اخبار السعودية

صحيفة الوئام الالكترونية

منوعات

هل يهدد الذكاء الاصطناعي القدرات الذهنية للبشر؟

هل يهدد الذكاء الاصطناعي القدرات الذهنية للبشر؟

klyoum.com

يشهد العالم في السنوات الأخيرة تسارعاً غير مسبوق في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ما أثار نقاشات واسعة حول تأثير هذه التقنية المتقدمة على القدرات الذهنية للبشر، خاصة في ما يتعلق بالتفكير النقدي، والذاكرة، والتركيز، والإبداع.

ويرى خبراء في مجالات علم النفس والتربية والتكنولوجيا أن الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في احتمال أن تستبدل الآلات الذكية الإنسان في بعض الوظائف، بل في أن يتكل عليها البشر بشكل مفرط، ما قد يؤدي إلى ضمور المهارات العقلية وتراجع القدرة على التفكير المستقل.

ووفق دراسة حديثة أجرتها شركة "مايكروسوفت" بالتعاون مع جامعة "كارنيغي ميلون" الأميركية، تبيّن أن الموظفين الذين وثقوا كثيراً بأدوات الذكاء الاصطناعي بدأوا يُظهرون تراجعاً ملحوظاً في التفكير النقدي، وكلما زادت ثقتهم بنتائج هذه الأدوات، قلّ تدخلهم العقلي في مراجعة مخرجاتها. الأمر الذي دفع باحثين إلى التحذير من اعتماد الإنسان على الذكاء الاصطناعي دون وعي، لما له من أثر سلبي على المدى البعيد.

من جهة أخرى، يشير بعض المتخصصين إلى أن الذكاء الاصطناعي، إذا استُخدم بحكمة، قد يشكّل امتداداً للعقل البشري لا بديلاً عنه.

ويستدل هؤلاء بأن الإنسان لطالما استعان بوسائل خارجية لتخزين المعلومات وتذكرها، مثل التدوين، والتقويمات، والملاحظات اليومية، وهو ما ساعده على التركيز في المهام الذهنية الأعلى تعقيداً.

لكن التحذيرات لا تتوقف هنا، إذ يؤكد علماء نفس وتربية أن الاعتماد المستمر على أدوات الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى نوع من "الكسل العقلي"، حيث يتوقف الإنسان عن بذل الجهد الذهني في التعلم والتفكير.

وأشار أحد الصحافيين إلى أنه لاحظ تراجع قدرته على التعبير بلغة أجنبية بعد اعتماده الدائم على روبوتات الكتابة في صياغة رسائله.

وفي السياق ذاته، نبّه خبراء إلى التأثير السلبي لهذه الظاهرة على الطلاب، حيث وجدوا أن الاعتماد المكثف على أدوات مثل "شات جي بي تي" في أداء الواجبات الدراسية أدى إلى تراجع في التحصيل وفقدان تدريجي للقدرة على حل المشكلات بشكل مستقل.

أما في ما يتعلق بالذاكرة والانتباه، فيؤكد باحثون أن للذكاء الاصطناعي جانباً إيجابياً يتمثل في دعم الذاكرة البشرية من خلال تذكيرنا بالمهام والمواعيد، إلا أن الإفراط في استخدام هذه الأدوات قد يؤدي إلى ضعف تدريجي في قدرة الإنسان على التذكّر، خاصة إذا توقف عن تمرين ذاكرته.

ويحذر البروفسور أوليفر هاردت من جامعة "ماكغيل" الكندية من أن الراحة الزائدة في استخدام الأجهزة الذكية "لها ثمن باهظ"، مشدداً على أن "الذاكرة البشرية تتراجع حين لا تُستخدم".

وفيما يخص الانتباه، تشير أبحاث علمية إلى أن متوسط مدة التركيز لدى الأفراد قد انخفض من دقيقتين ونصف إلى أقل من دقيقة خلال العقدين الماضيين، وهو ما يعزوه الخبراء إلى التنبيهات الرقمية المتكررة والتبديل المستمر بين المهام.

ويخلص الخبراء إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يكون أداة قوية لدعم العقل البشري، لكنه قد يتحول إلى عبء إذا تم الاعتماد عليه دون وعي، ما يستدعي ضرورة تعزيز ثقافة الاستخدام المسؤول لهذه التقنيات المتقدمة.

*المصدر: صحيفة الوئام الالكترونية | alweeam.com.sa
اخبار السعودية على مدار الساعة