربي"، وهي المرحلة التي شهدت صعود "القاعدة" وإعلان "دولة الخلافة الداعشية" وتعاظم الدور العسكري في سوريا لروسيا والحرس  الثوري و"حزب الله"، واندفاع التنظيمات الجهادية للقتال في سوريا عن طريق تركيا.

والسؤال إلى أي حد تستطيع التنظيمات المتشددة الحد من حرية الحركة لدى الشرع؟ وماذا عن المقاتلين الأجانب الذين يعتقدون بأن سوريا "أرض الله" ولهم فيها ما للسوريين وسواهم؟

قرار مجلس الأمن الذي قدمت إدارة ترمب مشروعه لرفع اسم الشرع ووزير داخليته أنس خطاب من لائحة الإرهاب  بالتزامات الحكومة السورية تسهيل وصول المساعدات الإنسانية ومكافحة الإرهاب وحث هذه الحكومة على "اتخاذ تدابير حازمة للتصدي للمقاتلين الأجانب وحماية حقوق الإنسان ومكافحة المخدرات والنهوض بالعدالة الانتقالية وإزالة أية بقايا لأسلحة كيماوية، والمضي في عملية سياسية شاملة يقودها السوريون ويملكون زمامها"، وهذه عملياً "خريطة طريق" لا مهرب من السير على أساسها، فالانفتاح العربي والدولي المهم والواسع على إدارة الرئيس الشرع ليس مطلقاً بل مشروطاً وخاضعاً لامتحان خلال 180 يوماً في مواد داخلية تتجاوز في الأهمية المواد الداخلية- الخارجية.

حتى محاربة "داعش" بالعمل مع التحالف الدولي، فإن نجاحها يتوقف، لا فقط على القوة والإجراءات الأمنية بل أيضاً على انتظام الناس في العمل السياسي المرافق، ولا سياسة بالمعنى الحقيقي من دون "عملية سياسية شاملة" وانفتاح وحريات عامة وأحزاب ودستور وانتخابات، لا على طريقة اختيار 6 آلاف ناخب لانتخاب ثلثي مجلس نيابي يعيّن الرئيس الثلث الباقي.

و"لا حل للقادة الأقوياء أو أصحاب الأخلاق إلا حل جيمس ماديسون والآباء المؤسسين: المؤسسات، ولا حاجة للقادة والمواطنين أن يكونوا ملائكة"، كما قال البروفيسور جوزف ناي، وإذا كانت الحاجة إلى دعم ترمب كبيرة، فإن الحاجة أكبر إلى تطبيق الحل الدستوري الذي حفظ به الآباء المؤسسون أميركا.

*المصدر: اندبندنت عربية | independentarabia.com
اخبار سوريا على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com