اخبار السعودية

صحيفة الوئام الالكترونية

منوعات

تحذيرات من الاضطرابات النفسية بين الصغار رغم قدرتهم على التكيف

تحذيرات من الاضطرابات النفسية بين الصغار رغم قدرتهم على التكيف

klyoum.com

في ظل تتابع الأزمات العالمية مثل تغيّر المناخ، وتزايد الأخبار عن الحروب والنزاعات، وضغوط وسائل التواصل الاجتماعي، وتداعيات جائحة كورونا، إلى جانب التحديات اليومية الفردية، يبرز تساؤل جوهري: كيف تبدو الصحة النفسية للأطفال والمراهقين في عالم اليوم؟

ومع اقتراب اليوم العالمي للصحة النفسية في 10 أكتوبر، يعرض علماء نفس وأطباء ومعالجون ألمان صورة مزدوجة تجمع بين مظاهر القوة ومؤشرات القلق.

تقول المعالجة النفسية أندريا شتيبل إن جيل الشباب الحالي يمتلك قدراً كبيراً من المرونة النفسية، إذ يظهر قدرة واضحة على مواجهة التحديات المعاصرة والتكيّف معها. ويؤكد الطبيب النفسي فايت روسنر من دريسدن أن “الغالبية العظمى من الشباب يتمتعون باستقرار نفسي جيد”، بينما تضيف عالمة النفس في جامعة بوخوم، سيلفيا شنايدر، أن “الكثير من الأطفال والمراهقين في صحة نفسية جيدة، لكن ذلك لا يعني بالضرورة شعورهم الدائم بالسعادة”.

ورغم هذه الملامح الإيجابية، يتفق الخبراء على أن معدلات الاضطرابات النفسية في ازدياد ملحوظ. وتوضح شنايدر، التي تدير المركز الألماني لأبحاث وعلاج الصحة النفسية، أن نسبة الأطفال والمراهقين الذين يعانون من اضطرابات نفسية ارتفعت خلال السنوات الأخيرة، وسُجلت ذروة واضحة في فترة الجائحة، مشيرة إلى أن نحو ثلث هذه الفئة يمرّون باضطراب نفسي يتطلّب العلاج في مرحلة ما من حياتهم.

ملامح الطفل السليم نفسياً

يصف روسنر الطفل أو المراهق السليم نفسياً بأنه من يمتلك مهارات تمكّنه من خوض حياة نشطة ومتوازنة، تشمل فهم المشاعر وتنظيمها والتعبير عنها، والتمتع بثقة مستقرة بالنفس، إضافة إلى القدرة على استعادة التوازن بعد الأزمات. ويرى أن هؤلاء الأطفال غالباً ما يتمتعون بقدرة على التعاطف وبناء الصداقات وحل النزاعات والانفتاح على التجارب الجديدة.

أما شنايدر فتؤكد أن الطفل السليم نفسياً يشعر بالانتماء والقبول الاجتماعي، ويتعلم التعايش مع الأزمات، ويجد توازناً بين الفرح والحزن، ويتمكن من تجاوز الصعوبات بثقة.

يشدد الخبراء على أن الروابط الأسرية المستقرة، والبيئة الداعمة الخالية من العنف، والشعور بالأمان المادي والاجتماعي، والمناخ الإيجابي المحيط بالطفل، كلها عناصر أساسية لبناء صحة نفسية سليمة.

لكن روسنر يرى أن هذه العوامل لا تكفي وحدها، فالصحة النفسية – كما يقول – “نتاج تفاعل معقد بين الجينات والموارد الفردية والظروف البيئية”، محذراً من أن معاناة الوالدين من ضغوط نفسية قد تنعكس سلباً على استقرار أطفالهم.

تشير شنايدر إلى أن “أسس الصحة النفسية، وكذلك جذور الاضطرابات، تتكون في مراحل الطفولة والمراهقة”، مضيفةً أن من لم يصب باضطراب نفسي حتى سن الخامسة والعشرين يُرجح ألا يعاني من ذلك لاحقاً. لكنها تحذر من أن الاضطرابات في هذه المرحلة قد تقود إلى الانعزال الاجتماعي أو التوقف عن الدراسة، مما ينعكس سلباً على الأداء الأكاديمي والاستعداد للحياة المستقبلية.

الاضطرابات الأكثر شيوعاً

تتقدم اضطرابات القلق والاكتئاب وفرط الحركة وتشتت الانتباه واضطرابات السلوك الاجتماعي قائمة المشكلات النفسية بين الأطفال والمراهقين، وغالباً ما ترافقها أعراض جسدية مثل الصداع وآلام البطن. وترتبط هذه الحالات بالضغط الدراسي والتنمر والخلافات العائلية والعزلة الاجتماعية، وغالباً ما تتداخل هذه العوامل معاً لتشكل صورة معقدة.

تحذر شتيبل من أن التفاعل بين الطفل وبيئته أصبح أكثر هشاشة في عصر الإنترنت، لافتة إلى أن الجائحة كشفت ضعف قدرة بعض الأطفال على مواجهة العزلة. وتشير إلى أن “مساحات التنشئة الاجتماعية انتقلت جزئياً إلى الفضاء الرقمي، حيث المخاطر كبيرة في غياب التوجيه والرقابة”. كما تبرز ظاهرة “لوم الذات”، حيث يقارن المراهقون أنفسهم بصور مثالية على الإنترنت، ما يولّد شعوراً بالنقص ويمنعهم من طلب المساعدة بدافع الخجل.

تشدد شتيبل على أهمية الوقاية والتدخل المبكر من خلال برامج موجهة للأسر والمدارس ورياض الأطفال، فيما يدعو روسنر إلى تعزيز خدمات الدعم النفسي وزيادة الوصول إليها.

أما شنايدر، فترى أن تعزيز الصحة النفسية يجب أن يبدأ منذ الولادة، وأن يُدمج في جميع مراحل التعليم، مؤكدة أن “صحة الأطفال النفسية مسؤولية مجتمعية تتطلب تعاون الأسر والمدارس والمؤسسات معاً”.

*المصدر: صحيفة الوئام الالكترونية | alweeam.com.sa
اخبار السعودية على مدار الساعة