اخبار فلسطين

وكالة عمون الاخبارية

سياسة

الأردن و «العودة إلى الداخل»

الأردن و «العودة إلى الداخل»

klyoum.com

أسوأ وأقبح سيناريو يفترضه بعض المفترضين في حال مراقبة المشهد السياسي والإعلامي الأردني تحديدا هو ذلك الذي يقترح الانقلاب على الدستور والديمقراطية والانتخابات والتمثيل الشرعي ومؤسسة مجلس النواب تحت لافتة حالة طوارئ وطنية قصوى ناتجة عن مخاطر اليمين الإسرائيلي.

نسمع هذه الأيام وسط صالونات الأردنيين همسا ولمزا وغمزا يحاول تسويق وترويج العودة للأحكام العرفية وتشكيل حكومة طوارئ لا بل عسكرة الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

تلك وصفات لا يمكن التشكيك لا بوطنيتها ولا بحرص بعض وليس كل من يقترحها، لكنها الوصفات الأسهل عمليا لمواجهة استحقاقات وتداعيات مخاطر باتت مؤكدة اليوم ولم تعد مرسومة لا على خرائط ولا منشورة فقط على منابر إلكترونية لمستوطنين متطرفين.

غير المنطقي أن يعتبر فجأة التراجع عن كل ما هو ديمقراطي أفضل الوصفات في مواجهة المخاطر الإسرائيلية، بينما السلاح الحقيقي الفعال والمنتج يتمثل في العكس تماما وهو ترسيخ الديمقراطية أكثر ووقف عمليات ما وصف يوما بالديكور الديمقراطي والانتخابي والحاجة لإشراك الشعب في المواجهة حتى لا تحمل المؤسسات الرسمية فقط مسؤولية اللحظة التاريخية وتحدياتها التي تجاوزت النكران.

آخر ما نتوقعه أو نفترضه هو الاسترسال في إقصاء الشعب الأردني وعزله عن سياق مواجهة واضحة تخوضها بنبل وفروسية واحتراف الآن الدولة الأردنية ضد تطلعات ومشاريع توزيع الورم السرطاني الإسرائيلي وتصفية القضية الفلسطينية على حساب 6 دول وشعوب محيطة بفلسطين المحتلة.

لا نشكك بالنوايا ولا الدوافع. لكن نشكك بالنتائج لمقترحات من هذا الصنف تعكس انطباعا قديما اسمه الاسترسال في وهم إنكار المخاطر الذي يعقبه الآن بصراحة فلسفة إنكار ما ينبغي اتخاذه من إجراءات وقرارات لوقف المخاطر.

في الساحة المحلية وفي المساحات التي خصصت للمراجعة والتحديث والإصلاح والتصويب احتشد بعض الممثلين هنا وهناك وبعض من لا يؤمنون أصلا بقدرات الشعب وطاقته.

أول خطوة في إعادة بناء جدار وطني صلب ومتين ضد المؤامرة الإسرائيلية المقبلة والتجاهل الأمريكي ينبغي أن تتخذ هي استبعاد الممثلين والعودة لمعالجة أزمة الأدوات بإشراك الجادين فقط والوطنيين.

بعض الأدوات التي كانت تستخدم لأسباب تكتيكية صغيرة أو محدودة لا تصلح للاستمرار في إدارة مواجهة وطنية مكشوفة مع عدو شرس مثل الكيان الإسرائيلي يمكنه التطاول على حساب تغليب الحقائق والوقائع ودعم غياب اليقين وإشاعة الإحباط وسط شعب أبي محترم وصلب مثل الشعب الأردني.

العدو في كل الحالات يتغذى ويتسمن بإحباط من حوله. الجادون فقط ينبغي أن تساعدهم الدولة في اعتلاء منصة المسرح الآن وكل من انشغل أو اشتغل في المربع البيروقراطي يعرف تماما ما هو المقصود بذلك خصوصا بعد سنوات من استبعاد القادة الجادين الحقيقيين في المجتمع والمؤسسات.

لا يمكن مواجهة خطة إسرائيل التوسعية المؤذية بدون الشعب نفسه وكل أطراف صناعة القرار معنية باستذكار أن كلفة ما ينبغي إصلاحه وتصويبه اليوم تزيد بالتأكيد إذا ما تم التأجيل للغد.

هنا لا بد من القول بحوار وطني عميق وصريح وليس فقط بمصالحات جريئة واستبدال الممثلين والمراهقين بالجادين فقط بل بعودة جذرية وعميقة وسريعة إلى الداخل الأردني.

الشعب الأردني هو مفتاح الحسم ضد أي مؤامرة، وهو الأساس بين الأوراق الرابحة.

في أوقات الاسترخاء حرصا على مصلحة الوطن بقي الشعب أذكى وأنقى من حكوماته والنخب التي فرضت عليه طوال الوقت.

لكن في وقت العدوان مادامت عملية السلام قد تحولت عظامها إلى مكاحل يمكن القول بأن الشعب الأردني يستحق إظهار احترام أكثر له ولقواه ولتطلعاته والأهم لحرصه الشديد على الشراكة من أجل حماية الوطن والدولة والنظام.

آخر ما ينبغي لدوائر القرار أن تصغى إليه هي تلك الدعوات المريبة التي تقترح اليوم إقصاء الناس والتراجع عن الديمقراطية.

وأول من ينبغي محاكمتهم بموجب قانون الجرائم الإلكترونية بدلا من منحهم وظائف وامتيازات هم هؤلاء الذين احترفوا النميمة وآثروا سلبا باللغة التحريضية على علاقات الأردنيين بمؤسساتهم.

المطلوب هو المزيد من الديمقراطية والعودة لتشكيل فريق أزمة وطني يحترمه الشارع إذا عبر أو تحدث فيما لا بد من تجاهل أي إجراء أو قرار أو ترتيب لا ينتمي إلى متطلبات العودة الأصيلة الصلبة إلى الداخل.

الداخل هو حبل النجاة ومربط الاشتباك والمواجهة والإنقاذ الوطني فيما نخب الفهلوة يمكن العودة لها لاحقا في أوقات الاسترخاء واللغو السياسي. الظروف صعبة ومعقدة.

لكن أوراق الأردن قوية ولعل أهمها تأثيرا ونفوذا هو الشعب الأردني، وبالتالي يمكن القول بضمير مرتاح أن ما يستحق العزل والإقصاء في هذه المرحلة المعقدة هو تلك الدعوات والمقترحات المريبة والمشبوهة التي تقف ضد الناس وإشراكهم في مواجهة الدفاع عن أنفسهم ومصالحهم وبلادهم. آن أوان اللعب بقواعد مختلفة.

الفرصة متاحة وموجودة والمزاج الشعبي يترقب وينتظر والمبادرات الجريئة لم تعد خيارا ترفيا بل ضرورة وطنية.

«القدس العربي»

*المصدر: وكالة عمون الاخبارية | ammonnews.net
اخبار فلسطين على مدار الساعة