اخبار فلسطين

ار تي عربي

سياسة

صفقة كبرى في الشرق الأوسط - من سيدفع الثمن؟

صفقة كبرى في الشرق الأوسط - من سيدفع الثمن؟

klyoum.com

هل ستتجاوز الإدارة الأمريكية مصالح إسرائيل لتحقيق مكاسب سريعة في السياسة الخارجية في الشرق الأوسط. جوشوا يافي – ناشيونال إنترست

إن البيت الأبيض يريد المضي قدماً في تحقيق مكاسب سريعة في السياسة الخارجية ذات فوائد ملموسة، حتى لو كان ذلك يعني تجاوز إسرائيل لصالح الاستعانة بمصادر خارجية لسياسة الشرق الأوسط مثل تركيا والمملكة العربية السعودية.

تأمل إدارة ترامب أن تتمكن من إخراج مئات الآلاف من الفلسطينيين من غزة وإحياء نسخة من خطة السلام من أجل الازدهار. ومع ذلك، فإن السماح لإسرائيل بالسعي لإعادة التوطين في سوريا، يُخاطر بزعزعة استقرار الحكومة في دمشق والعودة إلى الحرب الأهلية التي يرغب البيت الأبيض تجنبها، وهو مؤشر على الخلافات السياسية الناشئة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

لم يُخفِ البيت الأبيض رغبته في رؤية إجلاء الفلسطينيين من غزة، مما سيسمح بإعادة إعمار القطاع قبل التحقق من عودة بعض اللاجئين. ويتماشى هذا مع خطط إدارة ترامب الأولى لاتباع نهج أكثر تكاملاً لعلاقة إسرائيل بالأراضي الفلسطينية، وهو نهج يلتزم بإطار قانوني واقتصادي موحد، بينما يقصر عن إقامة دولة فلسطينية كاملة، ويجلب الأمن والاستقرار للمنطقة، إلى جانب احتمال فوز الرئيس بجائزة نوبل للسلام. وقد صاغ سياسيون من يمين الوسط في إسرائيل هذه الرؤية للسلام، حيث سعوا إلى معالجة الحقائق على الأرض مع مراعاة شكوك ومخاوف غالبية الجمهور الإسرائيلي.

هناك تقارب بين المصالح الأمريكية والإسرائيلية في إيجاد حل لموقف معقد، حيث يختلف الرأيان الإسرائيلي والفلسطيني اختلافاً جذرياً حول مستقبل السلام والأمن. وبناء على ذلك، تشير تقارير إلى سعي الحكومة الإسرائيلية لإقناع دول أفريقية مختلفة بقبول الفلسطينيين، بما في ذلك جنوب السودان والصومال.

لقد قدّم المبعوث الأمريكي الخاص ويتكوف اقتراحاً أكثر جدية بشأن إندونيسيا في يناير الماضي. ومع ذلك، وفي ظل غياب عملية تفاوض متماسكة واستراتيجية إعلامية، رفضت جاكرتا هذا الاقتراح رفضاً قاطعاً. وانتشرت شائعات وجيزة في منتصف مارس عن تواصل البيت الأبيض مع سوريا عبر طرف ثالث، إلا أن الحكومة السورية نفت هذه التقارير.

ورغم هذا التقارب في المصالح، تنطلق القدس من موقف مختلف تماماً عن واشنطن. فمنذ انتهاء وقف إطلاق النار ليلة 17 مارس، حوّلت إسرائيل 30% من غزة إلى منطقة عازلة، تعتزم وزارة الدفاع الإسرائيلية الاحتفاظ بها في ظل أي تسوية سلمية. فإلى جانب ممر نتساريم الذي يعزل مدينة غزة شمالاً، أقامت القوات الإسرائيلية الآن ممر موراج الذي يفصل رفح عن خان يونس جنوباً.

لقد تم تدمير الغالبية العظمى من القطاع بالفعل، وحتى لو كانت تكلفة إعادة الإعمار في متناول تحالف من الشركاء، فلا أحد يرغب في إعادة الإعمار في ظل الظروف الحالية. ويتوقع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أنه في غضون 6 أشهر، سيتم حشر سكان غزة في قطعة أرض صغيرة على طول الحدود المصرية، حيث "سيشعرون باليأس التام ويبحثون عن مأوى لبدء حياة جديدة في أماكن أخرى". وبهذه الوتيرة، قد يكون محقاً.

لطالما تكهن الصحفيون وغيرهم من المحللين السياسيين بأن إسرائيل لا تملك خططاً لما بعد الحرب. وينتقدون الدولة اليهودية لتفضيلها احتلالاً دائماً يسمح بالعودة إلى بناء المستوطنات، أو حرباً لا نهاية لها لتأخير الانتخابات والتحقيقات الجنائية.

إن معظم الخطط التي طرحها مراقبون خارجيون تبدو إما وكأنها تلقي بمسؤولية الحكم على الآخرين، أو تتجاهل الحقائق القاسية على الأرض، مثل حقيقة أن أي سلطة محلية تفوضها إسرائيل بالحكم ستواجه اغتيالات مستهدفة من قِبل حماس. ومع ذلك، فإن القول بأن إسرائيل تفتقر إلى استراتيجية، والتلميح إلى أن صانعي السياسات يطلقون العنان لأسوأ دوافعهم للوحشية، هو قول خاطئ، ويتجاهل الكم الهائل من التخطيط الذي أظهرته الحكومة الإسرائيلية منذ 8 أكتوبر.

بدلاً من ذلك، من الضروري النظر إلى سوريا لنرى كيف تهيئ إسرائيل البيئة اللازمة لتسوية الوضع في غزة. فقد أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيحتل جبل الشيخ والمنطقة الأمنية الموسعة حول القنيطرة إلى أجل غير مسمى. وسمح نتنياهو بزيارات تاريخية لقادة دينيين دروز سوريين إلى إسرائيل، وبتقديم العلاج الطبي للدروز السوريين في مستشفيات إسرائيلية. كما سعى إلى التودد إلى الأكراد السوريين بعروض المساعدة في وقت يطالب فيه الأكراد باللامركزية والحكم الذاتي الإقليمي.

وهناك تقارب بين أمريكا وإسرائيل من حيث التخوف من خلفية النظام الجديد في دمشق. وهناك رغبة في رؤية تقدم ملموس من أحمد الشرع على جبهات متعددة. وتسيطر إسرائيل على عدد كبير من نقاط الضغط التي يمكنها من خلالها ممارسة نفوذها على دمشق، ويُفترض أن يكون ذلك موجهاً نحو هدف استراتيجي، ولكن من المؤكد أن التقارب الأمريكي الأحادي الجانب مع النظام الجديد في سوريا سيقوض ذلك.

مع ذلك، يشير إعلان الرئيس ترامب تخفيف العقوبات الأمريكية على سوريا، وقراره لقاء الشرع في السعودية، إلى استعداد الإدارة الأمريكية للمضي قدماً في الخطوات التالية تجاه دمشق، سواء بمشاركة إسرائيل أو دونها. ولعلّ واشنطن شجّعت المحادثات الإسرائيلية التركية الأخيرة في أذربيجان، وما أُفيد عن محادثات غير مباشرة بين البلدين، كوسيلة لتقريب وجهات النظر. ويريد البيت الأبيض المضي قدماً في تحقيق مكاسب سريعة في السياسة الخارجية ذات فوائد ملموسة، لا في مناورات استراتيجية غير مؤكدة النتائج، حتى لو تطلب ذلك تجاوز إسرائيل لصالح إسناد سياسة الشرق الأوسط إلى تركيا والسعودية.

الصفقة الكبرى

يبدو من المرجح أن الحكومة الإسرائيلية تُبقي خيار إبرام صفقة مع الشرع مفتوحاً. وتشير جهود إسرائيل للترويج لأفعالها ونواياها في سوريا من خلال خطابات كبار المسؤولين والتصريحات الصحفية إلى رغبة في توجيه رسالة إلى أطراف إقليمية أخرى مفادها أن هناك أوراقاً قد تكون إسرائيل مستعدة لاستغلالها. وتتضمن الصفقة انسحاباً عسكرياً إسرائيلياً من أجزاء من جنوب سوريا، وخفض مستوى التواصل المباشر مع الأقليات العرقية والدينية، وتسوية مع تركيا، وإعطاء واشنطن الضوء الأخضر لاستعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة، كل ذلك مقابل استقبال سوريا لمئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين من غزة.

ليست هذه المرة الأولى التي تستقبل فيها سوريا أعداداً كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين. وتزعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أنها تدعم 438 ألف فلسطيني في سوريا اليوم. وتعيش الغالبية العظمى منهم في فقر، مع أن معظمهم، على الأقل قبل الحرب الأهلية السورية، كانوا يعيشون ظروفاً أفضل من نظرائهم في أجزاء أخرى كثيرة من المنطقة. ومع ذلك، يُنظر إلى احتمال التوصل إلى اتفاق إسرائيلي سوري بشأن غزة بقلق بالغ في الخليج. ففي زيارتي الأخيرة لدول الخليج العربي أواخر أبريل، أعرب عديد من أصدقائي عن مخاوفهم من مثل هذا الاتفاق.

لا تزال سوريا بلداً مزقته الحرب، مع قلة أماكن إيواء اللاجئين، خاصة مع توقف الحكومات الأوروبية عن قبول طلبات اللجوء للسوريين، وتزايد الضغوط على الكثير منهم للعودة إلى ديارهم. وسيتعرض الشركاء الإقليميون الذين أعلنوا دعمهم المالي والدبلوماسي للحكومة الانتقالية في دمشق، مثل المملكة العربية السعودية، لضغوط شعبية حادة للتنديد بهذه الخطوة والحكومة السورية معها. كما سيؤدي ذلك إلى تأجيج التوترات بين المجتمعات السورية التي تعاني أصلاً من شح الموارد والحصول على دور في الحكومة الجديدة. والشيء الوحيد الذي قد يسهم في الحد من احتمالية نشوب صراع هو الدعم التركي القوي، من خلال المساعدات المالية والرسائل الإعلامية الإيجابية.

ويبقى السؤال هو ما إذا كان البيت الأبيض يدرك أن نقل أعداد كبيرة من السكان الفلسطينيين قد يسبب حالة من عدم الاستقرار في أماكن أخرى، وأن واشنطن قد تضطر إلى التدخل لمنع أو تخفيف آثار الصراع الإقليمي. ويأمل كبار المسؤولين الأمريكيين على الأرجح أن يتمكن الإسرائيليون والأتراك من تسوية خلافاتهم والتوصل إلى تسوية تُمكّن أمريكا من النأي بنفسها عن المشاكل المحدقة في سوريا.

مع ذلك، قد لا يكون أيٌّ من هذين الطرفين مستعداً للتعامل مع أسوأ سيناريو محتمل، وهو تجدد الحرب الأهلية السورية. وإذا ربط ترامب السياسة الأمريكية بركب الطموحات الإسرائيلية في الشرق الأوسط، فقد يضحي بالعملية والبراغماتية من أجل رؤية مفرطة التفاؤل لنظام إقليمي جديد.

المصدر: ناشيونال إنترست

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

*المصدر: ار تي عربي | arabic.rt.com
اخبار فلسطين على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com