لماذا ساند حكام العرب والمسلمين خطة ترامب في غزة؟
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
حماس: لدينا ملاحظات على خطة ترمب وسنعلن موقفنا قريبا
قد يزعم الزعماء العرب والمسلمون أنهم خُدعوا حتى يمنحوا تأييدهم للخطة التي كشف عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الإثنين.
كانت الخطة التي تم الإعلان عنها في واشنطن مختلفة كثيراً عن تلك التي تم التوافق عليها في نيويورك. ولكن هذا هو الأسلوب المتسامح في قراءة ما جنت أياديهم.
الخيانة هي الكلمة الأخرى التي تخطر بالبال لوصف ما حدث.
إنها الخيانة التي ترتكب بينما الإبادة الجماعية ماضية على أتم وجه، والتي منح رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضوءاً أخضر من قبل ترامب للاستمرار في تنفيذها.
يشتاط القطريون غضباً لأن دور الوسيط قد انتزع منهم ولأن ترامب رفض تأجيل الإعلان عن الخطة. كما أن المصريين يشتاطون غضباً كذلك، وذلك لأن دور السلطة الفلسطينية تعرض للخسف، ولأن قوات الاحتلال الإسرائيلية سوف تبقى باستمرار في رفح، وعلى امتداد الحدود من سيناء.
إلا أن أسماء كل واحد من البلدان مازال موقعاً على البيان، ولم يصدر عن أي منها قول أو فعل من أي نوع يفيد سحب التوقيع.
أياً كان الأمر فإن كل واحد من بلدان المنطقة التي أيدت هذا الاتفاق يكافئ أهل غزة بجائزة مريرة وبائسة مقابل عامين من الصبر والصمود في وجه أعتى هجوم عسكري يشنه الإسرائيليون في تاريخ هذا الصراع.
بالنسبة لأهل غزة، لا يوجد ضوء في آخر النفق. لا يوجد سوى شكل مختلف من الاحتلال، وشكل مختلف من الحصار.
عند تلك المحطة من التاريخ، وبينما يتحول الرأي العام بشكل حاسم ضد إسرائيل، وبينما يقوم عدد غير مسبوق من الدول بالاعتراف بدولة فلسطين، يضع الزعماء العرب والمسلمون تواقيعهم على خطة تضمن الحيلولة بتاتاً دون قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة من تحت ركام النقمة الإسرائيلية.
يمكن لدول الإقليم أن تزعم بأنها أوقفت التطهير العرقي الجماعي الذي ينال غزة، وأنها وضعت حداً للاحتلال الإسرائيلي، وأنها أعادت وكالات الأمم المتحدة إلى غزة. ولكن مفاتيح ذلك كله تبقى في يدي نتنياهو.
لا ناقة ولا بعير
لا يوجد ما يضمن توقف الإسرائيليين عن ممارسة التطهير العرقي والإبادة الجماعية، وذلك لأنه بموجب هذا الاتفاق لن تغادر قوات الاحتلال الإسرائيلية القطاع، ونتنياهو هو الذي يقرر وتيرة الانسحاب وحجم المساحة من غزة التي سوف تقوم قواته بتسليمها لقوة التثبيت الدولية المقترحة (آي إس إف).
كما أن لديه الحرية الكاملة في أن يقرر حجم المساعدات ومواد إعادة البناء التي يُسمح بدخولها إلى القطاع. ناهيك عن أنه لا يوجد جدول زمني للانسحاب.
ولكن تتوفر كل الضمانات بأن هذه الخطة لما بعد الحرب سوف تقضي في المهد على أي فرصة لنهوض غزة من تحت الركام تحت قيادة فلسطينية من أي نوع.
بموجب هذه الخطة، لا يوجد دور لأي قيادة فلسطينية في إعادة بناء غزة. كما أن قطاع غزة سيتم فصله تماماً عن الضفة الغربية بموجب هذه الخطة، فقد تم التخلص إلى غير رجعة من أي أفكار تتعلق بإعادة اللحمة بين الشقين.
ليس وضع السلطة الفلسطينية بأحسن من وضع حماس أو أي من الفصائل الأخرى. فالسلطة الفلسطينية، التي هي منزوعة السلاح بطبيعة الحال، مطلوب منها أن تقوم بما هو أكثر من ذلك.
فطبقاً لما صرح به نتنياهو في المؤتمر الصحفي المشترك، يتوجب على السلطة الفلسطينية سحب القضيتين المرفوعتين ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية وأمام محكمة العدل الدولية، كما يتوجب عليها التوقف عن دفع رواتب لعائلات الشهداء، وعليها أن تغير مناهج التعليم وكبح جماح وسائل الإعلام. ثم فقط حين تنجز كل ذلك، سوف تنظر إسرائيل في الأمر.
لم يبادر أي من زعماء أو رؤساء وزراء أو وزراء خارجية الدول الثمان، تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية والأردن والإمارات العربية المتحدة ومصر وأندونيسيا والباكستان، باستشارة الفلسطينيين قبل أن يوافقوا على هذه الخطة.
كما أن الفلسطينيين لا ناقة لهم ولا بعير في السلطة التي بات فرضها وشيكاً على غزة، فإنهم لم يشاركوا من قريب أو بعيد في وضع الخطة لما بعد الحرب.
بل تم تكليف البلدان التي وقع ممثلوها على البيان بالسعي لإجبار حماس على قبول بنود الاستسلام الذي لم تفلح الدبابات الإسرائيلية ولا المسيرات ولا الآليات المتحكم بها عن بعد في انتزاعه منها في ميدان المعركة. بإمكان حكومات هذه البلدان القيام بذلك وقد تلحفت برداء الخزي والعار.
خطة العرب المضادة
أين هي خطة العرب المضادة؟ إنه لا وجود لها. أين هو العزم على مواجهة أطماع إسرائيل التوسعية؟ وهذا أيضاً كان مجرد تظاهر زائف.
تغطي الفروق بين المسودة الأولى والبيان النهائي المهلة المحددة زمنياً لإطلاق سراح الأسرى، وتوزيع المساعدات، وعدد السجناء الفلسطينيين الذين ينبغي إطلاق سراحهم، وقوة التثبيت الدولية، والخطوط التي ينبغي أن تنسحب إليها القوات الإسرائيلية.
ما بين المسودة التي تم التوافق عليها في الأمم المتحدة وما تم الإعلان عنه في البيت الأبيض، مُنحت إسرائيل في كل واحدة من هذه المسائل مزيداً من التحكم والسيطرة، بينما تم إعفاؤها من المزيد من الالتزامات.
إلا أن أهم القضايا الأساسية هي ما يلي:
1) تم استبدال الالتزام المفروض على إسرائيل بالسماح بدخول ستمائة شاحنة يومياً بعبارة "الدعم الكامل" بدون ذكر أرقام أو تحديد المعدات التي سوف تسمح إسرائيل بدخولها؛
2) تم بشكل سحري تحويل التزام إسرائيل بالانسحاب من كل غزة إلى انسحاب "مشروط بنزع السلاح وإقامة غلاف أمني".
يشير البيان الصادر جماعياً عن زعماء ووزراء خارجية البلدان الذين اجتمعوا مع ترامب – وهي تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن ومصر وأندونيسيا – إلى المسودة الأولى التي وافق عليها ترامب وويتكوف في نيويورك.
حمل ويتكوف وجاريد كوشنر، زوج ابنة ترامب، تلك الخطة إلى نتنياهو، فقاموا معاً وعلى مدى ساعات عديدة داخل غرف الفندق بإدخال تعديلات جذرية على النص. أشارت صحيفة ذي تايمز أوف إسرائيل إلى هذه التعديلات بأنها "تحرير".
اشتاط المسؤولون القطريون غضباً إزاء هذا "التحرير"، وحاولوا إقناع ترامب بتأجيل الإعلان عن الخطة، ولكن تم تجاهلهم. ومع ذلك، لا يمكن القول إنهم فوجئوا بما أقدم عليه ترامب وويتكوف.
فهذان الشخصان عرف عنهما أنهما بلا وجل أو خجل ينكصان عن وعودهما، وبات لهما نمط معروف في التخلي عن المواقف التي يكونان قد أعلنا من قبل على الملأ التزامهما بها.
تغييرات حرجة
كان أسوأ نموذج على ذلك هو صفقة وقف إطلاق النار التي أبرمت مع حماس في شهر يناير / كانون الثاني، والتي سمحت هذه القوى الإقليمية جذلة لنتنياهو بتمزيقها، ولكن هناك نماذج أخرى عديدة، ومنها المحادثات مع الوفد الإيراني التي كان ويتكوف على وشك إجرائها في سلطة عُمان عندما قامت الطائرات الحربية الإسرائيلية وقاذفات بي 2 الأمريكية بضرب المرافق النووية الإيرانية.
كان هذا خداعاً أعلن ترامب عن سعادته به على الملأ.
والنتيجة؟ يبدو أن مصر وقعت مذعنة على الوجود الإسرائيلي الدائم في رفح وعلى امتداد ممر فيلادلفيا الذي يفصل غزة عن سيناء، وذلك أن إسرائيل لم تزل مصرة على الاحتفاظ بالسيطرة على كليهما.
عادت قطر لتمارس دور الوسيط، على الرغم من أن قيمة هذه الوساطة في المستقبل باتت موضع شك بسبب محاولات إسرائيل الواضحة لإقصائها من هذا الاتفاق.
كان اعتذار نتنياهو محدوداً، فهو لم يعتذر عن مهاجمة وفد حماس الذي تستضيفه الدوحة. ثم من جهة أخرى، حصل نتنياهو على اتفاق يحظى بموجبه بسيطرة تامة فيما يتعلق بانسحاب القوات من غزة، والتي قد تبقى هناك إلى وقت طويل بعد ضمان إطلاق سراح الأسرى.
كما طرأت تغييرات حرجة ما بين المسودة الأولى والصيغة النهائية فيما يتعلق بالقضايا الأساسية ذات الأهمية القصوى بالنسبة لحماس، وهي الانسحاب الإسرائيلي الكامل ووقف الحرب قبل إطلاق سراح الأسرى، والخط الأحمر المتمثل بالاحتفاظ بأسلحتهم.
نصت المسودة الأولى على أن "القوات الإسرائيلية سوف تنسحب إلى خطوط المعركة كما كانت حينما تقدم ستيف ويتكوف [المبعوث الأمريكي الخاص] بمقترحه للإعداد لإطلاق سراح الرهائن". ولكنها لم تحدد ما هو ذلك العرض الذي تقدم به ويتكوف، فقد تعددت العروض التي جاء بها.
أما النص النهائي فنص ببساطة على أن "القوات الإسرائيلية سوف تنسحب إلى الخط المتفق عليه."
يبدو أن هذا أيضاً يشير إلى خارطة تم نشرها، تُمنح القوات الإسرائيلية بموجبها السيطرة على معظم قطاع غزة حتى بعد الانسحاب الأول للقوات.
فكما أشارت صحيفة ذي تايمز أوف إسرائيل، كانت النقطة 16 من الاتفاق الأصلي تنص على أن القوات الإسرائيلية "سوف تسلم بالتدريج أراضي غزة التي تحتلها."
أما في النص النهائي فجرى التعديل على النحو التالي: "سوف تنسحب قوات الدفاع الإسرائيلية بناء على معايير ومعالم وأطر زمنية ترتبط بنزع السلاح الذي سوف يتم الاتفاق عليه بين قوات الدفاع الإسرائيلية وقوات التثبيت الدولية والضامنين والولايات المتحدة."
لا عجب إذن أن تعلو الابتسامة العريضة وجه نتنياهو. ولا عجب أن يقف مخاطباً جمهور التلفزيون الإسرائيلي قائلاً: "من كان سيصدق هذا؟ بعد كل ما كان يقوله الناس باستمرار من أن عليك أن تقبل بشروط حماس، وأن تخرج كل واحد، وعلى قوات الدفاع الإسرائيلية أن تنسحب، وبذلك تتمكن حماس من التعافي ومن إعادة تأهيل القطاع. لا سبيل إلى ذلك. لن يحدث شيء من ذلك."
ثم سئل نتنياهو عما إذا كان قد وافق على الدولة الفلسطينية، فأجاب: "قطعاً لا. ليس منصوصاً على ذلك في الاتفاق، ولكن هناك شيء واحد قلناه، ألا وهو أننا سوف نعارض بقوة قيام دولة فلسطينية. وقال ذلك الرئيس ترامب أيضاً. لقد قال إنه يفهم الأمر."
لقد أصاب هنا.
تنص آخر نقطة في النقاط العشرين على ما يلي: "سوف تجري الولايات المتحدة حواراً بين إسرائيل والفلسطينيين للاتفاق على الأفق السياسي من أجل تعايش سلمي ومزدهر."
تشير النقطة التاسعة عشر بشكل شديد الإبهام إلى الدولة الفلسطينية، حيث تعترف بتطلع الشعب الفلسطيني إلى تقرير المصير والدولة – ولاحظ أنه لم تقل حق وإنما تطلع. بل وحتى ذلك التطلع مشروط "بتحقيق تقدم في إعادة التطوير في غزة وإصلاح السلطة الفلسطينية بأمانة."
من هي الجهة التي يُحتكم إليها في هذه العملية؟ إنها بالطبع إسرائيل.
لم يحتج ذلك في إعادة كتابته إلى أيادي ويتكوف وكوشنر المنهمكة. بل تم ذلك بخيانة أولئك الزعماء العرب والمسلمين للقضية الفلسطينية، والذين طالما زعموا على مدى زمن طويل أنهم كانوا يدعمونها.
إذ لا يوجد في هذه الخطة كلمة واحدة عن تقرير المصير ولا عن حقوق الفلسطينيين غير القابلة للتصرف في أن تكون لهم دولة خاصة بهم. ترامب أصم لا يسمع شيئاً سوى المزاعم الإسرائيلية بدولة بين النهر والبحر، ولا يرى في الفلسطينيين سوى عمالاً مهاجرين.
واكتملت دائرة الخيانة
كرس ترامب بعضاً من الوقت في مؤتمره الصحفي ليصف كيف تحدى الرأي العام في المنطقة حول القرارات التي اتخذها خلال ولايته الأولى من اعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو الاعتراف بضم مرتفعات الجولان المحتلة.
قال عن ذلك: "هل تدرون ماذا؟ تبين أن الأمر مدهش. ظن الجميع أن من شأن ذلك أن يفضي إلى نهاية العالم، صحيح؟ نهاية العالم يا رون. كان ذلك هو ما قالوه. ولكنه لم يفض إلى شيء من ذلك."
تلك هي نظرته إلى جيران إسرائيل العرب. إنه ينظر إليهم بازدراء. كان توصيفه لتاريخ غزة في غاية التشويه لدرجة أنه يشق على المرء من أين يبدأ.
فطبقاً لترامب، حينها قام آرييل شارون، رئيس وزراء الاحتلال في ذلك الحين، بالانسحاب من النخب الأول المطل على البحر من أرض غزة بحثاً عن السلام.
ومضى يقول: "حينها قالوا إن كل ما نريد أن نفعله هو أن يعم السلام. ولكن بدلاً من إقامة حياة أفضل للفلسطينيين، حولت حماس الموارد لبناء ما يزيل عن 400 ميل من الأنفاق والبنى التحتية للإرهاب، وفي إنشاء معامل إنتاج الصواريخ، وأخفوا مقرات قيادتهم ومواقع إطلاق الصواريخ داخل المستشفيات والمدارس والمساجد. وبذا، فيما لو لاحقتهم، لن تدرك أنك ينتهي بك المطاف وأنت تهدم مستشفى أو مدرسة أو مسجد."
هذا هو ما رسخ في ذهن ترامب عن الفترة التي فازت فيها حماس بالانتخابات الوحيدة التي جرت في حكم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حينما حاولت فتح بمساعدة من إسرائيل عمل انقلاب استباقي، وعندما بدأت سبع عشرة سنة من الحصار الوحشي.
يبرر ترامب تدمير كل مستشفى وكل مدرسة وكل مسجد في غزة خلال العامين المنصرمين، رغم أنها جرائم حرب ترقى إلى الإبادة الجماعية.
ولكن الأمر أسوأ من ذلك بكثير.
فشل بلير
عاد طوني بلير ليطارد شبحه غزة من جديد، وهو الرجل الذي وقف في جنازة شارون خطيباً ليصف الجنرال الذي أضاءت دباباته درب المسلحين الذي قاموا بذبح الفلسطينيين في مخيمات صبرا وشاتيلا في لبنان بأنه "رجل السلام".
لم يلعب أحد من خارج رام الله دوراً أكبر من ذلك الذي لعبه طوني بلير لإقصاء حماس عن المشاركة في حكومة وحدة وطنية، والتي ظلت لعقود السبيل الوحيد لنزل فتيل الصدام.
في عام 2006، قبل عام من تعيينه مبعوثاً للشرق الأوسط، وقف بلير إلى جانب الرئيس الأمريكي حينذاك جورج بوش في رفضه لنتائج الانتخابات الحرة والنزيهة، وفي مقاطعة حماس، وفي وضع الأساس للدعم الدولي للحصار الدائم. جاءت شروط الرباعية لتضمن إقصاء حماس.
وها هو يعود الآن بوصفه عضواً في "مجلس السلام".
في عام 2010، وبعد أن انتهت عهدته كمبعوث دولي، كتب المؤرخ الإسرائيلي آفي شليم يقول عن رئيس وزراء بريطانيا الأسبق: "إن فشل بلير في الوقوف إلى جانب الاستقلال الفلسطيني هو بالضبط ما يجعله مقبولاً لدى المؤسسة الإسرائيلية ومقرباً منها."
في شهر فبراير / شباط من العام الماضي، وبينما كان الفلسطينيون في غزة يرثون موتاهم، تلقى بلير جائزة دان ديفيد من جامعة تل أبيب "تقديراً له لريادته في مجال القيادة في الزمن المعاصر."
أشاد نص الجائزة التقديرية به لما يتمتع به من ذكاء استثنائي ونظرة ثاقبة، ولما أظهره من شجاعة أخلاقية وإبداع قيادي. تقدر قيمة الجائزة بمليون دولار أمريكي. قد أكون متشككاً، ولكني لا أملك سوى اعتبار الجائزة أمراً يبعث على السخرية، إذا ما أخذنا بالاعتبار تواطؤ بلير الصامت في جرائم إسرائيل المستمرة ضد الشعب الفلسطيني.
تنطبق هذه الكلمات على بلير اليوم كما كانت تنطبق عليه من قبل.
الفلسطينيون وحدهم
ما من شك في أن خيارات حماس بائسة.
فالصفقة المعروضة عليهم أسوأ بكثير من تلك التي قبل بها حزب الله، وحتى هذه لم تزل تتعرض للانتهاك من قبل إسرائيل بشكل يومي.
فيما لو سلمت حماس الرهائن، فإنه لا توجد لديها ضمانات بأن الحرب سوف تنتهي، ولن يكون بيدها ما تقايض به لإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين. وفيما لو رفضتها فإن الحرب سوف تستمر بدعم كامل من قبل ترامب.
بحسب ما آلت إليه أمورهم، لا ينتظر المرء مفاجآت من قبل المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المحتلة أو الأردن أو مصر.
ولكن تركيا وقطر تورطتا في ذلك أيضاً. فجميعهم خانوا الفلسطينيين من خلال توقيع أسمائهم على صفقة بهذا الشكل السيء وأحادي الجانب.
قيل لهم المرة تلو الأخرى إن عليهم الحذر من الثقة بالتأكيدات الأمريكية ومن علاقاتهم التجارية مع ترامب، والمرة تلو الأخرى يتم استخدامهم كبيادق.
كانوا هم من حذر من مخاطر العودة إلى السادس من أكتوبر / تشرين الأول، اليوم الذي سبق هجوم حماس، حينما كانت المملكة العربية السعودية على وشكل التطبيع مع إسرائيل.
بعد عامين من الإبادة الجماعية، انتهى بنا المطاف مع تسوية مقترحة أسوأ بكثير مما كانت عليه الأوضاع يوم السادس من أكتوبر / تشرين الأول 2023.
لقد مُنحت إسرائيل الضوء الأخضر لتبقى في غزة، سواء بشكل مباشر أو من خلال وكلاء مثل بلير.
وحتى فيما لو سحبت قواتها تماماً من القطاع، فإنها سوف تستمر في إغلاق الحدود والتحكم بكميات المساعدات ونوعية مواد البناء التي يُسمح بدخولها.
كما أن لديها ضوءاً أخضر لاقتحام الأقصى، ولديها ضوء أخضر لبناء المستوطنات في الضفة الغربية.
هذه هي نفس الصيغة التي جُربت مع اتفاقيات أوسلو ولكن على المنشطات.
يمكن أن يُسمح للفلسطينيين فقط بالعيش إلى جانب إسرائيل بسلام فيما لو أثبتوا إذعانهم لرغباتها، وجثموا في زوايا الأرض التي لم يستول عليها المستوطنون، وتخلوا عن جميع خططهم لإقامة دولة مستقلة خاصة بهم.
هذا ما تعنيه إزالة التطرف، وضع العلم الوطني جانباً، بينما يرفع المستوطنون علم نجمة داود فوق كل ما كان يوماً بيوتاً وأرضاً فلسطينية.
لم يسبق أبداً أن كان الفلسطينيون حيثما عاشوا بمثل هذه الوحدة.
لقد رد حكام المنطقة على ما سطره الفلسطينيون في غزة من شجاعة وصمود كل ليلة وكل يوم على شاشات التلفزيون بالخوف والجبن وإيثار مصالحهم الخاصة.