الاقتصاد السعودي يتحدى الظروف العالمية ويسجل نموًا في الإيرادات
klyoum.com
أخر اخبار السعودية:
مايكروسوفت تمدد عمر ويندوز 10 بعام إضافيالرياض- "الرياض"
أصدرت وزارة المالية في المملكة العربية السعودية تقرير أداء الميزانية العامة للدولة للربع الأول من السنة المالية 1446/1447هـ (الموافق للربع الأول من عام 2025م)، والذي كشف عن تسجيل عجز مالي قدره 58.7 مليار ريال، في وقت شهدت فيه الإيرادات ارتفاعًا ملحوظًا، بما يعكس قدرة الاقتصاد الوطني على الصمود في مواجهة المتغيرات المالية العالمية، واستمراره في تحقيق تقدم ملموس على صعيد تنويع مصادر الدخل.
وبحسب التقرير، فقد بلغت الإيرادات الفعلية للدولة خلال الربع الأول نحو 322.3 مليار ريال، مرتفعة عن مستوياتها في نفس الفترة من العام 2024 التي بلغت 305.8 مليار ريال، أي بزيادة تبلغ نحو 5.4%. ويُعزى هذا النمو في جانب كبير منه إلى تحسن الإيرادات غير النفطية، وهو ما يعكس النجاح التدريجي لسياسات الإصلاح المالي التي تتبناها المملكة في إطار رؤية 2030.
في المقابل، بلغت المصروفات الحكومية خلال نفس الفترة 381.0 مليار ريال، مقارنة بـ317.3 مليار ريال في الربع الأول من العام السابق، بزيادة تصل إلى أكثر من 20%. وتشير وزارة المالية إلى أن هذه الزيادة تعود إلى الالتزامات المستمرة تجاه تنفيذ المشاريع الكبرى، والإنفاق على البرامج الاجتماعية والبنية التحتية الحيوية، مما يعزز من جودة الحياة ويدفع بعجلة الاقتصاد المحلي.
ويشير التقرير إلى أن الإيرادات الأخرى مثلت 63% من إجمالي الإيرادات، وتشمل هذه الفئة إيرادات الاستثمارات الحكومية، ورسوم الخدمات الحكومية، وغيرها من العوائد غير الضريبية، أما الضرائب على السلع والخدمات فشكلت 22%، مدفوعة بنمو النشاط الاستهلاكي وزيادة الالتزام الضريبي.
كما بلغت الضرائب على التجارة والمعاملات الدولية، والتي تشمل الجمارك والرسوم المرتبطة بالواردات والصادرات، نسبة 9%، في حين توزعت بقية الإيرادات على الضرائب الأخرى بنسبة 5%، والضرائب على الدخل والأرباح والمكاسب الرأسمالية بنسبة 4%.
ورغم تسجيل عجز بقيمة 58.7 مليار ريال، إلا أن البيانات تشير إلى أن المملكة لا تزال تحافظ على نسبة دين عام مستقرة، فقد بلغ إجمالي الدين العام بنهاية الربع الأول من 2025 نحو 1.216 تريليون ريال، مقارنة بـ1.328 تريليون ريال في نفس الفترة من عام 2024، ما يمثل انخفاضًا ملموسًا بنسبة تقارب 8.4%.
وهذا الاستقرار في مستويات الدين، رغم تسجيل العجز، يدل على حسن إدارة المالية العامة، والتوجه نحو تمويل العجز عبر مصادر مستدامة، وتقليل الاعتماد على أدوات الدين، وهو ما يعزز من الثقة في قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية دون التأثير على الاستقرار الاقتصادي الكلي.
ويتزامن هذا الأداء المالي مع بيئة اقتصادية عالمية تتسم بالتقلبات، بما في ذلك تذبذب أسعار النفط، وتباطؤ سلاسل الإمداد، وتقلبات في الأسواق العالمية، ورغم هذه التحديات، تظهر البيانات أن الاقتصاد السعودي حافظ على تماسكه واستمر في تحقيق نمو هيكلي مدفوع بإصلاحات اقتصادية واسعة النطاق.
ويُعزى ذلك إلى عدد من العوامل الجوهرية، من أبرزها تعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي، وتوسيع القاعدة الضريبية، وتمكين القطاع الخاص، وتطوير القطاعات غير النفطية مثل السياحة، والتقنية، والصناعات التحويلية، كما ساهمت الاستثمارات الكبرى في مشاريع مثل "نيوم"، و"البحر الأحمر"، و"القدية" في تحفيز النمو المحلي وتوفير فرص العمل.
وأكد التقرير أن الحكومة السعودية تواصل التزامها بمسار الاستدامة المالية على المدى المتوسط والبعيد، عبر تعزيز الإيرادات وتنويعها، وتحسين الإنفاق العام، وتحقيق الانضباط المالي دون التأثير على الاحتياجات التنموية، كما تستمر الدولة في تمويل العجز عند الحاجة بأساليب متوازنة، تضمن عدم تعريض المالية العامة لمخاطر مفرطة.
تُظهر المؤشرات الأولية للربع الثاني من السنة المالية الحالية إشارات إيجابية، خاصة مع تعافي النشاط الاقتصادي في عدد من القطاعات الحيوية. وتشير التوقعات إلى إمكانية تقليص العجز تدريجيًا خلال الأرباع المقبلة، في حال استمرار التحسن في الإيرادات وضبط النفقات.
ويعكس تقرير الربع الأول من 2025 صورة مالية متوازنة للاقتصاد السعودي، حيث تسير الدولة بخطى ثابتة نحو تحقيق مستهدفاتها الطموحة، رغم التحديات الظرفية، ويبرهن الأداء المالي على متانة الأسس الاقتصادية للمملكة، وقدرتها على مواصلة النمو، وتحقيق التحول الاقتصادي المستدام، وضمان رخاء الأجيال القادمة.