فصل جديد للعلاقات السعودية-الامريكية
klyoum.com
أ.د. عبدالله بن عمر النجار*
منذ اللحظات الأولى لوصول صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، إلى واشنطن، ارتفعت مؤشرات الاهتمام والترقب الأمريكي لتؤكد على الأهمية الاستثنائية لهذه الزيارة. لم تكن هذه جولة سياسية عابرة، بل حملت في طياتها أبعاداً استراتيجية عميقة ورسائل واضحة، فهي نموذج جديد لشراكة متوازنة ومؤثرة تعيد تعريف العلاقة بين الرياض وواشنطن. لقد حرص سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء على التأكيد بأن المملكة اليوم مدفوعة بـ رؤية 2030 الطموحة لم تعد شريكاً يتفاعل مع الأحداث فحسب، بل هي قوة عالمية صانعة للمستقبل ومساهمة فاعلة في تشكيله.
إن ما يميز هذه الزيارة ليس عمقها السياسي فحسب، بل الحجم النوعي وغير المسبوق للاتفاقات الاقتصادية التي ترافقت معها، والتي تعد من الأضخم بين البلدين في السنوات الأخيرة. فقد أسفرت الاجتماعات الثنائية عن توقيع حزمة ضخمة من الاستثمارات المشتركة والمشروعات الاستراتيجية شملت قطاعات حيوية كالطاقة، والتقنية المتقدمة، والأمن السيبراني، والصناعات العسكرية، إلى جانب مشروعات نوعية تدعم التحول الرقمي والاقتصاد الأخضر وتؤكد عزم البلدين على تأسيس نموذج تعاون يقوم على المصالح المتبادلة والاحترام الكامل للسيادة، ما يؤسس لمرحلة أكثر نضجاً ورسوخاً في العلاقات السعودية–الأمريكية بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سادت لعقود.
إن هذه الاتفاقات الواسعة هي شهادة على ما بات العالم يدركه بوضوح أن المملكة العربية السعودية بقيادتها الحكيمة لم تعد مجرد لاعب اقتصادي تقليدي يعتمد على موارده، بل هي قوة مستشرفة للمستقبل. تتركز استثماراتها في مجالات الابتكار، والتكنولوجيا، والطاقة البديلة، والمجالات الريادية الآنية والمستقبلية، بما يعزز مكانتها كقطب اقتصادي عالمي فاعل ومؤثر في معادلات النمو العالمية.
لقد جاءت هذه الزيارة لتؤكد الثقة الدولية المطلقة في القيادة السعودية، وفي رؤيتها الواضحة والعملية للمستقبل. فخلال سنوات قليلة، نجح سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في إعادة تشكيل موقع المملكة على الخارطة العالمية عبر نجاحات متتالية في الاقتصاد، والسياسة، والطاقة، والتنمية الاجتماعية، وأصبحت الرياض بقيادتها الحكيمة محوراً دبلوماسياً لا يمكن تجاوزه ووجهة رئيسية للشراكات الاستثمارية الكبرى.
في واشنطن، لم يقتصر دور صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء على توقيع الاتفاقات، بل كان عمله يركز على إعادة صياغة علاقة تاريخية، فاتحاً بذلك فصلاً جديداً في العلاقات السعودية الاميركية يمزج بين القوة الناعمة والصلبة معاً. وفي خضم التغيرات العالمية المتسارعة، تثبت المملكة أنها ليست مجرد جزء من هذا التغيير، بل هي إحدى القوى التي تصنعه وتحدد اتجاهه. إنها بالفعل زيارة تحمل ثقل دولة بأكملها ورؤية قائد يدرك أن المستقبل لا يُنتظر… بل يُصنع.
*عضو مجلس الشورى