الرياض تقرأ وتُقرئ
klyoum.com
أخر اخبار السعودية:
مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني تكشف إطلاق مؤشر عالميعبدالله الحسني
وسْط ترقُّب وانتظار طويلين، وبمشاعر محتشدة، ونفوس متطلّعة، تنطلق اليوم فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، بنسخة جديدة، وبعنوان واثق، وعابق بالتفاؤل: «الرياض تقرأ»، يأتي العنوان عميقاً في دلالته، ليؤكّد أن الرياض تقرأ، وأنها حين تقرأ فإنها تُقرئ العالم معها، وتدعوه إلى فضاء من الفكر والجمال والمعرفة، وهنا يحمل المعرض رسالة واضحة، وجليّة؛ وهي أن معرضنا هذا لم يَعُدْ مجرّد احتشاد للكُتُب، بل غدا موسماً للوعي، وكرنفالاً ثقافياً تتقاطع فيه الأصوات والتجارب والرؤى.
نعم؛ فالكتاب ليس مجرّد غلاف وورق، بل أصبح طاقة للوجود، وكل كتاب يصدر تولد معه حياة جديدة، ويمنح قارئه نافذة أخرى يرى منها ذاته والعالم، وحين تجتمع هذه الحيوات جميعاً في معرض واحد، يصبح المكان أقرب إلى مدينة موازية، تنبض بالأسئلة، وتضيء بالمعرفة.
لقد جاءت رؤية المملكة 2030 لتجعل الثقافة في قلْب مشروع التحوّل، النهضة الحضارية، لا هامشاً على الأطراف. وهنا يسطع أمامنا دور هذا المعرض، لا كفضاء معرفي فقط؛ وإنما تجسيداً لرؤية تجعل من القراءة نمط حياة، ومن الكتاب مُكوّناً أساسياً لجودة الحياة، يثري الأفراد ويرتقي بالمجتمع.
كل نسخة من نُسَخِ المعرض تثبت أن الرياض لم تعد تستضيف الكتب فقط، بل تستضيف العقول التي تقرؤها وتتناقش حولها؛ فالمعرض ليس سوقاً صامتة، بل ميداناً للحوار، يلتقي فيه الكاتب بالقارئ، والباحث بالناشر، ويتحوّل الكتاب إلى جسـرٍ يربط بين الأجيال.
الكتابة؛ هذه الفعاليّة الذهنية المبهجة، والعشق المصطفى، هي في الأساس نشاط فردي يولد في صمت العزلة، لكن قيمة المعرض وأهميته، وامتداداته الرحبة، يحرر هذا القارئ/ الكاتب ليعيش في فضاء المشاركة، وهناك يتأكّد أن النص لا يكتمل إلا حين يجد قارئه، وأن المعرفة لا تزدهر إلا حين تتحول إلى تجربة جماعية.
هنا تتجلّى لنا وزارة الثقافة كصوت جهير للوعي، والاستنارة، وكذلك كرافعة تنويرية، وفكرية، وثقافية تدفع بالإبداع، وبتجلّياته إلى الأقاصي من المعرفة، احتفاءً بالعقل المبدع، وبثمرات الفكر، ليمتدّ ضوء المعرفة لكل الآفاق. ولا يغيب أمام هذا العرس الثقافي، دور ذراع وزارة الثقافة، هيئة الأدب والنشر والترجمة، التي تهندس فضاءات الثقافة بكافة تجليّاتها، بعمل مؤسسي احترافي، وإبداعي لافت.
يبقى التأكيد على أن معرض الرياض الدولي للكتاب لا يقتصر دوره على الاحتفاء بالكتاب، بل إنّه مشروع سعودي عالمي يؤكد أن الثقافة امتداد حضاري إنساني، وأن كل كتاب يُطبع هو لبنة في بناء وعي جماعي، وضمانة فكرية للفرد في معركته مع الجهل والهشاشة المعرفية من أجل الارتقاء.
فاليوم، حين نقول: إن الرياض تقرأ، فإننا نعلن أن مدينةً كاملة قد اختارت المعرفة لتكون نبضها، والفكر ليكون لسانها. والرياض، وهي تقرأ، تُقرئ العالم معها، وتبعث رسالة أن الأمة التي تضع الكتاب في قلب نهضتها، هي أُمّة تحيا بالمعنى، وتمنح الآخرين دهشة الاكتشاف.