اخبار سوريا

اندبندنت عربية

سياسة

تناقضات وتشرذم وأخطار... إسلاميو سوريا والاتفاق الأمني

تناقضات وتشرذم وأخطار... إسلاميو سوريا والاتفاق الأمني

klyoum.com

مراقبون: "الإخوان" أمام مفترق طرق والتيارات الراديكالية تراهن على المستقبل و"داعش" سيسعى إلى إعادة التموضع

منذ الشروع في الحديث حول اتفاق أمني يجمع سوريا بإسرائيل، بدأت تظهر على الساحة مواقف إسلامية داخلية وأحياناً خارجية، بعضها اتسم بالعلانية، والآخر بالمضمر، مما وضع الإسلاميين عموماً أمام اختبار لاستحقاق سياسي – ميداني بات كل يوم يقترب ليكون أمراً واقعاً لا يمكن تخطيه، مما حمل معه مزيجاً من البراغماتية والعدائية والتناقض والأخطار، والأكثر تعقيداً من كل ذلك هو الآلية التي ستتمكن فيها السلطات السورية الجديدة من قطع العلاقة بالماضي لتسير نحو علاقات مع إسرائيل التي كثيراً ما كانت الهدف العقائدي الأبعد لها بعد إزاحة النظام السوري السابق.

جماعة "الإخوان المسلمين" باركت أخيراً للرئيس السوري أحمد الشرع سلطته وأبدت دعمها له، لكنها ما زالت تتحفظ على أية مشاريع تربط سوريا بإسرائيل على مستوى السلام والتنسيق في سياق قضية مركزية تستند إلى مبادئ تقضي بمشروعية القضية الفلسطينية كغاية وهدف رئيس، وتلك المداولات بين الجماعة، بعيداً من الإعلام والبيانات حملت تشققات في بعض الجوانب، بين أعضاء مركزيين في هرم إدارتها، بحسب مصادر من داخل الجماعة لـ"اندبندنت عربية"، وتلك الخلافات تراوحت ما بين وجوب انتهاج نمط براغماتي يراعي شروط المرحلة، ومواقف متصلبة تجاه القضايا الثابتة.

فجماعة "الإخوان" السورية مثلاً تحاول الانفكاك مرحلياً من عباءة التنظيم الدولي، واتضح ذلك في تباين وجهات النظر بين الطرفين حول الحرب الإيرانية – الإسرائيلية الأخيرة، مما عكس بحسب مراقبين رغبة في عدم الاصطدام بالمزاج الشعبي أو الدور الإقليمي الذي دان الهجوم الإسرائيلي، ليظل المجال مفتوحاً ولو عبر أفق طويل الأمد للعودة الفعلية للحياة السياسية في سوريا بعد أن فقدت وجودها فيها لعقود، إثر شد وجذب ومعارك مع النظام السابق، كان آخرها وأعنفها خلال ثمانينيات القرن الماضي في مدينة حماه.

 

تلك التباينات تضع جماعة "الإخوان" أمام مفترق طرق، فإما القبول بتوجه السلطة الحالية الذي هو نوع من انعكاسات الإسلام السياسي، والقبول بمبدأ يحمل سلاماً أو خفض تصعيد أو تنسيقاً أمنياً مع إسرائيل، أو التمسك بمواقف صارمة نابعة من أيديولوجيات معقدة في رفض أي تفاهم أو لقاء مع الطرف الإسرائيلي عامة. وفي الحالين يصير موقف الجماعة منحلة أو مجتمعة، منفردة بقرارها أو تابعة للتنظيم العالمي، نموذجاً لصراع مكثف من التناقضات الحيوية في مرحلة دقيقة أسقط خلالها ألد أعدائها، وهو نظام الأسد.

وفي ما تبدو جماعة "الإخوان المسلمين" أكثر تنظيماً، وتحاول تقديم نفسها كإسلام يسعى إلى الوسطية على رغم تضارب الآراء داخل الجماعة بحد ذاتها، يبرز التيار الآخر خارجها وهو الأكثر راديكالية وتشدداً عبر الجماعات الإسلامية السلفية المتشددة، وهي الموجودة فعلياً على الأرض السورية، والتي كانت شريكاً أساساً ونواة للتحرير خلال انتصار الثورة وما قبلها، وكثير من تلك الجماعات ضمن قواعدها الحيوية على الأرض ترفض جملة وتفصيلاً أي اتفاق أمني، منطلقة من المبدأ الراسخ لديها بأن التنسيق يعني خيانة الأمة الإسلامية والقضية المركزية.

وتقول أدبيات تلك الجماعات السلفية إن التفريط بالقدس يعني ضياع القضية بأسرها، بحسب ما يشير المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية ناظم حوش، ويضيف أن "هذه الجماعات تربت بصورة عقائدية منقطعة النظير على التعبئة الفكرية والذهنية للوصول إلى اليوم الذي ستواجه فيه إسرائيل وتحرر فلسطين، وعلى رغم أن هذه التعبئة ظلت نظرية في معظم الأحوال، فإن ذلك لا يعني التفريط بها، فهي عماد تماسك الجماعة داخلياً، وبطبيعة الحال هم جزء من ’هيئة تحرير الشام‘ التي سيطرت على سوريا، ولربما إثر ذلك تفهم بعض قياداتهم أن المرحلة تغيرت ودخلت ضمن أطر سياسية وحسابية معقدة تقتضي إبراز مرونة تعتمد التقية أمام قوة العدو الذي استطاع انتهاك بلدان إقليمية عدة معاً".

ويردف أن "بعض قيادات تلك الجماعات تبدو متفهمة الآن، فيما تشوب الحيرة عناصرها، بين رفض أي تقارب مع إسرائيل من جهة، وضرورة التقارب من جهة أخرى على الصعيد التكتيكي حتى امتلاك التمكين الذي يتيح إنجاز الأهداف التعبوية وضمنها إظهار نفسها كطرف إقليمي شرعي يمتلك زمام التفاوض وإدارة شؤونه، بعيداً من معركة خاسرة تطيح بمكتسبات الثورة، إذاً هو التأجيل حتى التمكن من وجهة النظر الأيديولوجية، وهذا ليس غريباً على الجماعات الإسلامية في مراحل كثيرة".

كل ذلك يقود إلى نتائج متفاوتة بين من يسعى نحو ضمانة شرعية لاستمرار مشروع أيديولوجي طويل الأمد، ومن يسعى أساساً إلى ضمان الشرعية المستمرة عبر التحالفات المرنة، وفي الحالين فإن فكرة "الجهاد العابر" لم تعُد تمتلك أدواتها التنفيذية لتمارس أعمالاً خارج الحدود خلال المرحلة الراهنة، ولا تمتلك بطبيعة الأحوال أدوات القاعدة التقليدية في "الجهادين البعيد والقريب" وضرورة التفريق بينهما. وفي ظل اختلاف بعض التيارات الملموس والمحمول على عقلية قريبة الأمد، فإن أي اختلاف داخلي بين التيارات الإسلامية، ما انتظم منها وما ظل حراً، سيؤدي قطعاً إلى خلخلة في الانضباط العام داخل كل جماعة، أو بين جماعات عدة، كما سيحمل معه صراعات على شرعية التمثيل السلطوي المرتبط بالقرار السيادي والسياسي والديني والإعلامي، وبطبيعة الحال قد تتحول الأمور في لحظة ما إلى صراع مسلح يختلف حاملوه على طبيعة الصورة العامة للتفاهمات، إقليمياً ودولياً، وإسرائيلياً بالطبع، وما يزيد الأمر تعقيداً هو كمية الضغط الأميركي – الغربي لإنجاز الاتفاق، مما لا يتيح مجالاً نابضاً للحوار داخل جماعات الحكم، المرنة منها والراديكالية، ويعني ضمن سلسلة احتمالات طويلة أن يكون هناك إمكان انشقاقات وتحولات تكتيكية ميدانية وسياسية بعيداً من موقف رسمي موحد.

التناقض المحتمل بين ما حمله المسلحون الوافدون من أنحاء الأرض شتى إلى سوريا خلال أعوام  ثورتها، إضافة إلى المحليين الذين بمجملهم يتبنون فكرة إزاحة نظام طاغٍ في البلاد، ومن ثم الالتفات نحو القدس، ذاك التناقض من شأنه أن يحتمل تهديداً بتمزيق بنية التحالفات الداخلية القائمة على ألواح زجاجية هشة أساساً، مما سيعني مزيداً من الفوضى في الداخل السوري، بخاصة أن الأيدولوجيات نفسها وفق ترتيبها تختلف في تبعيتها وهدفها ومبتغاها بين فصيل وآخر وجماعة وأخرى وقوة وأخرى، وبين التابعين للأتراك تنظيمياً وموالي السلطة، وبين الأجانب والفصائل التي لا تنصاع لأوامر المرجعية الوزارية، مما يجعل احتمال قيام تيارين متصارعين قائمة، مع الأخذ في الاعتبار الدور التركي والموقف العربي والضغط الدولي، فينشأ تيار براغماتي وآخر مبدئي. وإذا ما نشأ تياران من هذا النوع على الأرضية السورية غير المستوية، فإن ذلك سيسهم في تقويض دور السلطة الشرعية في ضبط المجاميع والأمور على الأرض، واستحالة استعادة التمكن من توحيد البنادق والرؤى في الأطر الاستراتيجية.

ولكن الأخطر هو ولادة تنظيمات جديدة أكثر راديكالية من سابقاتها، فإن كانت دمشق تفهم تحت الضغط التوغلات الإسرائيلية في الجنوب، وضرورة إبرام اتفاق أمني ببنود متعددة ومحددة، على رغم تعثره متأخراً، وذلك يندرج ضمن إطار التفاهم الأمني – القومي، فإن جماعات إسلامية عدة ترى ضرورة أن تكون ساحة الجنوب ميدان حرب لا اتفاق.

وفي حال حدوث ذلك، فسيكون الأمر بمثابة هدية إضافية ومجانية لإسرائيل التي تراقب السلطة وجماعتها بعين ثاقبة، فتمتلك إثر ذلك ذرائع إضافية لتوغلات برية وإنزالات جوية وعمليات قصف أكثر تركيزاً وشدة، كما أنها ستتمكن من الاستثمار في هذا الاختلاف لتحقيق مصالح جيوسياسية ضرورية بالنسبة إليها.

تلك الأحداث تقود إلى سيناريوهات ثلاثة، أولها إعادة تقديم جماعة "الإخوان المسلمين" نفسها على أنها حل وسطي يتبنى مواقف مقبولة لا تنحي العداء مع إسرائيل ولا تشرع الأبواب في وجهه، وهي مقدمة مقبولة للعودة للحياة السياسية وضمان استمرار الشرعية الداخلية وتجاوز الانقسام بين الأعضاء، وصولاً لتكون حزباً سياسياً إسلامياً من شأنه أن يضغط على تيارات سلفية أقل قسوة من غيرها لتسير معه في المسار ذاته مقابل ضمانات دولية على رأسها حقوق المواطنة للأجانب مثلاً والامتيازات للمحليين، والأهم رفع التصنيف الدولي عنهم.

وثانيها هو الاصطدام الداخلي مع التيارات الأكثر تشدداً والذي قد يعني فقدان السلطة سيطرتها على بعض تلك الفصائل عملياً وفعلياً، فتذهب تلك القوى نحو تشكيل تحالفات تهدد بإسقاط أي اتفاق أمني مقبل، وتلك الفصائل مهددة بالاصطدام مع ثلاث جهات، السلطة وفصائل ثانية وإسرائيل نفسها.

أما ثالث السيناريوهات، فهو التدخل الدولي الواسع عبر الاستثمار التقني الدقيق في شكل الصراعات، وهنا قد يبرز دور جديد لإيران في دعم جماعات ستصنفها على أنها قوى مقاومة، وإسرائيل في المقابل ستدعم أية جماعة تقبل بالاتفاق، وقوى إقليمية ودولية أخرى قد تذهب باتجاه دعم فصائل تتبع لها بالإمرة والتنفيذ كحال اللواء الثامن في درعا الذي جرى حله قبل أشهر، إذ كان لا يتبع للجيش السوري المنحل، بل يتبع لروسيا مباشرة، علماً أن منتسبيه كانوا من مناوئي بشار الأسد خلال مراحل طويلة.

الأكاديمي مالك الحافظ أوضح لـ"اندبندنت عربية" أن "الإخوان المسلمين يجدون أنفسهم في وضع بالغ الحساسية. فتاريخياً، حملت الجماعة خطاباً عدائياً تجاه إسرائيل باعتبارها عدواً مركزياً مرتبطاً بالغرب ومشاريع الهيمنة، غير أن براغماتية الجماعة، خصوصاً بعد الربيع العربي، أظهرت أنها لا تمانع في إعادة صياغة خطابها عندما تكون السلطة والمصالح مهددة. في مصر مثلاً لم ينتج وصولهم إلى الحكم عام 2012 أي تحول نوعي في مقاربة معاهدة كامب ديفيد، بل اكتفوا بتجميد التصعيد وبخطاب تعبوي داخلي".

ويقول "أما في الحال السورية، فيواجه الإخوان معضلة مزدوجة. فمن جهة، هم خارج المعادلة الرسمية للسلطة الانتقالية، مما يجعلهم أمام فرصة للهجوم السياسي على الاتفاق الأمني بوصفه خيانة وطنية ومنحاً لشرعية إسرائيلية مجانية. ومن جهة ثانية، لا يستطيعون الذهاب بعيداً في تبني موقف راديكالي مطلق لأنهم يخشون العزلة السياسية إقليمياً، خصوصاً في ظل تحولات مواقف دول إقليمية لا تزال تساندهم، وهذه الدول لا تزال تحافظ على قنوات مع إسرائيل. لذلك فإن المرجح أن يتخذ الإخوان موقفاً خطابياً معلناً ضد الاتفاق، مع ترك مساحة للتأويل والمرونة تسمح لهم بعدم الاصطدام مع داعميهم الإقليميين".

وحول تناقضات الاتفاق، يرى الحافظ أن "الاتفاق الأمني المطروح بين إسرائيل والسلطة الانتقالية يعكس عمق هذه التناقضات. فبينما تحاول السلطة استخدام الاتفاق كورقة شرعية للبقاء، قد يجد الإخوان المسلمون أنفسهم في موقع "المعارض الوطني" من دون قدرة فعلية على تغيير الموازين. والمشهد السوري يكشف لنا عن أن الحركات الإسلامية، بجميع أطيافها، تفشل في بلورة استراتيجية ثابتة تجاه إسرائيل، فهي أسيرة ضغوط الإقليم وحسابات البقاء وازدواجية الخطاب. وفي المحصلة، موقف الإخوان من الاتفاق لن يكون سوى استعادة لأسلوبهم التاريخي، من خلال رفض لفظي ومرونة عملية، من دون القدرة على صياغة بديل وطني حقيقي. أما تناقضات الجماعات الإسلامية، فتتبدى كأحد أسباب هشاشتها وافتقادها إلى مشروع متماسك يتجاوز الشعارات إلى بناء دولة أو نظام سياسي متوازن".

الجماعات الإسلامية عموماً تعيش على شبكة من التناقضات التي تفضح هشاشتها أكثر مما تكشف عن قوتها. فهي ترفع شعار "تحرير فلسطين" بوصفه واجباً دينياً، لكنها حين تلامس أرض السياسة تظهر براغماتية لافتة، فتتدرج من خطاب الرفض المطلق إلى تفاهمات موقتة أو صفقات أمنية. ويظهر التناقض بوضوح حين تعلن وحدة الأمة كغاية كبرى، بينما تمارس سياساتها في إطار قطري ضيق يخضع لحسابات السلطة المحلية.

‏والأكثر تعقيداً هو ذلك التوتر بين العداء المعلن للغرب والاعتماد الفعلي على دعم حلفاء مرتبطين عضوياً به، فترى الحركة نفسها بين رفض أيديولوجي واحتياج مصلحي لا يمكنها إنكاره. إضافة إلى ذلك، هناك ازدواجية داخلية بين خطاب موجه للداخل قائم على الحشد والتشدد، وخطاب آخر للخارج يتحدث عن ضبط الحدود وضمان الاستقرار سعياً إلى الاعتراف والشرعية.

ويؤكد الحافظ أن هذه المفارقات المتراكبة تجعل من الحركات الإسلامية فاعلاً مضطرباً لا يمتلك مشروعاً ثابتاً، بل يتحرك وفق منطق اللحظة وضغط البقاء، مما يضعف قدرتها على إنتاج استراتيجية متماسكة تتجاوز الشعارات إلى بناء دولة أو تصور وطني حقيقي.

بدوره يتساءل الباحث والمفكر محمد حبش خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "هل ستتغير الفصائل أيضاً من فصائل تطالب بالخلافة وتريد قتال المشركين والمرتدين والزنادقة إلى كتائب نظامية في جيش وطني؟ الجواب ليس متطابقاً بكل تأكيد، وشخصياً لدي مخاوف أن يحدث مثلاً اشتباك إداري وعملي وسياسي بين هذه الفصائل والإدارة الجديدة إذا لم يتطور أكثر في مرحلة لاحقة. الآن الأمور واضحة، فهناك فصائل لا تريد أن تمضي في هذه الخيارات لأن التحولات كبيرة، ولا سيما باتجاه اللقاء مع الإسرائيليين، فهناك عقيدة قتالية بنيت عليها هذه الفصائل وهي تحرير القدس وإخراج الإسرائيليين".

ويضيف أن "هذه أشياء موجودة وليست مكتومة، الآن نحن نريد أن نحول هذه الفصائل إلى الواقع الجديد، وليست الأمور بهذه البساطة، فالخطاب الرسمي للدولة السورية متجه إلى القطيعة مع هذا الماضي، وأتوقع معارضة للتنسيق ليس فقط من الفصائل بل من الشعب أيضاً، بخاصة إذا كانت أميركا وإسرائيل راغبتين في تحويل الأمر إلى مهرجان من المحبة والمودة والتسامح والعناق، فسيكون هذا أمراً مؤذياً لمشاعر السوريين، وليس مطلوباً إطلاقاً لا مصافحات ولا عناق ولا رقص، يجب أن توقّع الاتفاقات الأمنية لإيقاف التوغلات المستمرة، إسرائيل اليوم في أفضل أيامها".

ويختم أن "الأمور دقيقة جداً على صعيد الفصائل وتتطلب من الدولة فتح حوار مع هذه الفصائل باعتبارها جزءاً من الجيش الوطني، فالفصائل اليوم دخلت في الجيش ولكن جميعنا يعلم أنها لا تزال تمتلك أدواتها العميقة، ويمكن أن تتجمع في أية لحظة، وربما لديها مخازن أسلحة، وربما ليست تحت السلطة الكاملة للجيش السوري. الأمر المطلوب هو أن تكون الدولة حذرة وواعية من تحولات كهذه وأن تفتح حوارات حقيقية وأن تستعين بفقهاء من أجل توضيح حق الدولة المسلمة بإقامة معاهدات مع خصومها لتدرأ بها الشر، خصوصاً في ظل اختلال كامل بالقوى والنفوذ".

حين الحديث عن الجماعات الإسلامية ومواقفها ومبدأ اختلافها وتناقضاتها في سياق التفاهمات وملفات التنسيق الخارجي، لا بد من استحضار الحديث عن تنظيم "داعش" الذي قد يشكل موقفه مع تنامي قواه أخيراً خطراً حقيقياً ومختلفاً لأن التنظيم يعتبر الأكثر راديكالية خلال العصر الحديث، ويلتزم برفض أي قرار وخطاب سياسي وتفاوضي خارج عباءة التشدد المطلق.

كما أنه يلتزم تماماً خلال تحركاته باستراتيجية وتكتيك العنف الدموي المباشر بأكثر الأساليب بشاعة بغية تعطيل أي مسار يعنى باستقرار المنطقة، سواء في سوريا حيث يتمدد في البادية من جديد أخيراً، أو في العراق حتى. وخلاف التيارات الإسلامية المعتدلة منها والأصولية سيمنحه إتمام الاتفاق طبقاً من ذهب لإعادة التموضع وتنمية حاضنته وتوسعتها استناداً إلى تعبئة أيديولوجية مستديمة تحمل طابعاً تكفيرياً جماعياً للسلطة وفصائلها وقواتها ومعهم الشعب مع أول إقرار لاتفاق تنسيق أو خفض تصعيد أو بوادر حقيقية تجمع السوريين مع الإسرائيليين على أرضية واضحة.

ويرى باحثون متخصصون أن التنظيم سيتمدد أكثر في البادية السورية والجنوب السوري، مستغلاً ضعف السلطة الحالية في بسط نفوذها الكامل، كما أنه سيتمكن من تجنيد عناصر إسلامية جديدة، من داخل سوريا أو خارجها، وتلك ستتولى مسؤولية شن عمليات قتالية فردية أو جماعية على أكثر من محور وفي أكثر من سياق، وقد تتمكن من إحداث بلبلة على الحدود الجنوبية بصورة  فعلية، مما قد يؤدي إلى جملة من التصعيد الذي يضعف نفوذ الاتفاق الأمني إن جرى إبرامه فعلياً.

*المصدر: اندبندنت عربية | independentarabia.com
اخبار سوريا على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com