العقاب البدني للأطفال.. تهديد دائم للصحة النفسية والجسدية
klyoum.com
كشفت دراسة علمية حديثة نشرت في مجلة "Nature Human Behaviour" المتخصصة بدراسات السلوك البشري، عن الأضرار الكبيرة للعقاب البدني على الأطفال، والتي تمتد آثارها السلبية إلى مرحلة البلوغ، خاصة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل التي تعاني من نقص في خدمات الرعاية النفسية والاجتماعية.
وأوضحت الدراسة، التي أجراها فريق من جامعة نيويورك، أن الأطفال في هذه الدول يعانون أكثر من أقرانهم في الدول الغنية بسبب الموروثات الثقافية والاجتماعية التي تُبرر العقاب البدني كوسيلة للتربية، إلى جانب نقص المراكز المتخصصة للتعامل مع العنف الأسري.
وقد قام الباحثون بتحليل بيانات 195 دراسة من 92 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل، شملت تقييم تأثير العقاب البدني على صحة الأطفال البدنية والنفسية، وعلاقتهم الاجتماعية والسلوكية، بالإضافة إلى تأثير الظروف الأسرية والاجتماعية المحيطة بهم.
وأظهرت النتائج أن العقاب البدني مرتبط بتدهور كبير في العلاقة الوجدانية بين الطفل ووالديه، مما يدفع الأطفال إلى تبني العنف كجزء من حياتهم اليومية، وينعكس ذلك في سلوكهم العدواني تجاه الآخرين، سواء في المدرسة أو في محيطهم الاجتماعي.
كما تعرض الأطفال الذين تلقوا العقاب الجسدي لمشكلات صحية متعددة، تشمل آلاماً مزمنة واضطرابات في النوم، بالإضافة إلى مشكلات نفسية مثل الاكتئاب والانسحاب أو السلوكيات العدوانية، مع زيادة خطر تعاطي الكحول والمخدرات وضعف الأداء الأكاديمي وضعف المهارات الاجتماعية.
وأشارت الدراسة إلى أن حدة هذه الآثار تختلف بين المجتمعات بحسب تقبلها الاجتماعي والثقافي للعقاب، ففي بعض المجتمعات يُنظر إلى الضرب كجزء من التربية، مما قد يخفف من تأثيره النفسي، بينما في المجتمعات التي تحظر هذا السلوك، يكون له أثر نفسي سلبي أكبر.
وأوصت الدراسة بضرورة اتخاذ خطوات عاجلة للحد من العقاب البدني للأطفال في البلدان منخفضة الدخل، خاصة مع وجود تقارير تشير إلى أن طفلين من كل ثلاثة يتعرضون لهذا النوع من العقاب قبل سن الخامسة، ما يشكل تهديداً صحياً ونفسياً خطيراً لهم.