اخبار السعودية

جريدة الرياض

سياسة

سعد الحميدين الإنسان والمعلم

سعد الحميدين الإنسان والمعلم

klyoum.com

أخر اخبار السعودية:

:

عماد بن محمد العباد

احتفت وزارة الثقافة السعودية، في دورتها الخامسة من “الجوائز الثقافية الوطنية” لعام 2025، برموزٍ أسهموا في تشكيل المشهد الثقافي. وجاء اسم الأستاذ سعد الحميدين على رأس قائمة المكرّمين بجائزة الإعلام الثقافي، بوصفه أحد المؤسسين للصحافة الثقافية في المملكة.

حين سمعت خبر تكريمه، شعرت بفرح يتجاوز التقدير المهني. فهو بالنسبة لي ليس مجرد علم بارز في الإعلام والشعر، بل أستاذٌ عرفت معه معنى أن تكون الصحافة الثقافية مشروعاً ممتداً يتجاوز نشر المواد إلى بناء وعي ومسؤولية.

عملت مع الأستاذ سعد سنوات طويلة في جريدة الرياض. كانت تلك التجربة مدرسة كاملة؛ تعلمت منه الصرامة في جودة ما نقدمه للقارئ، والقدرة على الربط بين ما يجري في الثقافة المحلية وما يحدث في العالم. لم يكن يعلمنا الصحافة كمهنة فحسب، بل بوصفها موقفاً من الحياة، يوازن بين الحس الإنساني والاحترافية.

الأستاذ سعد واسع الاطلاع على نحو نادر. مكتبته الشخصية وعلاقته بالكتب تعكسان شغفًا مذهلا بالثقافة والأدب. حديثه يشدك لأنه يستند إلى ذاكرة مفعمة بالتفاصيل الطازجة والتحليلات التي تعرض لك الحياة من زاوية مختلفة. وربما لهذا السبب كان تأثيره كبيرا على كل من عمل معه؛ فهو من القلائل الذين يمنحون تلاميذهم الوقت والمساحة وكل الدعم ليكتشفوا إمكاناتهم، ورغم صرامته في معايير جودة المحتوى لم أجد منه خلال خمسة عشر عاما قضيتها تحت إدارته إلا دماثة الخلق وطيب المعشر ولطف التعامل مع جميع الزملاء الذين عملوا تحت إدارته.

على المستوى المؤسسي، ترك الأستاذ بصمة واضحة بفضل جهده وعلاقاته الواسعة، ومع الدعم اللامحدود الذي وجده من الأستاذ تركي السديري -رحمه الله-، أصبحت الصفحات الثقافية في الرياض مرجعا إقليميا. الملحق الأسبوعي الذي أشرف عليه جمع أقوى الأسماء الثقافية والفكرية والأدبية في العالم العربي، وفتح المجال أمام جيل جديد من الكتّاب السعوديين ليجدوا منبرا لنصوصهم. كان النشر فيه شهادة تميز تعني الكثير للمبدعين الشباب.

كما يتمتع الأستاذ سعد بجانب إنساني عميق لا يعرفه إلا من زامله. كان يتابع أحوال الكتّاب الشخصية، يعود المرضى منهم، ويتابع حالاتهم وينقلها لرئيس التحرير الأستاذ تركي السديري -رحمه الله-، والذي كان لا يتوانى في مد يد المساعدة لكل محتاج منهم.

عندما توليت إدارة التحرير الثقافي بعد ترجله، أدركت حجم المسؤولية. لم يكن من السهل أن أملأ الفراغ الذي تركه، لكن إرثه كان حاضرا في كل قرار وكل خطوة اتخذناها آنذاك. واليوم يواصل الزميل عبدالله الحسني بكل اقتدار هذه المسيرة، متكئا على أساس متين بناه الأستاذ سعد الحميدين.

تكريم وزارة الثقافة اليوم ليس مجرد احتفاء بمسيرة صحفي وشاعر، بل تقدير لعَلَمٍ ساهم في بناء وعي ثقافي وحافظ على قيم مهنية وأخلاقية نادرة. من يعرفه عن قرب يدرك أن قيمته الحقيقية لا يمكن أن تختصرها جائزة، بل في الأفق الذي فتحه للصحافة الثقافية في المملكة، وأجيال الصحفيين والمبدعين الذين تتلمذوا على يده.

*المصدر: جريدة الرياض | alriyadh.com
اخبار السعودية على مدار الساعة