مواجهة الضمير
klyoum.com
أخر اخبار السعودية:
انطلاق أعمال المؤتمر والمعرض الدولي للتكرير والبتروكيماويات والصناعات التحويليةأصعب معركة يخوضها الإنسان، ليست مع الآخرين؛ بل إنها- بلا شك- مع نفسه ومواجهة الضمير. هي تلك اللحظة التي يُسقط فيها المرء كل التبريرات، ويقف أمام مرآة داخلية لا تجامل ولا تُزيّن الحقائق في هذا الموقف ويصبح الصوت الداخلي أقوى من أي ضجيج خارجي؛ فيدعو صاحبه إلى مراجعة خطواته ومحاسبة اختياراته.
ولا يخفى علينا أن مواجهة الضمير ليست رفاهية فكرية؛ بل مسؤولية أخلاقية من الفرد تجاه ذاته؛ فهي التي تحفظ للإنسان إنسانيته وسط زحام المصالح والمغريات، وحين يجرؤ الفرد على الإصغاء لذلك النداء الخفي؛ فإنه يقترب أكثر من جوهره النقي، بعيدًا عن المظاهر التي قد تخدع الآخرين لكنها لا تخدع القلب.
ورغم صعوبة هذه المواجهة، إلا أنها تحمل بداخلها قوة تصحيحية عظيمة؛ فالإنسان الذي يعترف بأخطائه ويتجاوز مرحلة الأنا، يفتح لنفسه باب الإصلاح، كما أن الاعتراف أمام الضمير ليس إعلان هزيمة، بل بداية انتصار داخلي؛ ينعكس على السلوك والعلاقات والقرارات المستقبلية.
كما أن مواجهة الضمير تمنح للأفراد شجاعة استثنائية. فمن يقدر على النظر في أعماقه بصدق يصبح أكثر قدرة على النظر في وجوه الآخرين بلا خوف أو خجل، كما أنها لحظة تحرر من الأقنعة وعودة إلى البساطة والوضوح، حيث تتوافق الأقوال مع الأفعال.
وتبقى مواجهة الضمير امتحانًا يوميًا لا مفر منه؛ قد نتعثر فيه أحيانًا وننجح فيه أحيانًا أخرى، ولكن الاستمرار في خوضه هو ما يصنع شخصية أصيلة متصالحة مع نفسها قادرة على النمو والتطور. إنها معركة صامتة لكنها تصنع أعمق الانتصارات، وأقوى الشخصيات الصانعة للنجاحات.
fatimah_nahar@