أية آلية عالمية يمكنها وقف "حمام الدم" في السودان؟
klyoum.com
لم يقر مجلس الأمن الدولي بعد إجراءات لإنهاء القتال المستمر في البلد الأفريقي
أثارت المجازر التي ارتكبتها قوات "الدعم السريع" في الفاشر وما خلفته من ردود فعل منددة محلياً ودولياً تساؤلات حول ما إذا كانت القوى الغربية والمجتمع الدولي يملكان أدوات لوقف حمام الدم الذي يفتك بالسودان منذ أعوام.
وعلى رغم إدانته لهجوم "الدعم السريع" الذي خلف نحو ألفي قتيل في غضون ثلاثة أيام فحسب لم يقر مجلس الأمن الدولي بعد إجراءات لإنهاء القتال المستمر في السودان، فيما أعلنت تلك القوات توقيف عدد من مقاتليها بسبب الانتهاكات التي شهدتها الفاشر.
ووثق عديد من التقارير والمنظمات الحقوقية عمليات إعدام وقتل في مدينة الفاشر عقب سقوطها بيد قوات "الدعم السريع"، مما أثار صدمة وأعاد إلى الأذهان مجازر أخرى جرى ارتكابها في مناطق مثل مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور.
وقال الصحافي والباحث السياسي السوداني السماني عوض الله إن "الممارسات التي ارتكبتها ’الدعم السريع’ في حق المدنيين في مدينة الفاشر بشمال دارفور، ومن قبل في منطقة ود التنورة بولاية الجزيرة وفي منطقة الهلالية وفي مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور ومناطق أخرى أدت إلى صحوة ضمير عالمي تجاه حرب السودان المنسية، وقد اكتشف العالم أخيراً تلك الفظائع التي تمارسها الميليشيات مما يستوجب على المجتمع الدولي التحرك لوقف هذه الأعمال الشنيعة في حق المدنيين".
وأردف عوض الله ضمن حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن "هناك عديداً من الوسائل التي يمكن أن يلجأ إليها الغرب والمجتمع الدولي لوقف حمام الدماء في السودان وذلك من خلال مواجهة الدول التي توفر الدعم العسكري واللوجيستي لهذه القوات".
وشدد على أن "هناك عدداً من الدول المعروفة التي تلطخت يدها بدماء المدنيين في السودان، إذ تقوم بتوفير السلاح وأخرى بتوفير المرتزقة ودول أخرى تفتح أراضيها ومطاراتها لاستقبال الدعم اللوجيستي، وهذه الدول أصبحت معروفة فلذا فإن المجتمع الدولي إن كان صادقاً في وقف حمام الدماء، فإن عليه الضغط على الداعمين الإقليميين والدوليين الممولين لقوات ’الدعم السريع’ لإيقاف ذلك الدعم".
في المقابل سعى عديد من الدول وفي مقدمها الولايات المتحدة منذ أشهر إلى تسليط سيف العقوبات على قوات "الدعم السريع"، إذ أصدرت عقوبات في حق قائدها محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، في يناير (كانون الثاني) الماضي، لكن فاعلية تلك العقوبات تواجه تشكيكاً.
وقال عوض الله إنه "فيما يتعلق بالعقوبات، ربما تكون قرارات تصدر ولكن آليات تنفيذ هذه العقوبات على المتهمين تأخذ وقتاً طويلاً، إلا أنه يمكن اتخاذ عقوبات اقتصادية وأخرى سياسية ضد الدول الداعمة للتمرد، خصوصاً هناك عديد من الشواهد التي تثبت تورط بعض الدول في هذه الحرب، فالأمر يتطلب اتخاذ قرارات دولية ضدها، بجانب القيام بتحقيقات مستقلة لمحاكمة مرتكبي الجرائم ضد المدنيين".
وتابع، "في اعتقادي العقوبات التي تصدر من مجلس الأمن والولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي ستجدي نفعاً أو تقود إلى تراجع أحد الأطراف، لأن هناك عقوبات صدرت في وقت سابق ولم توقف الحرب، لكن هذه العقوبات إذا فرضت على الدول الداعمة للتمرد والتحرك من أجل وقف الإمداد العسكري واللوجيستي لـالدعم السريع فإن ذلك قد يقود إلى وقف الحرب".
ويتفق باحثون ومحللون سياسيون على أن الحل يكمن في وقف الإمدادات من الأسلحة والعتاد العسكري، الذي يتدفق على قوات "الدعم السريع"، إذ سيقود ذلك إلى إنهاء النزاع الدامي الذي تعرفه السودان.
وكان مكتب وزير الخارجية الأميركي أعلن أن قوات "الدعم السريع" ارتكبت إبادة جماعية في السودان وجرى فرض عقوبات على قائدها.
ومع ذلك يرى الباحث السياسي وفي العلاقات الدولية أبي عز الدين أن المجازر الأخيرة التي ارتكبتها قوات "الدعم السريع" في الفاشر بشمال دارفور، وجدت إدانة دولية واضحة من دول عدة ومنظمات إقليمية، ولكنه استبعد أن تتراجع الميليشيات تحت وطأة أي ضغوط خارجية، إذ إن مجلس الأمن طالبها منذ أكثر من عام بفك الحصار عن الفاشر، من دون أي عقوبات على هذه الانتهاكات، إضافة لتهربها من أي انتهاكات وتطهير عرقي قاموا به عندما كانوا حلفاء لنظام عمر البشير".
وأوضح عز الدين، وهو المدير السابق لإدارة الإعلام برئاسة الجمهورية السودانية، في تصريح خاص، أنه "لذلك لا تخشى قيادات وجنود ومرتزقة ’الدعم السريع’ من التلويح بالعقوبات، وبحسب العقيدة التي يتبعونها، فلن يتوقفوا عن المجازر ما لم تكن هناك قرارات واضحة بتصنيفهم كمنظمة إرهابية تخالف القانون الدولي، ويجري قطع الإمداد عنهم". وقال "أما محاولة مساواتهم بالجيش، فهي تعد مكافأة نفسية تعطيهم دافعاً لمزيد من الجرائم وتكرار الانتهاكات، فلذلك تبدو هناك ضغوط من عدد من المنظمات الدولية ومجالس النواب على حكوماتهم، لفرض عقوبات على جرائم الاغتصاب الجماعي والقتل الممنهج للمواطنين بغية تهجيرهم من مناطقهم".
ولفت إلى أن "هناك شعاع أمل بظهور هذه العقوبات على ’الدعم السريع’، مع نفض بعض الدول أياديها نهائياً عن الميليشيات المتضخمة، مثل مصر التي دانت بشدة سلوكيات ’الدعم السريع’، وأوضحت المملكة المتحدثة التي لها صوت مؤثر في مجلس الأمن الدولي أن هذه الانتهاكات الدموية لن تمر من دون عقاب، خصوصاً في ظل المخاوف من تمدد انتهاكات الميليشيات لمدن أخرى".