اخبار فلسطين

راديو بيت لحم ٢٠٠٠

سياسة

مسيحيو القدس بين الاعتداءات الميدانية والتزييف السياسي في المحافل الدولية

مسيحيو القدس بين الاعتداءات الميدانية والتزييف السياسي في المحافل الدولية

klyoum.com

بقلم:معروف الرفاعي

مستشار محافظ القدس

منذ عام 1967، تاريخ احتلال الشطر الشرقي من القدس، شهدت المدينة العديد من الاعتداءات على المسيحيين وكنائسهم وممتلكاتهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، هذه الاعتداءات ليست مجرد حادثة عابرة، بل هي جزء من سياسة ممنهجة تستهدف تقويض الهوية المسيحية في القدس، التي تعد مركزًا دينيًا وروحيًا لكثير من المسيحيين حول العالم، ولعل هذه السياسات قد تطورت منذ سنوات طويلة، حيث يتزامن الاعتداء على المسيحيين مع تصاعد الحملات ضد المقدسات الإسلامية والمسيحية على حد سواء، في محاولة مستمرة للسيطرة على المدينة.

تزايدت الاعتداءات على المسيحيين في القدس في السنوات الأخيرة بشكلٍ ملحوظ، فقد قام المستوطنون اليهود وقوات الاحتلال الإسرائيلي بعدد من الممارسات التي تهدف إلى محو الوجود المسيحي في المدينة، وشملت هذه الممارسات:

الاعتداء على الكنائس والمقدسات المسيحية: شهدت العديد من الكنائس في القدس اعتداءات من قبل المستوطنين، حيث تعرضت للتهديدات والتخريب في بعض الحالات وأحد أبرز هذه الاعتداءات كان في كنيسة القيامة، التي تعد واحدة من أقدس الأماكن المسيحية في العالم، حيث تعرضت للمضايقات ومنع المسيحيين من الصلاة فيها.

الاعتداء على المقابر المسيحية: تعرضت المقابر المسيحية في القدس لاعتداءات عديدة، بما في ذلك محاولات لحرق بعضها وتدمير القبور، وهذه التصرفات ليست عشوائية، بل هي جزء من محاولة لتغيير الطابع الديموغرافي والديني في القدس.

القيود على حرية العبادة: فرض الاحتلال قيودًا مشددة على المسيحيين الذين يرغبون في الصلاة في الأماكن المقدسة مثل كنيسة القيامة، وهذه القيود تعكس محاولة الاحتلال للحد من حرية العبادة وفرض سيطرته على المشهد الديني في المدينة.

الاعتداء على رجال الدين: في سبت النور الأخير، تم الاعتداء على رجال الدين المسيحيين، حيث تم منعهم من أداء شعائرهم الدينية وتعرضوا لهجوم لفظي وجسدي من قبل المستوطنين.

في مواجهة هذه الاعتداءات، سارعت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين إلى التحرك، حيث توجهت إلى قادة الكنائس في الولايات المتحدة وأوروبا وأميركا الجنوبية من أجل الضغط على حكوماتهم لتوفير الحماية للمقدسات المسيحية، وهذه الخطوات تعكس عمق الأزمة التي يواجهها المسيحيون في القدس، حيث أصبحوا في مواجهة سياسة الاحتلال التي تهدف إلى تصفية الوجود المسيحي بشكلٍ ممنهج.

في تطور حديث، قامت بلدية الاحتلال في القدس برفع دعوى قضائية ضد البطريركية الأرمنية بمبلغ 37 مليون شيكل كضرائب بلدية غير مدفوعة، حيث يشكل هذا الهجوم جزءًا من استراتيجية أوسع لزيادة الضغط على الكنائس والمقدسات المسيحية، وبحسب التقارير، تم تحديد جلسة للنظر في القضية في 29 سبتمبر 2025، وهو ما يزيد من القلق حول مستقبل الوجود المسيحي في القدس.

أثار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مزاعم في الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن انخفاض أعداد المسيحيين في الأراضي الفلسطينية، حيث أشار إلى أن السلطة الفلسطينية كانت السبب وراء هذا التراجع من 80% إلى 20% من السكان المسيحيين في فلسطين، وهذه المزاعم هي محاولة لتوجيه اللوم إلى السلطة الفلسطينية بدلاً من تحميل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن الظروف القاسية التي يعيشها المسيحيون.

وتجاهل نتنياهو في تصريحاته الدور الكبير للاحتلال والمستوطنين في تهجير المسيحيين من القدس وضواحيها، بل والاعتداءات المستمرة على ممتلكاتهم وأماكن عبادتهم، كما تجاهل واقع أن السياسات الإسرائيلية تهدف إلى تغيير الطابع الديموغرافي للمدينة من خلال التضييق على المسيحيين ومنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية.

إن ما يعانيه المسيحيون في القدس من اعتداءات ومضايقات يشير إلى وجود سياسة ممنهجة تهدف إلى تهجيرهم من المدينة وضرب هويتهم الدينية والثقافية، ولا يمكن تحميل السلطة الفلسطينية مسؤولية هذا التراجع، بل يجب أن يُوجه اللوم إلى الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى، من خلال ممارساته، إلى تدمير الوجود المسيحي في القدس.

في هذا السياق، يُعد الضغط الدولي على الاحتلال خطوة مهمة لوقف هذه الاعتداءات والحفاظ على حقوق المسيحيين في القدس،حيث إن مستقبل القدس يجب أن يكون محكومًا بالسلام والاحترام المتبادل بين الأديان السماوية الثلاثة، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته في حماية المقدسات وضمان حرية العبادة لجميع الأديان.

*المصدر: راديو بيت لحم ٢٠٠٠ | rb2000.ps
اخبار فلسطين على مدار الساعة