الصحافة الورقية تنهض من ركام الحرب بمبادرة حكومية غير مسبوقة
klyoum.com
أخر اخبار السودان:
تقنية كهربائية جديدة تهدد عرش الليزك في طب العيونمتابعات- نبض السودان
منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023، دخلت الصحافة السودانية في حالة شلل كامل بعد توقف أكثر من 20 صحيفة ورقية عن الصدور، تاركة فراغًا إعلاميًا واسعًا وحاجبة عن الداخل والخارج تفاصيل ما يجري على الأرض. الدمار الذي لحق بالمؤسسات الصحفية والمطابع في العاصمة الخرطوم، أجبر المئات من الصحفيين على النزوح أو اللجوء، فيما اضطر كثيرون إلى هجر المهنة والعمل في أنشطة هامشية لتأمين قوت أسرهم. وفي ظل هذه الظروف، أعلنت حكومة ولاية الخرطوم عن تحركات فعلية لاستئناف صدور الصحف، ما أثار نقاشًا واسعًا بين من يرى الأمر بارقة أمل ومن يخشى أن تكون الخطوة مدخلًا لتقييد حرية الإعلام.
استعدادات رسمية لعودة الطباعة الورقية
كشفت مصادر أن اجتماعات عُقدت في يوليو الماضي جمعت موزعًا معتمدًا من قبل السلطات بعدد من الناشرين، وكان من أوائل الصحف التي أبدت جاهزيتها للعودة صحيفة "التيار" التي يمتلكها عثمان ميرغني. العودة المرتقبة تفتح صفحة جديدة في تاريخ الصحافة السودانية، لكنها تأتي بعد توقف مفاجئ للحركة الصحفية مع بداية الحرب، حين صدرت الصحف بعناوين حاولت بث رسائل تهدئة، مثل "جبريل ومناوي وعقار يقودون وساطة" و"المجتمع الدولي يبدي قلقه من التصعيد العسكري"، لكنها لم تمنع اندلاع القتال، بحسب سودان تربيون".
كارثة مهنية واجتماعية بالأرقام
وليد النور، سكرتير الشؤون الاجتماعية في نقابة الصحفيين السودانيين، وصف المشهد بالكارثي، مؤكدًا أن 26 صحيفة ورقية و5 مطابع توقفت عن العمل منذ اليوم الأول للحرب.
وبحلول أغسطس 2025، وجد 90% من الصحفيين أنفسهم بلا عمل، فيما اضطر كثيرون لامتهان مهن أخرى بعيدة عن الإعلام. ويضيف النور أن 5% فقط من الصحفيين، معظمهم يعملون في مؤسسات دولية، ما زالوا يتقاضون رواتب منتظمة، منتقدًا ضعف الدعم المحلي والدولي لقضايا الصحفيين مقارنة بزملائهم في مناطق نزاع أخرى
خسائر فادحة لصحيفة "التيار" وأمل بالعودة
رئيس تحرير "التيار" عثمان ميرغني أوضح أن عدد الصحف الورقية قبل ثورة ديسمبر 2018 كان يصل إلى 40 صحيفة متنوعة. الحرب دفعت المشهد الإعلامي نحو الفضاء الإلكتروني، مع تفاوت في المهنية بين الصحف، لكن "التيار" حافظت على طاقمها واجتماعات التحرير. الخسائر المالية للصحيفة وحدها بلغت نحو 400 ألف دولار بعد تدمير مقرها ونهب معداتها. رغم ذلك، يبدي ميرغني تفاؤله، مشيرًا إلى جاهزية مطابع الجيش ومطابع في بحري للعودة للعمل، إضافة إلى توافر شركة توزيع
تجهيزات حكومية لعودة الطباعة
التقارير الحكومية تشير إلى أن الهياكل الأساسية لمقرات الصحف لم تتضرر بالكامل رغم عمليات النهب، وأن مطبعتي "بكة" و"سي تي بي" جاهزتان للعمل. وتم تكليف عثمان ميرغني والصادق الرزيقي بتنسيق عودة الصحف، مع توفير ورق الطباعة وطلب قوائم بأسماء الصحفيين العاملين من الناشرين، في خطوة تبدو منظمة لكنها تثير تساؤلات حول الأهداف النهائية
تحديات أمام الاستئناف
رغم بقاء بعض الصحف الإلكترونية مثل "الجريدة" و"السوداني" و"التيار" على قيد العمل، فإنها تعمل بقدرات محدودة للغاية. هذا الوضع يفرض تحديات أمام أي خطة لعودة الصحافة الورقية، خاصة في ظل ضعف التمويل، نقص المعدات، ومخاوف فقدان الاستقلالية التحريرية.
تساؤلات نقابية حول آلية العودة
عبد المنعم أبو إدريس، رئيس نقابة الصحفيين السودانيين، يدعم مبدأ استئناف العمل الصحفي، لكنه يطرح أسئلة محورية: من سيمول هذه العودة؟ هل ستعتمد على القطاع الخاص أم تمويل حكومي؟ وما هي أسس التعاقد مع الصحفيين الذين دمرت الحرب مسيرتهم المهنية؟ ويؤكد أن 90% من مقرات الصحف ووسائل الإعلام تعرضت للدمار والنهب، ما يجعل الطريق إلى إعادة الإصدارات الورقية مليئًا بالعقبات.