اخبار السعودية

جريدة الرياض

ثقافة وفن

في مفهوم الكتابة الثقافية

في مفهوم الكتابة الثقافية

klyoum.com

عوضة بن علي الدوسي

أحد القراء الأعزاء يسألني: لماذا تكتب في الشأن الثقافي الصرف، وفي الوهلة الأولى لهذا السؤال يظهر أنه تقليدي لمن لم يفطن له بموضوعية، وبالنظر الواقعي والعميق لكل أبعاد ثقافتنا، وعند الوقوف على السؤال بوعي نجد أنه سؤال يحتاج إلى إجابات متعددة، نظرًا لحجم ثقافتنا وما تكتنز من جوانب مختلفة تستحق أن تكون في دائرة الضوء، لا سيما في هذه المرحلة التي منحت الثقافة أهمية بالغة وحضوراً وافراً، ففي قابل الأيام وبرعاية من سمو سيدي الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله- يرعى مؤتمر دولي في الرياض تحت اسم الاستثمار الثقافي، مما يؤكد أن ثقافتنا تعبر عن قيم مجتمعية واسعة ولها صفتها وفرادتها، وتتمرحل بين مراحل الزمن وتتجاوز ذلك إلى المستقبل من خلال النظرة الاقتصادية والتواصل الإنساني، فاليوم الثقافة أصبحت نمط حياة، والثقافة وسيلة لفهم أعمق لحياة الإنسان السعودي، ولا يمكن أن نصل إلى الجذور الثقافية دون أن ننظر بعمق لثقافتنا، وأن نستدعي ملامحها من خلال البرامج المختلفة والمتنوعة، ولهذا كلنا ندين لرؤية الوطن التي أعادتنا وبقوة إلى جذورنا الثقافية، والجهود في هذا الاتجاه كبيرة وواعدة، وقد تجلى في الأفق الكثير من الهيئات والأعوام التي تعتني بثقافتنا، وبالعودة إلى التساؤل، وهو ما أود أن أقف عليه بشي من التفصيل باعتبار أن المحلق الثقافي في صحيفة «الرياض» قد خصص لذلك مساحة كبيرة، واستكتب لها نخبة من المثقفين، ولأن الكتابة الثقافية تتجاوز اللحظة العابرة وتخلد الفعل الثقافي، مما يجعل الكتابة مرجعاً مهماً لكل باحث ودارس، والكتابة الثقافية كعنوان بارز ليس تركيباً لغوياً جامداً بل هو عنوان يدل على ما بعده، وفيه دعوة ضمنية للولوج بحالة من التقرّي للوصول إلى الدلالات المختلفة تجاه الثقافة ببعديها المادي والمعنوي، إذاً الكتابة الثقافية تؤمي بتعدد أشمل ولنكون أكثر دقة وموضوعية في الإجابة عن السؤال لماذا الكتابة في الشأن الثقافي؟ لأن القارئ يبحث عن معنى الحياة، عن معنى المكان وتداعياته، يبحث عن الأصول والمثمنات الثقافية، ولهذا تظل الكتاب الثقافية أصدق ملهم لهذا التنوع، ومن خلالها نصل لكل التفصيلات والأبعاد المختلفة، لأن الكتابة الثقافية تظل المرآة التي تعكس حقيقة الأشياء في مسرح الوجود، وهي التي تضع مسارًا لكل أبعاد الزمن ومراحله المختلفة، فالإنسان شغوف بأن يصل إلى مراحل الزمن وتغيراته، والصياغة الأدبية الثقافية تستدعي كل عوالم التاريخ بمراحله، والجغرافيا بكل تنوعها، وإلى جانب أنها تعزز الهوية، فهي كذلك توثق المكان والشخوص في ذاكرة الجمع، لأن المكان قد يواجه نوعاً من النسيان أو التلاشي لا سيما مع هذا المد العولمي الذي ينذر بالذوبان في الآخر المختلف، كون العالم اليوم يتجه إلى ما يعرف بالتجانس الثقافي ضمن منظومة القرية الكونية، ومن هنا تمنحنا الكتابة الثقافة الفرصة للحفاظ على هوية المكان، وكذا العادات والقيم النبيلة والخصوصية المنشودة، الكتابة الثقافية هي التي تعمق الصلات بين البيئة والإنسان، وتجعل المجتمع يحضر ضمن فضاء أوسع في الساحة الأممية، لأننا نعيد مكانة الأمكنة ووهج الحياة المستمد من سلوك المجتمع وطرائقه في الحياة، ومن هنا يبرز دور المثقف سواء كان فناناً تشكيلياً أو روائياً أو شاعراً يفيض بمشاعره، أو كاتباً يتناول الجوانب المتعددة في أطروحاته، فالبيئة الثقافية حية في واقعها لم تمت إلا في دواخلنا وفي نظرتنا العمياء لهذا الوجود المكتظ بالثقافة، واستتباعاً لذلك، فإن ما يجعل ثقافتنا تستمر وتدوم وتتجاوز إلى تنمية مستدامة يتعاقب عليها الأجيال، هو ما اختطه سمو سيدي ولي العهد عرّاب الرؤية الوطنية 2030، وما ترسمه وزارة الثقافة بتوجيه سديد من سمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان... وإلى لقاء.

*المصدر: جريدة الرياض | alriyadh.com
اخبار السعودية على مدار الساعة