اخبار فلسطين

وكالة شهاب للأنباء

سياسة

مُخابرات عربيَّة وممراتٌ للموت بمُباركة العميل أبو شباب.. غزَّة تحت نيران آلية تجويعٍ جديدة

مُخابرات عربيَّة وممراتٌ للموت بمُباركة العميل أبو شباب.. غزَّة تحت نيران آلية تجويعٍ جديدة

klyoum.com

تتواصل فصول الحرب التي يخوضها الاحتلال الإسرائيلي ضد سكان قطاع غزة، وهذه المرة عبر بوابة "المساعدات الإنسانية"، حيث تتحوّل قوافل الدقيق إلى أدوات حصار، ومراكز التوزيع إلى مصائد موت، تحت غطاء أميركي وتمويل إماراتي، فيما تغيب الرقابة الدولية ويُفرض واقع التجويع كأداة ضغط إستراتيجي.

"الممرّ البديل".. خديعة هندسية للتجويع

منذ الثاني من آذار/مارس الماضي، أغلق الاحتلال معابر غزة بشكل شبه كامل، مانعاً دخول المواد الغذائية والطبية، ومصراً على رفض عودة المؤسسات الإنسانية الدولية، وعلى رأسها "الأونروا". وفي أواخر أيار، أعلن عن بدء تطبيق مشروعه المزعوم "مؤسسة غزة الإنسانية"، الذي سوّقته جهات أميركية على أنه "ممر بديل" لتوزيع المساعدات.

وأثبتت الوقائع على الأرض، أنّ هذا الممر ليس سوى نموذج هندسي لتصاعد عملية التجويع وتحوّلت نقاط التوزيع هذه إلى مواقع دموية، حيث سُجّلت مجازر متكررة بحق المدنيين المنتظرين لمساعدات بالكاد تكفي لأيام معدودة.

آلية جديدة بلا "أونروا": هندسة الجوع بالمقايضة

وبعد مفاوضات مع منظمات دولية كـ"برنامج الأغذية العالمي" و"OCHA"، وافق الاحتلال على آلية جديدة لتوزيع المساعدات، تُقصي "الأونروا" تمامًا. وبحسب المعلومات، تشترط الآلية: التوزيع عبر العشائر فقط، وحظر تخزين المواد في مخازن مركزية، ومنع الأجهزة الحكومية في غزة من الإشراف على العملية.

وبموجب هذه الآلية، دخلت 140 شاحنة محمّلة بالدقيق إلى غزة خلال الأسبوع الجاري، ستوزّع مباشرة عبر العائلات، وسط مخاوف من تجدد الفوضى والسطو على الشحنات كما حصل سابقًا.

ورغم التصريحات الإسرائيلية بشأن "إعادة تفعيل آلية سابقة لإدخال البضائع"، إلا أن الخلافات حول تأمين الشاحنات – خاصة بعد استهدافها من عصابات محلية – تُبقي العملية مجمدة. أما الوقود، فلا يزال الاحتلال يشترط إدخاله فقط عبر شركة أميركية رفضتها معظم القوى الفلسطينية، بسبب شبهة التنسيق الأمني بينها وبين الاحتلال.

 نفّذت الأجهزة المختصة في غزة حملة غير مسبوقة ضد مجموعات متورطة في أعمال سطو وتعاون مع الاحتلال. 

وأكدت مصادر أمنية فرض الإقامة الجبرية على مختار عائلة كبيرة تورّط أبناؤها في عمليات سرقة مساعدات، كما اعتُقل مساعدون لمخاتير شرق وسط القطاع.

كذلك، تمّت مداهمة مواقع تابعة لشركة "الخزندار" التي تعمل مع الشركة الأميركية في تجهيز المساعدات داخل مقرات عسكرية إسرائيلية. وأُلقي القبض على "ع. ن"، عنصر تكفيري سابق، كان قد انخرط في الجماعات المسلحة بسيناء، متورط بجرائم قتل وسرقة وتخابر، ويعمل لصالح مجموعة العميل ياسر أبو شباب.

تفاصيل صادمة: تعاون مع الاحتلال ومخابرات عربية

في تطور لافت، كشفت التحقيقات مع "ع. ن" عن معلومات صادمة تتعلق بتعاون مباشر بين مجموعة "أبو شباب" – التي يتزعمها ياسر أبو شباب – وجهات إسرائيلية وأمنية عربية. من أبرز الاعترافات: تنسيق أمني بين "أبو شباب" والمخابرات المصرية، مع وعود بفتح معبر رفح له متى شعر بالضغط والتضييق من حماس.

تمويل إماراتي لشراء مركبات وأجهزة إلكترونية عبر ممر صلاح الدين

كما تشير الاعترافات إلى «استلام أبو شباب عدداً من سيّارات الدفع الرباعي والأجهزة الإلكترونية والحواسيب المحمولة، بتمويل من قِبل دولة الامارات، عبر ممرّ صلاح الدين»، في ما يؤشّر إلى طبيعة التنسيق بين الجانبين. أيضاً، تكشف عن «تلقّي مجموعة أبو شباب أموالاً من بهاء بعلوشة، بغرض شراء كمّيات من الأسلحة من السوق المحلّي، وهو ما تمّ بالفعل؛ إذ جرى شراء بنادق وذخيرة من بعض التجار في القطاع».

كذلك، عرضت شخصيات أمنيّة في السلطة الفلسطينية، على عدد من موظفي حرس الرئاسة، الالتحاق بمجموعة «أبو شباب، مقابل تلقّيهم رواتب تصل إلى ثلاثة آلاف شيكل، بالإضافة إلى الكابونات والمساعدات التي يحصلون عليها من الشركة الأميركية»، وفقاً للمصادر نفسها. كما تكشف المصادر الأمنية عن «انخراط عدد من العاملين في شركة الخزندار وعصابة أبو شباب في إطلاق النار تجاه المدنيين، الأمر الذي دفع الجهات المختصّة إلى اتخاذ إجراءات ميدانية بحقّ عدد من المنتمين إلى العصابة وتصفيتهم».

من أين جاءت عصابة أبو شباب ؟

ما كان يُنظر إليه كعصابة هامشية في جنوب غزة، بات اليوم يُعاد هيكلته كقوة شبه عسكرية. ياسر أبو شباب، الذي عُرف سابقًا بارتباطه بجماعات متطرفة وبنشاطه في الجريمة المنظمة، بات يتزعم مجموعة منظمة تمتلك نائبًا، وضابط عمليات، وجهاز دعم لوجستي، وإعلامًا خاصًا.

معلومات استخباراتية كشفت أن جهاز مخابرات عربي – تؤكد المصادر أنه إماراتي – موّل هذه المجموعة بمبالغ مالية كبيرة، وسهّل دخول عربات دفع رباعي، وأجهزة رؤية ليلية، ونظام اتصالات عسكري متقدم. كما تم توفير تدريبات نوعية لعناصر الجماعة في مناطق شرق رفح القريبة من تواجد الاحتلال. 

واللافت أن صعود هذه الجماعة لا يمكن فصله عن مصلحة دولة الاحتلال في محاولة ضرب وتقويض قوى المقاومة. 

تقرير للصحفي الإسرائيلي باروخ ياديد أشار إلى خطة سرية تدعمها حكومة نتنياهو لإنشاء قوى محلية في غزة تناهض المقاومة وتُحدث شرخاً داخلياً طويل الأمد. 

الإمارات، بحسب التقرير، تقود تنفيذ هذه الخطة من خلال أدواتها: المال، والسلاح، والتنسيق مع السلطة. 

وبذلك تتحول عصابة أبو شباب إلى رأس حربة مشروع مشترك: تقويض البنية الأمنية في غزة، وتمهيد الطريق لإعادة تشكيلها بقبضة وكلاء تل أبيب وأبوظبي. 

 شركاء التنفيذ إلى جانب الهباش، يظهر اسم بهاء بعلوشة، ضابط مخابرات فلسطيني يمتلك عداءً تاريخيًا مع حركة حماس وقوى المقاومة في قطاع غزة. 

بعلوشة هو منسق الدعم اللوجستي والإعلامي للجماعة، ويُشرف على تأمين الاتصالات بينها وبين بعض مؤسسات السلطة في رام الله، بما فيها مكتب “المقاطعة”، في محاولة لتوفير غطاء رسمي غير معلن. 

وتشير بعض التقارير إلى أن عناصر عصابة أبو شباب بدأوا بالفعل بتلقّي رواتب شهرية من خلال قنوات السلطة، وهو ما يعزز فرضية أن المشروع يتم بالتنسيق الكامل، لا بمجرد التواطؤ أو التغاضي. 

 الدليل على هذا المشروع لم يأتِ فقط من التسريبات والتقارير. بل من صور ومقاطع فيديو تظهر فيها عناصر من جماعة أبو شباب وهم يرتدون أزياء عسكرية جديدة، يحملون أسلحة كلاشينكوف حديثة، ويقفون أمام مركبات بلوحات إماراتية. 

في أحد المقاطع، يظهر غسان الدهيني، أحد قادة الجماعة، وهو يسخر من مسؤولي الأمن الفلسطيني الذين ينكرون وجود العصابة، بينما يشير بوضوح إلى الدعم “الخارجي”.

 هذه المشاهد لا تترك مجالًا للشك: ما يحدث في رفح ليس انفلاتاً عشوائيًا، بل مشروعًا مدروسًا. والإمارات لا تراهن على السلام أو التنمية، بل على الفوضى المدروسة التي تُبقي المجتمعات تحت السيطرة. 

في غزة، حيث تنهار البنية التحتية تحت القصف والحصار، تسعى أبوظبي لملء الفراغ بما تراه مناسبًا: ميليشيات موالية، تقاتل المقاومة بدل الاحتلال، وتُعيد هندسة المشهد السياسي بما يخدم خطط التطبيع والتحالف الإقليمي الجديد. وتمامًا كما فعلت في ليبيا عبر حفتر، وفي اليمن عبر المجلس الانتقالي الانفصالي، فإنها تسعى في غزة لبناء ذراع عسكري محلي تابع لها، لا ليمثل الفلسطينيين، بل ليكون أداة لضربهم من الداخل. 

و أعلنت المقاومة الفلسطينية بوضوح أن “قطاع الطرق وعصابات المرتزقة” باتوا أهدافًا مشروعة. وكما تُقاتل الاحتلال، فإنها باتت مضطرة لملاحقة أدواته وأذرعه، سواء أكانت بأسماء محلية أم بتمويل إقليمي. 

غزة، التي تقف على حافة كارثة إنسانية، تواجه اليوم خطرًا من نوع جديد: احتلال داخلي بتمويل عربي، وميليشيات مرتزقة تحمل أسماء فلسطينية لكنها ترفع أجندات صهيونية. 

وما يجري في رفح ليس حادثًا عرضيًا، ولا مجرد فوضى ما بعد الحرب. إنه مشروع سياسي أمني متكامل، تُديره الإمارات بمهارة التخريب المعتادة، ويهدف لتحويل غزة إلى ساحة صراع داخلي، تُفرَغ من معناها المقاوم وتُملأ بوكلاء التطبيع والخراب.

*المصدر: وكالة شهاب للأنباء | shehabnews.com
اخبار فلسطين على مدار الساعة