اخبار فلسطين

وكالة شهاب للأنباء

سياسة

مجدي جاد الله.. لم يكن له من الدنيا سوى عائلته فخسرهم دفعة واحدة

مجدي جاد الله.. لم يكن له من الدنيا سوى عائلته فخسرهم دفعة واحدة

klyoum.com

تقرير – شهاب

في زقاق ضيّق محاط بجدرانٍ المستشفى التي قشرتها الحرب، وقف مجدي جاد الله متجمّدًا أمام أكفان بيضاء، لم تكن أكفان غرباء، بل احتوت زوجته وأطفاله الثلاثة، فقدهم دفعة واحدة في قصفٍ إسرائيلي استهدف منزلهم الكائن في خان يونس، جنوب قطاع غزة.

مجدي الذي يعاني منذ ولادته من اضطراب وراثي نادر يعرف بـ “Severe Skeletal Dysplasia” – غالباً من نوع SED – مما أدى إلى تشوهات شديدة في عموده الفقري، وأطرافه، ومفاصله، حياته كلها كانت تحديًا مستمرًا ضد الألم والعجز، ونظرات الشفقة، ومع ذلك لم يتوقف عن الحلم وعن الحب وتكوين عائلة.

في قطاع غزة المحاصر، لم يكن المرض كافيًا ليطفئ شموع مجدي، فجاء الاحتلال ليكمل القصة ليتركه وحيدًا، منهكًا، بجسدٍ مُثقلٍ بالألم وقلبٍ فارغ إلا من الذكرى، حيث قال بصوتٍ مبحوح، بينما عيناه معلّقتان على الكفن "فقدتُ زوجتي سَندي، وكل أنسي في الدنيا، وأطفالي ثلاثتهم، كانوا يحيونني من الداخل، واليوم، رحلوا جميعًا".

عاش مجدي طوال حياته في فقر مدقع، بالكاد يملك قوت يومه، لم يتلقَّ علاجًا متخصصًا، ولم يحصل على الأجهزة الطبية التي تساعد مرضى تشوهات العظام على الحركة أو الاستقرار، ومع الحرب المستمرة كان المرض أهون الشرّين.

مجدي جاد الله لم يكن مجرد حالة طبية نادرة، بل قصة إنسانية تجسّد وجع الإنسان الفلسطيني الذي يُصارع المرض، الفقر، وفوقهم جميعًا الاحتلال، واليوم يعيش مجدي وحيدًا، لا سند، لا صوت، لا حُضن دافئ، يقف شامخًا رغم قسوة الحياة يحمل جسده المعوج وكأنه

ويرى مراقبون، أن هذه الجريمة ليست مجرد حدث عابر في نشرة أخبار، بل وصمة على جبين الإنسانية، ودليل إضافي على أن الجسد الفلسطيني، وإن كان هشًّا في العظم، إلا أنه لا يزال صلبًا في الكرامة.

رمزًا للوجع الفلسطيني

يقول مجدي بصوت مخنوق: "كنت قاعد مع أولادي بلعب معهم قبل ساعة من القصف.. فجأة كل شيء اختفى، البيت، الضحكة، حياتي كلها راحت بضربة وحدة".

وأضاف الرجل المكلوم بحسرة، كنت في صلاة العشاء لحظة القصف الإسرائيلي، عندما فوجئت بصراخ شقيقتي تقول إن القصف طال أطفالي وزوجتي.

وتابع الأب المكلوم، القصف أدى إلى استشهاد زوجتي وأطفالي الثلاثة، وأنا الآن أصبحت وحيدًا بعدهم، مؤكدًا على أن الاحتلال حرمه من حياته بإعدام أطفاله الثلاثة الذين لم يتجاوز عمر أكبرهم 5 سنوات، وكل ذنبهم أنهم ولدوا في قطاع غزة.

وأردف والدموع في عينيه، "انقلبت حياتي رأسًا على عقب وفقدت جميع أحبائي، وخصوصا زوجتي التي كانت أكبر معين لي في حياتي".

وتابع: "زوجتي كانت كل حياتي، هي اللي كانت بتساعدني أتحرك، تلبّس الأولاد، تهديهم، تضحكهم.. اليوم فقدتهم كلهم، وأنا حي، بس ميت من جوّا".

ويقول: "أنا مش أول واحد ينفجع، بس بترجاكم ما تنسوا وجوه أولادي.. كانوا أطفال، ما كان لهم ذنب، كانوا بس بدهم يعيشوا".

جريمة تهز الضمير الإنساني

مواقع التواصل الاجتماعي ضجت بصورة المأساة الفلسطينية ومشهد مؤلم لا يفارق الذاكرة، حيث يقف رجل نحيل، مكسور الجسد، بصمتٍ موجع أمام جثامين زوجته وأطفاله الثلاثة، الذين قضوا جميعًا تحت ركام منزلهم إثر قصفٍ إسرائيلي استهدفهم دون سابق إنذار.

وقال الكاتب علي أبو رزق، إن "الجريمة التي ارتُكبت بحق هذا الرجل وزوجته وأبنائه الثلاثة كان من الأصل أن تهزّ العالم وتوقفه على قدم واحدة. انظروا إلى حاله، إلى ضعفه، إلى ساعديه وساقيه كيف التهمهم الجوع والقهر والعوز".

وتساءل أبو رزق، أن "من الذي استرخص الدم الفلسطيني إلى هذا الحد، ومتى وكيف ولماذا، لماذا هانت أرواح أطفالنا علينا أولا وعلى شعوبنا وجوارنا وأبناء أمتنا، لماذا…؟".

 

الناشط "تامر" كتب على منصة التواصل الاجتماعي (X)، قائلاً: هذا مجدي جاد الله، كان حلمه أن يكون له أسرة صغيرة.. تزوّج وأنجب ثلاثة أطفال. وكان يقول لأطفاله: "صرتم أطول مني يا أحبّائي".. واليوم قتلت "إسرائيل" أطفاله الثلاثة وزوجته، ودمّرت حلمه.

وكتبت الصحفية الفلسطينية روان الكتري، على منصة التواصل الاجتماعي (X)، تعليقًا على المأساة الكبيرة "هذا مجدي جادالله، يسعى لعروس يتمنى الزواج، يتزوج ينجب، يقف بجانبهم يوما بعد يوم وينظر إليهم ويقول (والله يا با صرتوا أطول مني) اليوم حول جثثهم وجثة والدتهم، بعد قصف خيمتهم ويبكي نداء الصمت، وحسرتنا كلنا!".

وقالت شبكة أصدقاء فلسطين، تعليقًا على نكبة مجدي: "في لحظة واحدة، خسر مجدي جاد الله، كل شيء. زوجته آسيا، أطفاله: يحيى، موسى، وإبراهيم… استشهدوا تحت ركام خيمتهم التي استهدفها الاحتلال الإسرائيلي. رجل من ذوي الاحتياجات الخاصة وعائلته هي سنده الوحيد، صار اليوم ألمه مضاعفا بفقدان عائلته ‼️".

*المصدر: وكالة شهاب للأنباء | shehabnews.com
اخبار فلسطين على مدار الساعة