اخبار فلسطين

راديو بيت لحم ٢٠٠٠

سياسة

القيادة.. وإدراك النُظم والتاريخ

القيادة.. وإدراك النُظم والتاريخ

klyoum.com

بقلم: جورج كارلوس قنواتي

شَهٍدَ التاريخ قادة عظماء قادوا شعوبهم بأمانة وثقة، وأخرجوهم من أزماتٍ، وحاربوا من أجلهم؛ قادة تعلّموا من دروس التاريخ، ومن العلاقات الدولية السائدة في كلّ حين.

وفي ذات الوقت، هناك قادة لم يكن همهم سوى القيادة، دون أيّ إدراك لمصالح شعوبهم، وإنما الهدف مصالحهم الشخصية فقط، لتكون النتائج كارثية على هؤلاء القادة وشعوبهم.

وُضعت عدّة نظريات في العلاقات الدولية، تهدف إلى فهمٍ أعمق للعلاقات بين الدول، ولتفكير الامبراطوريات والدول والقادة، وبالتالي يستطيع الدارس لهذه النظريات فهم طريقة تفكير اي دولة، وتوجهاتها تجاه أي حدث عالمي، وكذلك فهم نظريات القوة العسكرية والقوة الناعمة والاقتصاد ... الخ.

كما يُدرّس التاريخ الذي يتعمّق فيه الدارس، كون التاريخ عادة ما يكرر ذاته؛ وفِهمنا للتاريخ يجنبنا ويلات كثيرة.

من هنا تظهر الحكمة في القيادة، فالقائد المتمكّن من التاريخ ونظريات العلاقات بين الدول يستطيع النهوض بشعبه وتجنيبه ويلات كثيرة، وينسج خيوط علاقاته مع الدول انطلاقاً من فهمه العميق للواقع الحالي للعلاقات بين الدول والاقطاب العالمية والتحالفات؛ أما إذا كانت القيادة غير فقيهة، وغير عالمة بالتاريخ، ويكفيها تمويلاً من جهات خارجية لتعيش برغدٍ هي فقط دون شعبها، هنا تكون الكارثة والنتائج مدمّرة.

ويكفي أن نقارن بين الضفة وغزة، فهما واقعتان تحت احتلالٍ عسكري، يتحكّم في مصير كلّ شيء، فعلاً لا قولاً فقط.

استطاع الرئيس محمود عباس، انطلاقاً من فهمه لواقع العلاقات الدولية أن يضع فلسطين على خارطة العالم بدبلوماسيته وعلاقاته مع الدول، والتي ادت إلى اعتراف دولٍ كثيرة بفلسطين وحق شعبها في تقرير مصيره، حتى في ظلّ الحواجز والسعي الدائم لحكومة الاحتلال في سلب الحريات والاعتقالات ومحاولات تدمير الاقتصاد والقيود على القيادة والشعب على حدّ سواء.

إضافة إلى العربدة المستمرة للمستوطنين على القرى وأهاليها، حتى لو كانت بدعمٍ من الجيش لكننا نجد بعض الأصوات في العالم، حتى داخل الولايات المتحدة الداعمة القوية للاحتلال، التي تدعو إلى محاكمة المستوطنين وتمنعهم من دخول أراضيها كما منع قادتها، مثل بن غفير وسموتريتش، الّذين أصبح وجودهم في عديد الدول غير مرحّب فيه.

يُضاف إلى ذلك محاولات جرٍ الأجهزة الأمنية لمواجهة عسكرية مع الاحتلال، وهذا الأمر له تداعيات خطيرة، سيؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار السلطة الفلسطينية، وسيستخدم الاحتلال ذلك ذريعة لتدمير السلطة سريعاً، ولكن قادة الأجهزة قادرون على فهم الواقع، ويَعون ان انخراطهم في مواجهة عسكرية مع الاحتلال سيجلب الويلات للشعب.

إنّ ابناء الاجهزة الأمنية هم من الشعب ويعملون من اجلهم، وقدموا كثيراً وضحوا من أجل شعبهم ومن أجل فلسطين، وسيستمرون بذلك، وأي غياب لهذه الأجهزة سيقود نحو انعدام الامن كلياً.

أما في غزة، التي كانت تنهمر الأموال على قادتها كالمطر، وعلى الشعب قطرات قليلة، ذهبت حركة حماس إلى مغامرة لم تأخذ بالحسبان نتائجها المدمرة، حتى تحركت اساطيل العالم لحماية الاحتلال، ونتائجها مدمرة للشعب الذي تشرّد وفقد الحياة بكل للكلمة من معنى، واعترفت الحركة على لسان قادتها انها لم تقرأ الواقع صحيحاً.

صحيح أننا في الضفة نعيش في ظلّ واقع صعب، وقد أصبح صعباً أكثر مع حرب الاحتلال على شعبنا، ولكن لنا أن نتخيل أن ما قامت به حركة حماس في غزة حدث في الضفة!

جميعنا مع حق شعبنا في تقرير مصيره، ومع تحرير الأرض والأسرى، لكن يجب أن نقرأ الواقع جيّداً قبل أي مغامرة، هناك سبل وطرق عديدة، وهنا يظهر الفرق بين القيادة العقلانية وغير العقلانية.

*المصدر: راديو بيت لحم ٢٠٠٠ | rb2000.ps
اخبار فلسطين على مدار الساعة