ورطة إسرائيلية كبرى بعد الصفقة الضخمة مع مصر
klyoum.com
أخر اخبار السودان:
لحظة فارقة.. عودة تلفزيون السودان بعد أطول غياب في تاريخه فيديومتابعات- نبض السودان
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن صفقة الغاز العملاقة بين إسرائيل ومصر أثارت قلقًا واسعًا بين خبراء الاقتصاد والطاقة في تل أبيب، بعدما وُقّعت اتفاقية تصدير غاز طبيعي بقيمة 35 مليار دولار تمتد حتى عام 2040، وهو ما اعتبره بعض المراقبين تهديدًا مباشرًا لمخزون الطاقة الإسرائيلي على المدى البعيد، وسط مخاوف من أن يتأثر التصدير للأسواق الخارجية وكذلك مستوى الإمدادات المحلية.
تفاصيل الاتفاقية وأبعادها الاستراتيجية
تقرير صحيفة "غلوباس" الاقتصادية الإسرائيلية أوضح أن الصفقة مع مصر تُعتبر إنعاشًا لقطاع الغاز الإسرائيلي وتسريعًا لتطوير حقل "ليفياثان" – أكبر حقول الغاز في إسرائيل – بالإضافة إلى مشروع خط أنابيب "نيتسانا" الجديد، لكن في الوقت نفسه فجرت جدلاً داخليًا بين وزارتي الطاقة والخزانة الإسرائيلية، حيث يطرح السؤال الأبرز: هل تكفي احتياطيات إسرائيل من الغاز للعقود المقبلة أم أن السعي المحموم وراء التصدير سيقود إلى فقدان استقلالها الطاقوي؟
جدل الاحتياطيات وحدود التصدير
الصحيفة أشارت إلى أن المخاوف تزايدت عقب الإعلان عن الصفقة، إذ يرى خبراء أن التوجه نحو التصدير بشكل مكثف قد يؤدي إلى نقص في السوق المحلية مستقبلًا، في حين يعتبر آخرون أن القيود الموضوعة على التصدير متشددة أكثر من اللازم. لجنة ديان، المسؤولة عن تحديد سقف الصادرات، وضعت سيناريو يفترض أنه بحلول 2045 ستنتج إسرائيل 27 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا مقابل استهلاك متوقع يبلغ 22 مليار متر مكعب، وهو ما يُبقي فائضًا محدودًا لكنه غير كافٍ لمواجهة أي طارئ.
تحذيرات وزارة المالية الإسرائيلية
وزارة المالية أبدت اعتراضها على استنتاجات لجنة ديان، مؤكدة أن نمو الطاقات المتجددة بطيء ولا يحقق الأهداف المرسومة، وأن البنية التحتية لتخزين واستيراد الغاز لم تُنشأ بعد، وهو ما قد يضع الاقتصاد في ورطة مستقبلية. الوزارة طالبت بزيادة الالتزام بالحفاظ على الغاز المحلي من 440 إلى 510 مليارات متر مكعب، معتبرة أن الأولوية يجب أن تكون للاقتصاد الوطني قبل التوسع في التصدير.
خلافات في تقديرات المخزون
في المقابل، رأى خبراء آخرون مثل كبير الاقتصاديين في شركة BDO، تشين هيرزوج، أن تقديرات وزارة الطاقة متحفظة أكثر من اللازم، حيث يؤكد أن الاحتياطيات الحقيقية قد تصل إلى 1040 مليار متر مكعب وليس 850 مليارًا فقط، وأن استبعاد احتمالية اكتشاف حقول جديدة مبالغ فيه. وأوضح أن عشرات المليارات من الأمتار المكعبة قد تُكتشف في العقود المقبلة، وهو ما يغير المعادلة تمامًا
تحديات الطاقة المتجددة في إسرائيل
أحد أهم عوامل الأزمة يتعلق بمدى سرعة التحول نحو الطاقة المتجددة. فبينما تستهدف إسرائيل الوصول إلى 30% من إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة بحلول 2030، لم يتجاوز الإنتاج 15% في 2024. لجنة ديان توقعت أن النسبة لن تتعدى 18% في 2030، و40% فقط في 2050، بسبب بطء تطوير البنية التحتية وتعقيدات البيروقراطية
تطوير البنية التحتية وخط أنابيب نيتسانا
التقرير أشار إلى أن الصفقة مع مصر دفعت إسرائيل لتسريع تطوير بنيتها التحتية للإنتاج والتصدير، حيث يُنتظر أن يرفع حقل ليفياثان إنتاجه من 12 مليار متر مكعب سنويًا حاليًا إلى 21 مليارًا بحلول 2029، مع توسعة قدرة التصدير لتتجاوز 20 مليار متر مكعب سنويًا لمصر، بفضل خط أنابيب نيتسانا الذي تأخر توقيعه مرارًا منذ 2023 لكنه بات وشيك التنفيذ
تأثيرات على الأسعار والسوق المحلية
اللجنة المشتركة للأسعار بين وزارتي المالية والطاقة حذّرت من انتقال السوق من حالة فائض إلى حالة شح، إذ بات معظم إنتاج الحقول الكبرى مُرتبطًا باتفاقيات تصدير طويلة الأمد، ما يجعل حقل "تمار" الخزان الرئيسي المتاح للسوق المحلي، وهو ما سيضعه في موقع احتكاري يرفع الأسعار داخليًا. كما توقعت اللجنة أن بناء محطات غاز جديدة بحلول 2030 سيزيد من الطلب ويضغط أكثر على السوق المحلية
آمال الاكتشافات الجديدة
رغم الجدل، يظل الأمل الأكبر لإسرائيل في اكتشاف احتياطيات غاز جديدة. ففي آخر مناقصة طرحتها وزارة الطاقة قبيل حرب غزة 2023، فازت شركتا "نيوميد" الإسرائيلية و"بي بي" البريطانية مع شركاء آخرين بحقوق استكشاف في "البلوك 1". كما فازت شركة "ريشيو" الإسرائيلية مع "إيني" الإيطالية و"دانا بتروليوم" البريطانية بامتياز آخر، غير أن الترخيص لم يُمنح بعد بسبب اعتبارات جيوسياسية وتراجع مكانة إسرائيل الدولية
مستقبل قطاع الغاز الإسرائيلي بين التصدير والاستهلاك المحلي
التقرير خلص إلى أن إسرائيل تواجه معضلة استراتيجية حقيقية: هل تُعطي الأولوية لتأمين احتياجاتها المحلية من الطاقة على المدى الطويل، أم تواصل السعي وراء المكاسب المالية الضخمة من التصدير لمصر والأسواق الأخرى؟ وبينما يراهن البعض على الطاقات المتجددة والاكتشافات الجديدة لحل المعادلة، فإن المخاوف من ارتفاع الأسعار داخليًا وانخفاض الاستقلال الطاقوي ما زالت تلاحق الحكومة الإسرائيلية.