كالجبال الشامخات.. "أسطول الصمود" يدخل لحظات فارقة مع اقترابه من غزة
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
لم يخسر الرهان.. الذهب يسجل مستوى قياسي جديد مع مكاسب شهرية وفصلية ضخمةعلى سطح بحرٍ لا يهدأ، تتقدم عشرات السفن البيضاء بخطى بطيئة لكنها واثقة، تحمل على متنها وجوهًا من شتى بقاع العالم، وقلوبًا مشدودة نحو غزة، لا يبدو أن الموج وحده ما يواجهونه، بل حصار ممتد منذ أكثر من 18 عامًا، وجيشًا يستعدّ لاعتراضهم في أي لحظة.
الساعة تقترب من العدّ التنازلي، “أسطول الصمود العالمي” أصبح الآن على بعد مئات الأميال من شواطئ غزة.. المشاركون، وبينهم نشطاء حقوقيون وبرلمانيون وأطباء، يصفون رحلتهم بأنها معركة أخلاقية أكثر منها بحرية.
“نحن لا نحمل سوى الطحين والدواء، لكننا نحمل قبل ذلك رسالة: غزة ليست وحدها”، يقول أحد منظمي الرحلة عبر بث مباشر من على ظهر السفينة.
في المقابل، تتحرك (إسرائيل) بسرعة.. وحدات الكوماندوز البحري تجري تدريبات تحاكي السيطرة على السفن، والمستشفيات في الجنوب تُرفع جاهزيتها، فيما تُطرح بدائل “آمنة” عبر ميناء عسقلان أو قبرص، لكنها قوبلت بالرفض القاطع من طاقم الأسطول، فالمطلوب ليس مجرد إيصال شحنات، بل كسر حصار وفتح نافذة أمل.
من بعيد، تظهر بوادر دعم أوروبي، إيطاليا أرسلت سفينة حربية رمزية، وإسبانيا أعلنت مرافقة لوجستية، في رسالة تضامن أكثر من كونها حماية. لكن المشاركين يدركون أن أي مرافقة دولية لن تكون كافية إذا قررت البحرية الإسرائيلية الاعتراض بالقوة.
الذاكرة تعود سريعًا إلى هجوم مماثل قبل سنوات، حين اعتُرضت سفن الحرية وسقط قتلى وجرحى. واليوم، يتكرر المشهد مع اختلاف اللاعبين، لكن القصة تبقى ذاتها: مدنيون يواجهون بحرًا مغلقًا بسلاسل عسكرية.
في غزة، تتسارع الأنفاس. بين من ينتظر على شاطئ البحر بترقّب، ومن يرفع هاتفه لتوثيق أي لحظة وصول، يختلط الأمل بالخوف. “قد لا نرى السفن تدخل، لكن يكفينا أن العالم ينظر إلينا من جديد”، يهمس شاب من خان يونس بينما يتابع الأخبار.
الحصار البحري المفروض على غزة ليس وليد اللحظة. فمنذ عام 2007، تُحكم "إسرائيل" السيطرة على الممرات البرية والجوية والبحرية، مانعة أي سفينة من الوصول المباشر إلى موانئ القطاع. الأمم المتحدة وصفت هذا الواقع مرارًا بأنه عقاب جماعي يتعارض مع القانون الدولي، لكن شيئًا لم يتغير على الأرض.
ذاكرة الفلسطينيين والعالم ما زالت تحتفظ بواقعة أسطول الحرية عام 2010، حين اقتحمت قوات إسرائيلية السفينة التركية “مافي مرمرة” وأطلقت النار على ناشطين، ما أدى إلى مقتل عشرة أشخاص وإثارة موجة غضب عالمي.
ورغم تكرار محاولات لاحقة لكسر الحصار، فإن معظمها انتهى بمصادرة السفن واقتيادها إلى ميناء أشدود.
اليوم، يأتي “أسطول الصمود” بحجم غير مسبوق منذ عقد، إذ يضم نحو خمسٍ وأربعين سفينة مدنية من أكثر من ثلاثين دولة. وبينما يرى البعض أن حجم المساعدات التي تحملها لا يكفي لسد رمق مليونَي محاصر في غزة، يؤكد المنظمون أن القيمة الحقيقية تكمن في الرمزية: تحويل الحصار إلى قضية رأي عام عالمي، ووضع "إسرائيل" أمام اختبار جديد في تعاملها مع المدنيين.
في المقابل، حذّرت عواصم غربية مواطنيها من المشاركة في الرحلة، معتبرة إياها مغامرة خطرة. ومع ذلك، ظلّت أصوات حقوقية ودبلوماسية تطالب "إسرائيل" بتجنب القوة والسماح بمرور السفن، مشددة على أن أي هجوم جديد سيُعيد إلى الأذهان صور الدماء التي سالت على مياه المتوسط قبل خمسة عشر عامًا.