الاعتراف بدولة فلسطين: أبرز ردود الفعل الإسرائيلية والفلسطينية
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
موسكو: اعترفنا بفلسطين قبل مقتل عشرات الآلاف من سكانهاأثار قرار عدد من الدول الغربية الاعتراف بدولة فلسطينية موجة واسعة من ردود الفعل المتباينة، سواء على المستوى السياسي أو الشعبي.
ففي الوقت الذي اعتبره مسؤولون فلسطينيون خطوة مهمة على الصعيدين القانوني والسياسي ينبغي استثمارها بخطة واضحة، وصفه محللون إسرائيليون بأنه تحرك "خاطئ" يهدد أمن إسرائيل ويعزز التطرف.
وبين الموقفين الرسميين، أعرب معظم الإسرائيليين عن غضبهم حيال الاعتراف بالدولة الفلسطينية ورأوا أنها "تكافئ حركة حماس" بل و يطالب بعضهم بوقف الحرب أولا لتحرير الرهائن، بينما يذهب آخرون إلى مواقف أكثر تشددا ترفض أي تسوية مع الفلسطينيين.
"الاعتراف يشجع الإرهاب"
يقول الدكتور دان ديكر، رئيس مركز القدس للشؤون الأمنية والخارجية، لبي بي سي، إن الخطوة التي اتخذتها بعض الدول الغربية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية تمثل "تحركا سياسيا خاطئا وعديم القيمة القانونية"، معتبرا أنها لا تساهم في تحقيق السلام، بل على العكس "تشجع الإرهاب وتزيد من هشاشة الاستقرار الإقليمي".
ويرى ديكر أن ما جرى في الأمم المتحدة "قد يعرّض حياة الرهائن للخطر ويشجع الجماعات المتطرفة في الغرب، خصوصا في بريطانيا"، مضيفا أن إسرائيل أمامها عدة خيارات للرد، من بينها فرض قوانينها على غور الأردن وتلال الضفة الغربية المطلة على مطار بن غوريون، باعتبار ذلك ضرورة لحماية سكان إسرائيل.
الأكثر قراءة نهاية
ويشير ديكر إلى أن إقامة دولة فلسطينية ثانية بعد "دولة غزة"، كما وصفها، من شأنها أن تشكل تهديدا مباشرا لأمن إسرائيل، إذ يمكن من خلالها استهداف الطائرات القادمة إلى مطار بن غوريون بصواريخ باليستية أو أسلحة متطورة.
لذلك، يدعو إسرائيل إلى الاستمرار في إبقاء السيطرة على غور الأردن وتطبيق السيادة على مناطق الضفة الغربية كإجراء مضاد لخطوات بريطانيا وكندا، وأستراليا، وبلجيكا، والبرتغال وفرنسا والدول الأخرى.
كما يؤكد أن إسرائيل تملك خيارات دبلوماسية، من قبيل استدعاء السفراء من الدول التي أيدت القرار، أو حتى إغلاق القنصلية الفرنسية في القدس.
ولكنه يشدد على أن الهدف الأول لإسرائيل يبقى "حماية بقائها في ظل التهديدات المتعددة التي تواجهها على جبهات عدة".
"التطبيع سيظل مؤجلا"
تابعوا التغطية الشاملة من بي بي سي نيوز عربي
اضغط هنا
يستحق الانتباه نهاية
ويضيف ديكر أن التطبيع مع السعودية ودول الخليج سيظل مؤجلاً حتى تضمن إسرائيل أمنها وبقاءها، رغم تقديرها الكبير لولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورؤيته، معتبراً أن الأمن القومي يسبق أي خطوات سياسية أو اقتصادية.
وفيما يتعلق بالوضع في الضفة الغربية، يرى ديكر أن السلطة الفلسطينية فشلت في السيطرة على مناطق "أ" و"ب" التي يقطنها غالبية الفلسطينيين، وخسرت أمام ما سماه "بالميليشيات المدعومة من إيران".
ويقول إن إسرائيل تتحرك لتفكيك هذه المجموعات المسلحة وضمان أمن الفلسطينيين والإسرائيليين معا، زاعما إلى أن الكثير من سكان الضفة باتوا يرغبون في مستقبل أكثر استقرارا، بل إن بعضهم يفضل الحصول على المواطنة الإسرائيلية.
ويخلص ديكر إلى أن الخطأ الأكبر الذي ارتكبته الدول الغربية هو "تجاهل أصوات الفلسطينيين أنفسهم، الذين يطالبون بقيادة جديدة بعيدة عن الفساد وتتمكن من احترام حقوقهم وتأمين مناطقهم".
ويعتبر أن الحل يكمن في "الاستماع إلى صوت الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، لا إلى حسابات سياسية غربية"، مؤكدا أن ذلك وحده قد يعكس فهما أعمق لمعنى الديمقراطية في المنطقة.
"ضرورة تحويل الاعتراف إلى حقائق سياسية"
يقول فضل طهبوب، عضو المجلس الوطني الفلسطيني في مدينة القدس، لبي بي سي، إن الاعترافات الدولية بدولة فلسطينية تسجل موقفا قانونيا مهما؛ فهي تؤكد الحق الفلسطيني في إقامة دولة، بغض النظر عن إمكانية تحقيق هذا الأمر عمليا في الوقت الحالي.
ويضيف طهبوب، لا بد من تحويل هذا الاعتراف الرسمي إلى حقائق ميدانية وسياسية قابلة للتنفيذ، لا أن تظل مجرد تصريحات شكلية بلا أثر.
في تصريحه أوضح طهبوب أن الواقع على الأرض لا يخدم إقامة الدولة فورا، لأن إسرائيل قد استولت على مساحات واسعة من الأرض وقطّعت النسيج الجغرافي والسياسي للضفة والقدس، وتسيطر فعليا على المناطق المحتلة.
ويرى طهبوب أن خطوة الاعتراف يجب أن تترافق مع استراتيجية فلسطينية واضحة تتضمن إعلان دولة بحدود عام 1967 — دولة تحت الاحتلال — ومن ثم الانطلاق في حملة قانونية ودبلوماسية واسعة لمطالبة المجتمع الدولي والعربي بكل الوسائل بإنهاء هذا الاحتلال وتطبيق استقلال الدولة.
ويشير طهبوب إلى صعوبة تطبيق قرارات المجتمع الدولي بصورة فورية على الأرض، معتبرا أن إسرائيل لا تلتزم بسلوكيات المجتمع الدولي بالسهولة نفسها، وبالتالي لا يكفي مجرد اعتراف دولي إذا لم يتبع بخطوات عملية تخلق واقعا جديدا.
ويؤكد أنه يجب خلق "حقائق جديدة" سياسية وقانونية: اعتراف دولي رسمي بدولة فلسطينية مع حدود معترف بها دوليا، وجعل هذا الاعتراف مرتبطا بمطالب واضحة لإزالة الاحتلال وفقا للقانون الدولي، وفقا لتعبيره.
ومن أهم المطالب التي يطرحها طهبوب: توحيد الصف الفلسطيني وصياغة استراتيجية وطنية موحدة تُعرض على العالم لتظهر موقفا فلسطينيا متماسكا، إضافة إلى تعبئة الجهود الدبلوماسية العربية والدوليّة، ومواصلة النضال القانوني والسياسي للحصول على استحقاقات هذا الاعتراف.
كما يحذر من أن تبقى الاعترافات مجرد شعارات هزيلة إن لم تُترجم إلى إجراءات ملموسة تنفذها المنظمات الدولية والدول المعترفة.
وختم طهبوب بأن الطريق نحو تحقيق دولة فلسطينية معترف بها دوليا "لن يكون فوريا"؛ فهو يتطلب وقتا طويلا وجهودا داخلية وخارجية مكثفة، وتنسيقا فلسطينيا داخليا يضمن ظهور موقف واضح وقوي أمام المجتمع الدولي، وفي غيابه، يظل الاعتراف بلا قيمة عملية حقيقية.
الشارع الإسرائيلي: بين دعم حل الدولتين والتشدد
أما في الشارع الإسرائيلي، فتبرز مواقف متناقضة حيال مستقبل الصراع، بعض المواطنين اعتبروا أن حلّ الدولتين قد يكون ضمانا للأمن والسلام، شريطة حماية إسرائيل من أي تهديد وجودي.
آخرون ركزوا على ضرورة وقف الحرب والقتل قبل الدخول في أي مسار سياسي.
في المقابل، عبّرت أصوات متطرفة عن مواقف رافضة بالكامل لوجود الفلسطينيين، وصلت حد الدعوة إلى "إبادتهم".
هذا التباين يعكس حجم القلق داخل المجتمع الإسرائيلي الذي يعتبر إطلاق سراح الرهائن أولوية قصوى خاصة أهالي الرهائن الذين يخشون من أن تؤدي العملية العسكرية البرية المستمرة في غزة إلى قتل الرهائن الإسرائيليين.
وبين هذه الأصوات المتعارضة، يظل مستقبل الصراع مرتبطا بمدى قدرة الأطراف على استثمار الاعترافات الدولية في صياغة حلول عملية توازن بين الأمن والحقوق وتحد من التصعيد.