باراك يُكذّب نتنياهو: إسرائيل لم تُدمِّر البرنامج النوويّ الإيرانيّ ولم تقضِ على تهديد الصواريخ..
klyoum.com
بعد أنْ ذاب الثلج وبان المرج، يُواصِل المحللون العسكريون في إسرائيل التشكيك بالرواية الرسميّة الأمريكيّة والإسرائيليّة حول نجاح الهجوم المُشترك ضدّ إيران، واليوم الاثنين كتب الإعلاميّ الإسرائيليّ البارز رافيف دروكر في (هآرتس) العبريّة إنّه لا يُمكِن تسمية الحرب ضدّ إيران انتصارًا لأنّها لم تُحقِّق أيًّا من أهدافها، وجبت أثمانًا باهظةً، على حدّ تعبيره، وهي تدمير النوويّ الإيرانيّ والقضاء على القدرة الصاروخيّة للجمهوريّة الإسلاميّة، وإسقاط النظام الحاكم، علمًا أنّ صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكيّة كانت قد قالت إنّ نتائج الاستخبارات الأمريكيّة بشأن مخزون اليورانيوم المخصب المتبقي لدى إيران بعد الهجمات الأمريكيّة والإسرائيليّة على منشآتها النووية تناقض تصريحات إدارة واشنطن بهذا الخصوص.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في إدارة واشنطن ومصادر مطلعة (لم تسمّهم) قولهم إنّ المعلومات الاستخباراتيّة التي جُمعت حتى الآن بشأن المخزون لا تتطابق مع تصريحات الإدارة الأمريكية بشأن هذا الموضوع.
وأشاروا إلى أنّ الأقسام التي يُعتقد أنّها تحتوي على مخزون اليورانيوم في منشأة نطنز النووية التي استهدفتها الولايات المتحدة “تضررت” لكنها “لم تُدمَّر”، خلافًا للتصريحات الرسمية.
إلى ذلك، كذّب رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود باراك، اليوم الأحد، الرواية الرسمية في تل أبيب والتي تحدثت عن تدمير البرنامج النووي الإيراني وتهديد الصواريخ البالستية في طهران.
وأشار باراك، الذي تولى منصب وزير الأمن ورئيس أركان الجيش الإسرائيليّ أيضًا، في مقال نشرته صحيفة (هآرتس) العبرية، إلى أنّ “إسرائيل لم تدمر البرنامج النوويّ الإيرانيّ ولم تقضِ على تهديد الصواريخ الإيرانية”، مضيفًا في الوقت عينه أنّه “في الحرب على إيران أرجأنا تقدم البرنامج النوويّ لأشهرٍ معدودةٍ، وذلك بفضل التدخل الأمريكيّ أيضًا”، طبقًا لأقواله.
وتابع قائلاً: “إذا لم يحدث تقدمًا بواسطة المفاوضات، فإننا قد نُزج في حرب استنزافٍ مع إيران”، متوقعًا أنْ “تدعم الولايات المتحدة إسرائيل بواسطة الذخيرة والدفاع أمام الصواريخ الإيرانيّة، لكن ليس من خلال التدخل الهجوميّ”، على حدّ تعبيره.
وتتناقض تأكيدات باراك مع مزاعم رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، واللذان أعلنا عن تدمير البرنامج النوويّ الإيرانيّ وأنّ ترميمه سيستغرق سنوات، على ما صرحا به في مؤتمراتٍ صحافيّةٍ بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار بين دولة الاحتلال والجمهوريّة الإسلاميّة في إيران.
علاوةً على ما ذُكِر آنفًا، لفت باراك إلى أنّ إيران تمتلك ما يزيد على 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب، والذي يكفي لتسليح عشرة رؤوس حربية نوويّة، مُشدّدًا في ذات الوقت على أنّ “هناك أجهزة طرد مركزيّ لم تتضرر وخبرة وعدد كافٍ من العلماء وكذلك مواقع لا نعلم عن وجودها”.
وأردف قائلاً: “نحن أقوياء جدًا، لكنّنا لسنا قادرين على كلّ شيءٍ، ويجب أنْ نتحلى بالتواضع والاستعداد للحروب القادمة”، مستبعدًا أن تقود المفاوضات بين واشنطن وطهران إلى اتفاقٍ نوويٍّ، يفرض قيودًا أشد من الاتفاق النوويّ السابق.
وذكر أنّ “هذا سيكون صعبًا، خاصّةً في أعقاب الخطأ الكبير من جانب دونالد ترامب، والذي انسحب من الاتفاق عام 2018، بتشجيعٍ من نتنياهو”، مبيّنًا أنّ “إيران كانت على بعد 18 شهرًا من مكانة دولة عتبة نوويّ، وبالفعل أصبحت كذلك ولا تزال بالرغم من الضربات الشديدة”.
باراك رجح إمكانية حصول إيران على منصات إطلاق وصواريخ من كوريا الشمالية أوْ باكستان، مشدّدًا على أنّ “هذا تحدٍ ليس بسيطًا لصواريخنا الاعتراضية، وكعبرةٍ من هذه الأيام، فقد تسرع إيران أيضًا تطوير البرنامج النوويّ، وربّما تحت غطاء مفاوضاتٍ بطيئةٍ”.
ونوه إلى أنّ “إسرائيل تفتقر لقيادةٍ تُدرك أنّه لا يوجد إنجاز عسكريّ سيدوم دون دعمٍ سياسيٍّ، وكان مفيدًا لو أنّه قبل أشهر طويلة، والآن خصوصًا، وبالاستناد إلى الإنجازات في إيران، تمّ إنهاء الحرب في غزة وإعادة جميع الأسرى، عبر استبدال حماس بهيئةٍ شرعيّةٍ وبضلوعٍ أمريكيٍّ ومصريٍّ وإماراتيٍّ وسعوديٍّ”.
ودعا في الختام إلى “انضمام إسرائيل إلى ما أسماه “النظام الإقليميّ الجديد الذي يطرحه ترامب، بضمن ذلك تطبيع علاقاتٍ مع السعودية وتوسيع اتفاقيات أبراهام”.
أمّا صحيفة (هآرتس)، فقد أقرت بأنّ البرنامج النووي الإيراني ما يزال قائمًا، وقالت إنّ: “إيران ما تزال تملك المعرفة التقنية لتخصيب اليورانيوم، ما يعني أنّ نافذة وقف هذا البرنامج أُغلقت”. وأضافت أنّه: “لا توجد شخصيات يمكن استهدافها لوقف التخصيب”، مشيرة إلى أنّ طهران ربما تمتلك المعدات اللازمة سرًّا.
وعلى صعيد القوّة الصاروخيّة، فقد وُجّهت انتقادات لاذعة داخل كيان الاحتلال تجاه الأداء السياسيّ والعسكريّ. وسائل إعلام عبريّة سخرت من وعود رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إذ علّقت بالقول: “عندما نخرج من الملاجئ، ونشهد الدمار الذي سببته الصواريخ الإيرانية، نُدرك أنّ وعود نتنياهو بتدمير قدرات إيران الصاروخية كانت مجرد شعارات فارغة”.
وأكّدت التحليلات أنّ الهجوم الإسرائيليّ لم ينجح في كبح جماح البرنامج النووي أوْ تدمير الترسانة الصاروخية الإيرانية، ما يُشير إلى محدودية فعالية العدوان، مقابل استمرار إيران في فرض معادلات ردعٍ جديدةٍ على مستوى الإقليم.