نيويورك تايمز: الحرب في غزة "تزلزل" المزاج الشعبي الأميركي وتُغيّر مواقف الناخبين
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
مستشفى شهداء الأقصى : الوقود سينفد خلال ساعات ومئات المرضى مهددون بالموتقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن الفوز المفاجئ الذي حققه زهران ممداني في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لمنصب عمدة نيويورك الشهر الماضي يشير إلى تحوّل عميق في المزاج السياسي داخل الولايات المتحدة، خاصة في أوساط الحزب الديمقراطي، تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
وبحسب الصحيفة يرى محللون أن هذا التحول لم يَعُد مقصورًا على نشطاء القاعدة التقدمية أو الشباب، بل امتد ليشمل قطاعات أوسع من الديمقراطيين، بمن فيهم كبار السن، ما يفرض تحديًا كبيرًا على نخب الحزب التي طالما تمسكت بمواقف داعمة لإسرائيل دون تحفظ.
وفي مقال تحليلي نشرته نيويورك تايمز، قارن الكاتب الأميركي بيتر بينارت فوز ممداني، وهو شاب تقدمي معروف بدعمه الصريح لحقوق الفلسطينيين، بفوز ديف برات المفاجئ في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري عام 2014، حين أطاح برات بزعيم الأغلبية في مجلس النواب إريك كانتور رغم قلة موارده المالية.
ويرى بينارت أن كلا الرجلين استفاد من الفجوة العميقة بين قواعد حزبيهما وقياداتهما، لكن قضية إسرائيل أصبحت اليوم عاملًا أساسيًا يكشف هذا الانقسام داخل الحزب الديمقراطي.
حتى عام 2013، أظهرت استطلاعات الرأي أن الديمقراطيين كانوا يميلون لدعم إسرائيل على حساب الفلسطينيين بفارق 36 نقطة مئوية.
لكن الأحداث المتلاحقة، بدءًا من سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية المتشددة، مرورًا بصعود شخصيات متطرفة مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وصولًا إلى الحرب الدامية والحصار على غزة، قلبت هذه الموازين رأسًا على عقب.
فقد أظهر استطلاع أجرته مؤسسة غالوب في فبراير الماضي أن الديمقراطيين باتوا يتعاطفون مع الفلسطينيين على حساب (إسرائيل) بفارق 38 نقطة مئوية.
وفي استطلاع مشترك أجرته الإيكونوميست ومؤسسة يوغوف، قال 46% من الديمقراطيين إنهم يريدون خفض المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، بينما لم تتجاوز نسبة من يطالبون بزيادتها 6%.
المثير للاهتمام أن هذا التحول لا يقتصر على الأجيال الشابة. بين عامي 2022 و2025، ارتفعت نسبة الديمقراطيين فوق سن الخمسين الذين باتت لديهم نظرة سلبية تجاه (إسرائيل) بنحو 23 نقطة مئوية، وفقًا لمركز بيو للأبحاث.
وهو ما يشير إلى تراجع واضح في الحاضنة التقليدية الداعمة لإسرائيل داخل الحزب، ويعني أيضًا أن القضية الفلسطينية لم تعد مسألة هامشية أو محصورة بنشطاء يساريين، بل أصبحت شأنًا سياسيًا رئيسيًا يُحدد مواقف الناخبين تجاه مرشحيهم.
أحد أسباب نجاح ممداني، وفق بينارت، هو دمج قضيته الفلسطينية في سياق أوسع يرتبط بقيم العدالة الاجتماعية ومناهضة التمييز. ففي تصريح سابق له، قال ممداني: «هذه سياسة تتسم بالثبات، وهي سياسة ترفض التردد أو المساومة، بغض النظر عمّن تنطبق عليه. كل إنسان يستحق حياة كريمة».
هذا الموقف جعله يتفوق على منافسه أندرو كومو، رغم تركيز كومو على مهاجمة ممداني بوصفه قليل الخبرة ومتساهلًا مع الجريمة، وأيضًا بسبب محاولاته تشويه موقف ممداني المؤيد لحقوق الفلسطينيين.
إلا أن النتائج أظهرت أن هذه الهجمات لم تعد فعالة في سياق سياسي يتغيّر بسرعة لصالح دعم الفلسطينيين ورفض السياسات الإسرائيلية القمعية.
تشير استطلاعات مثل تلك التي أجرتها وكالة رويترز إلى أن 62% من الديمقراطيين يريدون قيادات جديدة لحزبهم، لا فقط بسبب الفشل في هزيمة دونالد ترامب، بل أيضًا بسبب «الجبن» الذي يرونه في مواقف الحزب التقليدية تجاه إسرائيل، والتي يعتبرونها مناقضة لقيم المساواة والعدالة التي يُفترض أن الحزب يجسّدها.
يحذر بينارت من أن تجاهل هذا التحوّل قد يكون خطأً قاتلًا لأي مرشح ديمقراطي يطمح إلى الفوز في 2028، تمامًا كما تجاهل جيب بوش تحوّلات قاعدته الجمهورية في سباق 2016.
ويخلص إلى أن فوز ممداني ليس مجرد حادث سياسي عابر، بل مؤشر قوي على توجه سياسي جديد يُعيد وضع فلسطين في قلب الخطاب الديمقراطي الأميركي، ويمنح الفلسطينيين أفقًا جديدًا من التعاطف والدعم الشعبي قد يغيّر شكل السياسات الأميركية تجاه الصراع في الشرق الأوسط.
وفي ظل ما تشهده غزة والضفة الغربية من مآسٍ، يحمل هذا التحول بارقة أمل للفلسطينيين، بأن قضيتهم لم تعد معزولة أو محرّمة على النقاش داخل أروقة السياسة الأميركية، بل أضحت معيارًا لاختبار التزام الساسة الأميركيين بالمبادئ التي يرفعونها.