اخبار فلسطين

شبكة قدس الإخبارية

سياسة

مجزرة هدم في مخيمات نور شمس وطولكرم .. أين السلطة؟

مجزرة هدم في مخيمات نور شمس وطولكرم .. أين السلطة؟

klyoum.com

طولكرم – خاص قدس الإخبارية:  في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية، يعيش مخيما نور شمس وطولكرم وضعًا إنسانيًا صعبًا بفعل سياسة الهدم والتجريف التي ينفذها الاحتلال، وسط غياب حلول جذرية وفعالة من الجهات الرسمية، وتفاقم أزمة السكن والنزوح وغياب الأفق الواضح لمصير آلاف الفلسطينيين.

أفادت قناة 14 العبرية، المقرّبة من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي باشر اعتبارًا من الليلة الماضية تنفيذ عملية هدم واسعة تستهدف 106 مبانٍ سكنية داخل مخيمي طولكرم ونور شمس شمالي الضفة الغربية المحتلة، في واحدة من أوسع حملات الهدم التي تطال مخيمات اللاجئين الفلسطينيين منذ سنوات.

نائب رئيس اللجنة الشعبية في مخيم نور شمس، يوسف فنادقة، قال لـ"شبكة قدس" إن تنسيقًا تم الحصول عليه سمح بدخول عدد من الأهالي إلى منازلهم في منطقة المسلخ بين الساعة الثامنة والحادية عشرة صباحًا، وتنسيق آخر من الحادية عشرة حتى الواحدة ظهرًا لمنازل وسط المخيم في حارة الجامع. وأوضح أن الناس بالكاد تمكنت من إخراج ملابسها، بينما لم يكن بالإمكان نقل الأثاث أو الأجهزة الكهربائية لعدم توفر مركبات، ما يزيد من تفاقم الوضع الإنساني المتدهور أصلًا، مع ارتفاع أعداد النازحين والمنازل المهدّمة يوميًا.

وأكد فنادقة أن من تهدمت منازلهم لا إمكانية لعودتهم حاليًا، ويجب إيجاد حلول حقيقية لهم، محذرًا من أن الجهات الرسمية الفلسطينية مطالبة بتوفير بدائل حقيقية، فالمتضرر جزئيًا يمكن ترميم منزله، لكن من فقد منزله بالكامل لا يملك سوى الشارع. ورفض فنادقة بشكل قاطع أي حلول تقوم على البيوت المتنقلة أو الخيام إن كانت دائمة، مشددًا على أن هذه الخيارات تعيد مشهد النكبة، وتهدد بإنشاء مخيمات جديدة. وأوضح أن البيت المتنقل لا يتناسب مع حاجات العائلات الكبيرة، مثل الأسر التي تتكون من 7 أفراد، حيث لا تتجاوز مساحة هذه البيوت ثلاث أو أربع غرف ضيقة جدًا، ولا توفر الحد الأدنى من الحياة الكريمة.

وقال: "نخشى أن تتحول الحلول المؤقتة إلى دائمة، وإذا كان البديل المؤقت سيستمر لسنوات، فنفضل البقاء في الشوارع". وشدد على أنه لا يشعر بوجود حلول جذرية لأزمة مخيم نور شمس، موضحًا أن هناك عائلات تهدمت بيوتها منذ عامين ولم تحصل على بديل حتى اليوم. وأضاف: "نشعر أن مخيمي طولكرم ونور شمس في دائرة التهميش، ولا تحظيان بالاهتمام اللازم من الجهات المختصة"، موضحًا أن "قضيتنا ليست مجرد مساعدات أو طرود غذائية، بل قضية وطنية مرتبطة بتاريخ المخيم وحق اللاجئ في المسكن"، محذرًا من أن "الهدم يتم بقرارات عسكرية إسرائيلية، ما يعني منع إعادة البناء، وهذا يزيد القلق لدى الناس ويعكس ضرورة وجود موقف رسمي من الأمر".

الشجب لم يعد كافيًا

من جانبه، قال نائب رئيس المجلس التشريعي عن مدينة طولكرم، حسن خريشة، لـ"شبكة قدس"، إن الحلول المطروحة من الجهات الرسمية في المخيمين حتى الآن لا تتجاوز الإغاثة والترقيع، وقد استمرت على هذا الشكل منذ أكثر من ثلاثة أشهر، رغم فداحة الأزمة. وأكد أن المطلوب هو حلول جذرية ومخاطبة جادة للمجتمع الدولي، لأن ما يجري هو عملية شطب ممنهجة للمخيمات، في سياق محاولة تصفية قضية اللاجئين.

وأوضح خريشة أن الشجب والاستنكار لم يعد كافيًا، مطالبًا السفارات الفلسطينية في جميع أنحاء العالم بالتحرك والضغط على الرأي العام والموقف العربي الصامت، لأن ما يجري في مخيمي طولكرم كما في غزة "حرب وجودية" ضد الشعب الفلسطيني.

وقال إن الحكومة الفلسطينية خطواتها بطيئة، وإمكاناتها قليلة، وتوجهاتها محكومة بسقف اتفاقياتها مع الاحتلال والعالم، مضيفًا أن السلطة تعاملت منذ بداية العدوان على غزة وكأنها ليست جزءًا من حرب الإبادة، بل كأن الحرب موجّهة ضد فصيل فقط، بينما الواقع اليوم يثبت أن الضفة الغربية، وخاصة مخيمات شمالها، تحولت إلى نسخة كربونية من غزة.

وشدد خريشة على أن الحلول التي جاءت في المخيمات مثل طولكرم وجنين كانت بدوافع شعبية ووطنية، ومن تحمّل العبء كان المجتمع المدني الذي تولى الإيواء وتوفير أماكن النزوح، لا الجهات الرسمية. ولفت إلى أن المطروح اليوم من حلول إسكانية، كالبيوت المتنقلة، يُثير قلق الناس بسبب تجارب الفلسطينيين التاريخية، حيث تحولت الحلول المؤقتة إلى دائمة في أكثر من محطة.

واعتبر أن الحلول الحالية لا ترقى لمستوى مواجهة حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، قائلاً: "إن كنا لا نطلب من أحد أن يحارب، فعلى الأقل لا يجب شيطنة من يقاوم، لأننا لا نملك خيارًا سوى المقاومة".

وأكد خريشة أن هناك اتفاقًا إسرائيليًا-أميركيًا على إلغاء فكرة المخيم وتنفيذ التهجير، وصولًا إلى مشروع ضم الضفة تحت مسمى "يهودا والسامرة"، مشددًا على أن الحل الجذري لذلك هو مقاومة الاحتلال، لأنه لا توجد حلول أخرى فعالة على الأرض.

عائلات مهددة 

وفي السياق ذاته، قال مدير العلاقات العامة والإعلام في بلدية طولكرم، مهند مطر، لـ"شبكة قدس"، إن ما لا يقل عن 250 منزلًا مهدد بالهدم حاليًا بعد إخطار الاحتلال قرابة 106 بنايات، بينها 48 في مخيم نور شمس و58 في مخيم طولكرم، مشيرًا إلى أن كل بناية تحوي على منزلين على الأقل، وبعضها يضم 6 منازل، ما يعني أن جميع سكانها سيُتركون دون مأوى.

وأوضح أن في مخيم نور شمس وحده، هناك أكثر من 140 عائلة مهددة بفقدان سكنها، وتم الحصول على تنسيق محدود لخمس عائلات فقط لإخلاء منازلها، وجاء هذا التنسيق عبر الارتباط الفلسطيني بالتعاون مع الهلال الأحمر والبلدية، مؤكدًا أن إدخال أي سيارة لنقل المقتنيات يتطلب تنسيقًا خاصًا أيضًا.

وأكد مطر أن الاحتلال لم يُبلغ السكان رسميًا بشأن الهدم، بل عرف الأهالي عن نية الاحتلال عبر خريطة نُشرت، تظهر فيها إشارات حمراء على منازلهم. وأضاف أن الارتباط الفلسطيني اعترض على سياسة الهدم وطلب أسماء أصحاب البيوت المخطرة، لكن الجانب الإسرائيلي قال إن القائمة جاهزة بنسبة 80% فقط، ولم يُسلّم الأسماء، ما خلق حالة من الإرباك والقلق، إذ إن كثيرًا من العائلات لا تعلم إن كانت منازلها مشمولة بالإخطارات أم لا، وقد يتفاجأ بعضهم بأن بيوتهم ستُهدم دون علم مسبق.

وأشار مطر إلى أنه لا يوجد رقم دقيق للمنازل المهدمة حتى الآن، لكن التقديرات تشير إلى أن الآلاف من المنازل والمحلات التجارية قد تضررت بين هدم جزئي وكلّي. وأوضح أن طبيعة البناء المتلاصق في المخيمات تجعل كل عملية هدم تؤثر بشكل مباشر على الأبنية المجاورة، ما يجعل ما يجري أشبه بـ"مجزرة حقيقية تغيّر ملامح المخيم بالكامل".

وحذّر من أن الاحتلال يسعى لفرض تغييرات ديموغرافية وهندسية عبر فتح طرق جديدة داخل المخيمين، وأن هذه الطرق ستكون أمرًا واقعًا يمنع إعادة البناء فوقها لاحقًا، كما ألمح الاحتلال في رسائل غير مباشرة. وقال: "لا أحد يعلم إن كنا سنتمكن من إعادة البناء مستقبلًا، لأن ذلك مرتبط بالوضع السياسي والأمني".

واعتبر مطر أن ما يجري هو عقاب جماعي وجريمة حرب تغيّر تضاريس المخيم، مشيرًا إلى أن المخيم بات شبه فارغ من سكانه، ومصير الناس بات مجهولًا، بينما النازحون الذين كانوا يقيمون عند أقاربهم لم يعد لديهم مأوى، والناس تبحث الآن عن مساكن دائمة للإيجار، في ظل غياب أفق لحل حقيقي.

وأضاف أن كل التدخلات المطروحة اليوم من الحكومة أو البلدية مثل إنشاء البيوت المتنقلة، أو برامج دعم الإيجار، أو المساعدات المتعلقة بالمياه والكهرباء، هي تدخلات مؤقتة لا تكفي لتلبية حاجات السكان، ولا ترتقي لحجم الكارثة التي يواجهها المخيمان.

*المصدر: شبكة قدس الإخبارية | qudsn.net
اخبار فلسطين على مدار الساعة