نهاية "لا لا لاند" وأيديولوجيا ذروة النفط
klyoum.com
أخر اخبار السعودية:
توزيع شتلات مجانية بالأحساءد. فهد محمد بن جمعة
وصف الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، سيناريو "الحياد الكربوني" الصادر عن وكالة الطاقة الدولية عام 2021 – الذي توقع بلوغ ذروة الطلب العالمي على النفط في 2026، ثم انخفاضه إلى النصف بحلول 2050، مع دعوة لوقف الاستثمار الفوري في مشاريع النفط والغاز الجديدة – بأنه "فيلم لا لا لاند" غير واقعي اقتصادياً وتقنياً. تساءل سموه: "فلماذا أخذه على محمل الجد؟"، محذراً من أدلجة الوكالة سياسياً، مما يهدد استقرار أسواق الطاقة. يعكس النقد مخاوف أوبك ومنتجي النفط من تثبيط الاستثمارات ونقص الإمدادات.
لكن في تحول دراماتيكي، أعلنت الوكالة في تقريرها السنوي يوم 12 نوفمبر 2025 تأجيل ذروة الطلب إلى عام 2050، مع استمرار نموه في سيناريو "السياسات المعلنة". يتوقع التقرير وصول الطلب إلى 113 مليون برميل يومياً بحلول 2050، بزيادة 13% عن 2024، أي نمو سنوي متوسط 0.5 مليون برميل. يعزى ذلك إلى تباطؤ التحول نحو الطاقة النظيفة، استمرار الاعتماد على النفط في النقل الثقيل، البتروكيماويات، والطيران، والنمو الاقتصادي في الأسواق الناشئة. باتت توقعات الوكالة تتقارب مع أوبك، التي ترجح نمواً بـ19.2 مليون برميل ليصل إلى 123 مليون برميل يومياً بحلول 2050.
هذا التعديل يأتي بعد ضغوط سياسية، بما في ذلك اتهامات إدارة ترمب للوكالة بتثبيط استثمارات الوقود الأحفوري. أعادت الوكالة سيناريو السياسات الحالية بعد توقفه منذ 2020، محتفظة بسيناريوهات الحياد الكربوني والسياسات المعلنة. في مارس 2025، اعترف فاتح بيرول، رئيس الوكالة، في مؤتمر CERAWeek بأن العالم يحتاج استثمارات إضافية في حقول النفط والغاز الحالية لأمن الطاقة، متناقضاً مع دعوات سابقة للتوقف عن الاستثمار بعد 2023 لتحقيق صفر انبعاثات بحلول 2050.
يُظهر هذا التحول تلوناً سياسياً للوكالة، التي تأسست عام 1974 لمواجهة أزمات النفط. سابقاً، اتسقت مع سياسة بايدن وإعادة انضمام أمريكا لاتفاقية باريس (2021)، لكنها الآن تتماشى مع ترمب المؤيد لزيادة إنتاج النفط الصخري الأمريكي لخفض الأسعار وتعزيز الهيمنة. تمول أمريكا الوكالة بنسبة 25%، مما يثير تساؤلات حول حياديتها. قالت أوبك يوم الأربعاء الماضي: "نأمل أن نكون قد تجاوزنا الذروة في مفهوم ذروة النفط الخاطئ".
من جهة أخرى، يدافع منتقدو الوكالة عن دورها في تعزيز التحول الأخضر، مشيرين إلى أن سيناريو الحياد الكربوني لا يزال قائماً كطموح مناخي. ومع ذلك، يؤكد الأمير عبدالعزيز أن النهج الحذر أفضل من التكهنات، محذراً من أزمات اقتصادية بسبب توقعات غير دقيقة. فقدت الوكالة جزءاً من مصداقيتها بين خبراء الطاقة، الذين يرون تقاريرها عائقاً أمام الاستثمارات اللازمة للحفاظ على الإمدادات.
في النهاية، يعكس هذا التحول نهاية "لا لا لاند" الأيديولوجية، ويعيد التركيز على واقعيات السوق. يتطلب أمن الطاقة توازناً بين الاستثمار في النفط والانتقال التدريجي للنظيف، بعيداً عن الضغوط السياسية.