سبعون عامًا من التعليم والفتوى.. الشيخ صالح الفوزان نموذج العالم العامل
klyoum.com
أخر اخبار السعودية:
الهلال يحقق رقما تاريخيا بعد هدف ليوناردو أمام الاتحاد في الكلاسيكوالرياض- "الرياض"
بأمرٍ ملكي كريم، صدر تعيين معالي الشيخ صالح الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية، بناءً على ما عرضه سمو ولي العهد، لتُتوّج بذلك مسيرة علمية وعملية امتدت لأكثر من سبعة عقود من التعليم والفتوى وخدمة الشريعة، وجاء هذا التعيين تتويجًا لمسيرة عالمٍ عُرف بثقته العلمية، واعتداله الفكري، وعمقه الفقهي، وإخلاصه في الدعوة والتعليم.
وُلد الشيخ صالح الفوزان في بلدة الشماسية التابعة لمنطقة القصيم عام 1354هـ، ونشأ في بيئة ريفية بسيطة كان يغلب عليها التدين وحب العلم. حفظ القرآن الكريم صغيرًا، وتلقى تعليمه الأولي في الكتاتيب، ثم واصل طلب العلم في المعهد العلمي في بريدة، وهو من أوائل المعاهد الدينية الرسمية في المملكة. ومنذ تلك المرحلة المبكرة، بدأ بروز نبوغه العلمي واهتمامه بعلوم الشريعة واللغة العربية.
التحق الشيخ بكلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وتخرج فيها بدرجة البكالوريوس عام 1381هـ، ثم نال درجتي الماجستير والدكتوراه في الفقه من الجامعة ذاتها، ليبدأ بعدها مسيرة أكاديمية حافلة أسهمت في تخريج جيلٍ واسع من القضاة والعلماء والدعاة.
بدأ الشيخ الفوزان حياته العملية مدرسًا في التعليم العام بعد تخرجه من المعهد العلمي، ثم انتقل إلى التعليم الجامعي حيث عُيّن معيدًا ثم أستاذًا في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وعُرف أثناء عمله الأكاديمي بدقته العلمية ومنهجه الوسطي، وكان من أبرز أساتذة الفقه في المملكة، حتى أصبح مرجعًا علميًا للطلاب والباحثين في الدراسات العليا.
وفي عام 1391هـ عُيّن عضوًا في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وهي أعلى جهة رسمية تصدر الفتاوى الشرعية في المملكة، ثم أصبح عضوًا في هيئة كبار العلماء، وهي الهيئة التي تُعنى بأعظم القضايا الشرعية والفكرية والاجتماعية في البلاد، وقد عُرف الشيخ في عضويته بحكمته ووضوح منهجه، ومواقفه الراسخة في الدفاع عن ثوابت الشريعة، ومشاركاته الواسعة في القضايا الفكرية المعاصرة.
كما شارك الشيخ الفوزان في مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، ومثّل المملكة في عدد من المؤتمرات والندوات الفقهية داخل السعودية وخارجها، وكان دائم التأكيد على أهمية الاجتهاد الجماعي ومواكبة النوازل المعاصرة بروح الفقه الأصيل.
وللشيخ إسهامات علمية كبيرة، إذ ألّف عددًا من الكتب والمراجع في الفقه والعقيدة تُدرّس اليوم في الجامعات والمعاهد الشرعية، منها "إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد"، و"الملخص الفقهي"، و"شرح العقيدة الواسطية"، وغيرها من المؤلفات التي امتازت بالوضوح والمنهجية والالتزام بالنصوص الشرعية.
إلى جانب مؤلفاته، شارك الفوزان في العديد من البرامج العلمية والدروس والدورات الشرعية في مختلف مناطق المملكة، وساهم في إعداد طلبة العلم عبر حلقات علمية متواصلة امتدت لسنوات، وكان حريصًا على ترسيخ الفهم الصحيح للدين ومواجهة الغلو والتطرف بالفكر والعلم والاعتدال.
ويُعد الشيخ صالح الفوزان أحد رموز المدرسة العلمية في المملكة التي حافظت على منهجها الوسطي المستند إلى الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، جامعًا بين الأصالة والتجديد المنضبط، وهو ما جعله من أبرز العلماء الذين نالوا ثقة القيادة والمجتمع على حد سواء.
ويعكس تعيين الشيخ الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة في هذا الوقت رؤية القيادة الحكيمة في تعزيز المرجعية الدينية الراسخة القائمة على العلم الشرعي العميق والاتزان الفكري، وهو امتداد لنهج المملكة منذ تأسيسها في أن تكون الشريعة الإسلامية مصدر التشريع والحياة العامة.