اخبار السعودية

صحيفة البلاد

سياسة

الأمر السامي الكريم رقم (2716)

الأمر السامي الكريم رقم (2716)

klyoum.com

 اللواء الركن م. الدكتور بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود

من يتأمل حكاية هذا الأمر السَّامي الكريم رقم (2716)، الذي أصدره المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود، وتم بموجبه تغيير اسم بلادنا إلى اسمها المعروف اليوم (المملكة العربية السعودية)، يجده مثيراً للاهتمام حقَّاً، فقد تم في ثلاث مراحل، لكل واحدة منها رمزية معينة مهمة:

والحقيقة، لم تحدث الأمور بهذا الشكل اعتباطاً، بل كل مرحلة تحمل رمزية معينة مهمة، ففي بحث الأمر في الطائف من قِبَل المسؤولين الذين يمثلون صفوة المجتمع آنذاك ومثقفيه من أقاليم البلاد كلها، تأكيد على الشورى الحقيقية (كاملة الدَّسم)، التي لا تدانيها ديمقراطية الغرب العرجاء الانتقائية التي يكذبها الواقع كل يوم، ولم تظهر سوءتها بوضوح وينكشف عوارها مثلما انكشف اليوم من خلال دعمها الصريح الواضح الفاضح للإبادة الجماعية للأشقاء الفلسطينيين في غزة، وتجاهلهم لكل انتهاك يتعرض له الآخرون في العالم كله، طالما كان خارج حدودهم، في حين يقيم الغرب الدنيا ولا يقعدها في حال تعرض أحد مواطنيه لاعتداء في أي مكان في العالم، خاصة إن حدث مثل هذا في ما يصفونه هم بـ (العالم الثالث). فهي إذن ديمقراطية مفصَّلة لابتزاز الآخرين والسيطرة على ثرواتهم، وقد أفصح بهذا بعض مثقفيهم ممن استيقظ ضميرهم، و لو متأخراً.

أما كتابة الأمر في الرياض، فدلالته العزم الأكيد على استمرار عاصمة الآباء والأجداد في أداء رسالتها الإنسانية السامية العظيمة منذ أن اتخذها الإمام تركي بن عبد الله مؤسس الدولة السعودية الثانية عاصمة لبلاده، بل منذ تأسيس الدولة السعودية في الدرعية في دورها الأول على يد الإمام محمد بن سعود، منذ ثلاثة قرون، واستمرارها حتى اليوم، وإلى الأبد إن شاء الله.

وفي إعلان الأمر في مكة المكرمة، أبلغ تأكيد وأصدق دليل على رسالة هذه الدولة المباركة التي من أجلها أُنْشِئَت: توحيد الله وإعلاء كلمته، ونيل الشَّرف برعاية الحرمين الشريفين وخدمة ضيوف الرحمن، والحرص على خدمة الشعب ورعاية شؤون العرب والمسلمين، ونثر الخير في كل مكان على العالمين أجمعين. فبلادنا رسول خير للناس كافة، وليس معول هدم مثل كثير من البلدان اليوم.

والحقيقة، يقودني هذا لأمر مهم: عادة اطلع دوماً على كثير من المشاركات التي تنشر هنا وهنالك بمناسبة يومنا الوطني المشرق في جبين التاريخ، فأجد معظمها يتحدث عمَّا قدَّمه الوطن لمواطنيه وللعرب والمسلمين وللعالمين أجمعين، وبالطبع هذا أمر جيد مطلوب مرغوب لا شك فيه؛ غير أنني كنت أتمنى صادقاً أن يجلس كل واحد منَّا، خاصة في يومنا الوطني هذا، مع نفسه في لحظة تأمل، و لو لمدة نصف ساعة فقط، فيكتب ما يمكنه أن يقول إنه واجب قدمه لوطنه؟!.

ألا يستحق وطن استحق بجدارة أن نموت من أجله، بسبب ما حققه لنا من إنجازات مدهشة، أذهلت العالم كله، أن نكون بارين به، فنستحضر أهمية خدمته في كل حركاتنا وسكناتنا، ليس في يوم عرسه فحسب، إذ ينبغي أن ننظر إلى ما نؤديه من أعمال، كلٌّ في مجاله، ليس وسيلة لكسب العيش فحسب، بل واجباً لتنمية بلادنا وتطويرها، وهكذا يكون الوطن حاضراً دوماً، فيدفع الجميع العجلة إلى الأمام.

صحيح، الدولة الرسمية لم تقصر في رعايتها لمواطنيها كلهم في أي شيء حيثما كانوا، حتى و لو خارج حدود الوطن، ولن تقصر أبداً إن شاء الله، بل كل يوم تدهشنا بمزيد من الإنجازات التي هي أقرب إلى الخيال من الحقيقة من أجلنا، لكن هذا لا يغني عن دور المواطن تجاه وطنه في المحافظة على الإنجازات ودعم جهد الدولة في كل المجالات، فحتى الدول التي تتبجح بأنها (عظمى) لا تستغني عن جهد النخب ليكون رافداً مهماً للمحتاجين من شعبها.

وأود هنا أن أُذَكِّر الناس بتلك المقولة الخالدة للأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله: (المواطن، هو رجل الأمن الأول).. وعلينا أن نقيس على هذا أهمية دور المواطن في البر بالوطن في كل المجالات. والحقيقة أخاطب هنا رجال المال والأعمال ومثقفي المجتمع وطلاب الجامعات والمعاهد العليا، لتوحيد الجهود وتأسيس مشروعات تهدف لخدمة الفئات الأكثر حاجة من أصحاب الهمم، أصحاب الدخل المحدود ورعاية اليتامى والأرامل، فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، وليست الدولة وحدها.

يقول (مهندس الكلمة) الذي إن غاب، سيظل (بدره) منيراً:

السنين تمر.. بالحلو والمر

إلا يوم في العمر.. كله أمجاد وفخر

يوم تأسيس الوطن.. فخرنا عبر الزمن

هذا يومك يا بلدنا.. اللي نهواها

ختاماً: أتمنى صادقاً أن يشهد احتفاؤنا بيومنا الوطني كل عام، إعلاناً عن مزيد من المشروعات الخدمية التي يتنافس الأهالي في إنجازها لخدمة تلك الفئات الأكثر حاجة في المجتمع، فيكون جهدهم خير رافد لجهد الدولة، التي قطعاً ستقدر لهم مثل هذا العمل وتثمِّنه عالياً.

فكل عام قيادتنا بخير، وطننا في أمن وأمان وعزٍّ وتمكين، والجميع على ما يرام من رغد العيش.

*المصدر: صحيفة البلاد | albiladdaily.com
اخبار السعودية على مدار الساعة