اخبار السعودية

جريدة الرياض

ثقافة وفن

الأدباء الصحفيون.. من منصة الخبر إلى ذاكرة الأدب

الأدباء الصحفيون.. من منصة الخبر إلى ذاكرة الأدب

klyoum.com

الرياض - بكر هذال

ضمن مبادرات الشريك الأدبي، عقد صالون نبل برنامجه الثقافي في مكتب مدينتي-طويق- أمانة الرياض منصة نبَل الثقافية أمسية ثقافية حملت عنوان

«الأدباء الصحفيون» قدّمها الزميل مدير التحرير للشؤون الثقافية عبدالله الحسني، وأدارها محاورًا الأستاذ عوضة بن علي الدوسي، وسط حضور لافت من المثقفين والصحفيين والمهتمين بتاريخ الكتابة ودورها في تشكيل الوعي.

استهل الحسني حديثه بالإشارة إلى أن المشهد الثقافي السعودي اليوم يشهد نموًا ملحوظًا وتراكمًا معرفيًا يُبنى على جذور تاريخية عميقة، مؤكدًا أن الصحافة السعودية لم تبدأ كمؤسسات إعلامية فقط، بل بدأت كمشروع نهضوي قاده أدباء حملوا القلم قبل أن يحملوا العنوان الوظيفي.

وذكر الحسني من أوائل هؤلاء الروّاد: حمد الجاسر، عبدالله بن خميس، عبدالرحمن الجهيمان، سعد البواردي، وأحمد عبدالغفور عطار، وغيرهم؛ مؤكدًا أنهم لم يروا في الصحافة مساحة للنشر فقط، بل منصة لبناء وعي المجتمع، وتحريك المياه الساكنة في الثقافة والفكر والهوية.

ثم انتقل إلى مهاد لغوي وتأصيلي لمفهوم كلمة «أدب»، مبيِّنًا أن جذوره الأولى ارتبطت بالمأدبة والدعوة للطعام، قبل أن تتطوّر عبر العصور لتدلّ على الدعوة إلى الأخلاق والمعرفة والجمال والتهذيب»، مما يعكس طبيعة الأدب بوصفه فعلًا اجتماعيًا ومعرفيًا قبل أن يكون فنًا مكتوبًا.

وبالتوازي، قدم الحسني تعريفًا للصحافة بوصفها: «يقظة المجتمع تجاه اللحظة الحية، وصياغة الواقع بلغة يفهمها الناس ويستطيعون بواسطتها اتخاذ موقف.»

وانطلاقًا من هذا المفهوم، أوضح أن العلاقة بين الأدب والصحافة هي علاقة اقتراض وتأثير متبادل وليست علاقة صراع. فالأدب يهب الصحافة روحها الإنسانية، ومجازها العميق، ولغتها الرنانة؛ بينما تمنح الصحافة الأدب الدقة، الإيجاز، حسّ التفاصيل، والانتباه إلى نبض الحياة اليومية.

وأكد الحسني أن التجربة الصحفية لعبت دورًا بارزًا في صقل أساليب كثير من الروائيين والكتّاب، وساعدتهم على تطوير قدرتهم على التقاط المشاهد الصغيرة، وتحويلها إلى سرد نابض بالشخصيات والصوت والإيقاع.

وللاستدلال على هذا التلاقي، توقّف المحاضر عند تجربة مجلة الرسالة التي أسسها أحمد حسن الزيات عام 1933، مؤكدًا أنها لم تكن مجرد إصدار ثقافي، بل مدرسة أدبية وفكرية كتب فيها أعلام مثل: مصطفى صادق الرافعي، طه حسين، إبراهيم المازني، زكي مبارك، والعقاد، وتحولت معها المقالة الأدبية من مساحة رأي إلى فن قائم على الفكرة واللغة والرؤية.

كما استعرض الحسني تجارب عالمية لكتّاب بدؤوا في الصحافة قبل أن يصبحوا رموزًا في الأدب، من بينهم: غابرييل غارسيا ماركيز، إرنست همنغواي، وجورج أورويل، معتبرًا أن غرف التحرير بالنسبة لهم كانت مختبرًا للصوت والأسلوب والرؤية قبل كتابة الروايات التي اشتهروا بها.

وخلال المحاضرة، عبّر الحسني عن تقديره لمنصة نبَل، واصفًا إياها بأنها:

فضاء ثقافي يكرّم الكلمة بوصفها معرفة ومسؤولية، لا مجرد محتوى.

كما أشاد بدور الأستاذ منصور الزغيبي، معتبرًا إياه من الأصوات الثقافية التي تحوّل الفكرة إلى برنامج، والمبادرة إلى أثر.

وفي ختام اللقاء، قدّم الحسني توقيع نسخ من كتابيه:«الاختلاف أفسد للود قضية»

وكتابه الجديد «كما رأيت»، وسط تفاعل الحضور وطلبهم الحصول على توقيع شخصي منه. واختتمت الأمسية بتكريم الزميل عبدالله الحسني بدرع تذكاري من منصة نبَل تقديرًا لإسهامه المعرفي وحضوره الثقافي.

ثم فُتح باب المناقشة للحضور، وانتهى اللقاء بسؤال ظلّ معلقًا بين الأدب والصحافة:

هل تغيّر الكاتب بتغيّر الوسيط؟ أم أن جوهر الكتابة سيظل ثابتًا مهما تغيّرت المنصات؟.

*المصدر: جريدة الرياض | alriyadh.com
اخبار السعودية على مدار الساعة