السعودية والإمارات من النفط إلى تصدير الكربون المخفض
klyoum.com
أخر اخبار السعودية:
السعودية.. ثمن شنطة الأميرة ريما بلقاء محمد بن سلمان وترامب يشعل تكهناتسجل العالم في عام 2023 حوالي 55 غيغا طن من الانبعاثات المكافئة لثاني أكسيد الكربون، وفقا لتقرير رصد العمل المناخي 2025 الصادر عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD). وبينما تتسارع الدول لتحقيق أهداف «اتفاقية باريس»، تتسع الفجوة بين التعهد والتنفيذ، إذ لا تغطي الالتزامات القانونية سوى 17.7% من إجمالي الانبعاثات.
وفي خضم هذا السباق المناخي، تبرز المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة كقوتين مركزيتين في سلاسل التجارة والطاقة العالمية، لكنهما تواجهان معادلة دقيقة: كيف يمكن لهما أن تظلا محور الاقتصاد العالمي للطاقة، وفي الوقت ذاته رائدتين في خفض الانبعاثات وبناء اقتصاد منخفض الكربون؟
__________السعودية والإمارات في قلب التحول googletag.cmd.push(function() { googletag.display(div-gpt-ad-1705566205785-0); });
رغم ذلك، سجلت السعودية والإمارات تقدمًا لافتًا في بناء منظومة الاقتصاد الدائري للكربون. فقد ارتفع متوسط أداء السعودية في مؤشر الاقتصاد الدائري من 37.7 نقطة في 2023 إلى 41.5 نقطة في 2024، في حين حققت الإمارات قفزة في كفاءة الطاقة المتجددة ومشروعات احتجاز الكربون.
ويؤكد الخبير الاقتصادي الإماراتي عبدالله الكعبي: أن الإمارات والسعودية أصبحتا المختبر الخليجي للتحول البيئي، إذ تمزجان بين استمرار الاعتماد على النفط واستثمار مكثف في الطاقة النظيفة وتقنيات الكربون.
وتُعد مبادرات مثل التحالف الوطني للكربون في السعودية وبرنامج الإمارات للحياد المناخي 2050 أمثلة على توجه إستراتيجي جديد يهدف إلى موازنة المسؤولية البيئية مع الأدوار الاقتصادية في سوق الطاقة العالمي.
__________عبء الكربون ينتقل عبر التجارة
تشير بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD إلى أن الانبعاثات المضمّنة في التجارة، أي تلك الناتجة عن إنتاج السلع المصدّرة، أصبحت تمثل تحديًا متناميًا أمام الجهود العالمية للحد من الانبعاثات.
في حالة السعودية والإمارات، اللتين تمثلان معًا نحو ربع صادرات الطاقة في العالم، فإن جانبًا كبيرًا من الانبعاثات الناتجة عن استخراج النفط وتكرير الوقود والبتروكيماويات يُسجل ضمن حساباتهما الوطنية، رغم أن الاستهلاك الفعلي يتم في دولٍ مستوردة في أوروبا وآسيا.
يقول الخبير البيئي الدكتور سالم الغامدي: إن هذه الظاهرة أشبه بنقل غير مرئي للكربون، حيث تُنتج الانبعاثات في الخليج لكنها تُستهلك في مكان آخر، بينما تُحمّل الدول المنتجة كامل العبء المناخي.
هذا الخلل المحاسبي يجعل من الصعب على الدول المصدّرة مثل السعودية والإمارات تحقيق أهداف الحياد الكربوني، لأن جزءًا كبيرًا من بصماتها الكربونية يرتبط بالاستهلاك الخارجي، لا المحلي.
__________عدالة المناخ
بيانات تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD تسلّط الضوء على مفارقة عدالة المناخ: فالدول المتقدمة التي تستورد كميات هائلة من السلع كثيفة الكربون من الخليج، تُسجّل انبعاثات أقل ظاهريًا، فيما تتحمل الدول المنتجة العبء المناخي.
ويقول المحلل في السياسات المناخية جوناثان هاو: إن النظام العالمي الحالي لمحاسبة الانبعاثات يحتاج إلى إصلاح جذري، بحيث لا تكون المسؤولية مقتصرة على من يُنتج، بل تشمل من يستهلك كذلك.
ويقترح التقرير: إنشاء «مؤشر كثافة الكربون التجاري» لقياس البصمة الكربونية في سلاسل التوريد، بحيث تُوزع المسؤولية بعدالة بين المنتج والمستهلك. وإذا ما تم اعتماد هذا المؤشر، فستكون السعودية والإمارات من أبرز المستفيدين، إذ يمكنهما حينها إثبات أن جزءًا كبيرًا من انبعاثاتهما ناتج عن الاستهلاك الخارجي لا المحلي.
__________سياسات خليجية جديدة
تتجه السعودية والإمارات نحو استخدام أدوات السوق المناخية بشكل متدرج.
فبينما بدأت الرياض بتأسيس سوق طوعية لتداول أرصدة الكربون وإطلاق مشاريع احتجاز وتخزين الانبعاثات في مدينتي الجبيل ونيوم، توسعت أبوظبي في تشغيل أكبر محطة لالتقاط الكربون في المنطقة ضمن مشاريع مصدر الإماراتية.
ورغم أن أدوات مثل تسعير الكربون لا تغطي بعد سوى أقل من نصف الانبعاثات العالمية، وفق تقرير OECD، إلا أن الخليج بدأ ببناء بنية تنظيمية تؤهله لقيادة السوق الكربونية الإقليمية مستقبلًا.
تقول الدكتورة ليلى الشامسي، الباحثة في اقتصادات البيئة: السعودية تمتلك فرصة فريدة لتصدير الكربون المخفّض كما تصدّر النفط اليوم، من خلال بناء سوق شفافة لأرصدة الانبعاثات المعتمدة دوليًا. هذه الخطوة قد تعيد رسم خريطة الاقتصاد الطاقي في المنطقة.
__________من التحدي إلى الريادة
وفقًا للتقرير ارتفع مؤشر الجاهزية للتحول نحو اقتصاد منخفض الكربون في دول الخليج من 45.6 إلى 47.2 نقطة، ما يعكس تحسنًا في البنية المؤسسية والسياسات الداعمة.
وتعمل السعودية والإمارات على ربط الطاقة المتجددة بالنقل الكهربائي، وتطوير مدن ذكية منخفضة الانبعاثات مثل نيوم ومصدر سيتي، بما يفتح آفاقًا اقتصادية جديدة تتجاوز الاعتماد التقليدي على النفط.
لكن الطريق ما زال طويلًا. إذ يتطلب التحول الحقيقي تعاونًا دوليًا لتقاسم المسؤولية عن الانبعاثات المضمّنة في التجارة. فكما تقول الخبيرة في العدالة المناخية ماريا توريس: «لا يمكن لأي دولة أن تحقق الحياد الكربوني بمفردها، بل من خلال نظام تجاري منصف يعترف بدور المنتج والمستهلك معًا».
__________الخليج بين المسؤولية والفرصة
تؤكد مؤشرات رصد العمل المناخي 2025 أن الانبعاثات المضمّنة في التجارة تمثل التحدي الأبرز أمام دول الخليج، لكنها أيضًا نافذة التحول الأكبر.
بالنسبة للسعودية والإمارات، فإن التوازن بين الاقتصاد والطبيعة لم يعد خيارًا مؤجلًا، بل شرطًا لبقاء تنافسيتهما في سوق عالمي يعيد تعريف القيمة على أساس الاستدامة.
إن بناء تجارة أكثر عدلًا مناخيًا لا يعني فقط خفض الانبعاثات، بل إعادة صياغة العلاقة بين المنتج والمستهلك، وفتح الباب أمام عصر خليجي جديد في الاقتصاد الأخضر.
الخليج يعيد رسم خريطة العدالة المناخية:
55 غيغا طن CO₂e إجمالي الانبعاثات العالمية في 2023.
%17.7 فقط من الانبعاثات مشمولة بتعهدات وطنية ملزمة قانونيًا.
السعودية والإمارات الأعلى عربيًا في الانبعاثات بسبب قطاع الطاقة.
ارتفاع مؤشر الاقتصاد الدائري للكربون من 37.7 إلى 41.5 نقطة.
مؤشر الجاهزية للاقتصاد منخفض الكربون ارتفع من 45.6 إلى 47.2 نقطة.
تسعير الكربون لا يغطي سوى أقل من نصف الانبعاثات عالميًا.
السعودية تطور سوقًا طوعية لتداول الكربون ومشروعات احتجاز الانبعاثات.
الإمارات توسع مشاريع الطاقة النظيفة واحتجاز الكربون في «مصدر».
مؤشر كثافة الكربون التجاري يعزز العدالة بين المنتج والمستهلك.