إجراءات للانتقال من السلطة إلى دولة فلسطين
klyoum.com
من بين التدابير إعلان دستوري أو جمعية تأسيسية أو استفتاء شعبي
دفعت الحرب الإسرائيلية على غزة وما تلاها من سلسلة اعترافات عالمية بدولة فلسطين، "منظمة التحرير" إلى طرح إمكانية "الانتقال من السلطة الفلسطينية إلى دولة فلسطين تحت الاحتلال الإسرائيلي".
وقال مسؤول فلسطيني رفيع إن قضية الانتقال من "السلطة إلى الدولة" تخضع حالياً للنقاش، لكن لم يُتخذ قرار نهائي في شأن ذلك".
وأشار إلى أن تلك "الخطوة تحظى بإجماع وطني فلسطيني، لكنها تحتاج إلى تحصين بموقف فلسطيني جامع".
وبحسب نائب رئيس اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير" الفلسطينية حسين الشيخ، فإن الرئيس الفلسطيني محمود عباس "سيطرح الانتقال من السلطة الوطنية إلى تجسيد دولة فلسطين في ظل الاعترافات المتزايدة بدولة فلسطين خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل في نيويورك".
وأوضح أن تلك الخطوة "تستند إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 19/67 لعام 2012، الذي اعترف بدولة فلسطين دولة غير عضو".
وينهي قرار الانتقال من السلطة إلى الدولة عملياً العمل باتفاقية إعلان المبادئ "أوسلو" لعام 1993 وجميع الاتفاقات اللاحقة، التي تأسست بموجبها السلطة الفلسطينية بقرار من المجلس المركزي الفلسطيني.
ومع أن المجلس المركزي الفلسطيني اتخذ عام 2018 قراراً بالانتقال من السلطة الفلسطينية إلى الدولة، فإن ذلك القرار بقي حبراً على ورق وبانتظار تنفيذه من قبل الرئيس الفلسطيني.
حينها نص قرار المجلس المركزي على "الانتقال من مرحلة سلطة الحكم الذاتي إلى مرحلة الدولة، وبدء تجسيد سيادة دولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967".
وذلك يعني وفق القرار أن "الفترة الانتقالية التي نصت عليها الاتفاقات الموقعة في أوسلو والقاهرة وواشنطن لم تعد قائمة".
إلا أن تنفيذ ذلك يحتاج إلى سلسلة إجراءات دستورية يتحتم على الرئيس الفلسطيني اتخاذها، وليست مجرد إجراءات شكلية مثل تغيير الرموز وإلغاء اسم السلطة الفلسطينية من المعاملات والأوراق الرسمية.
ومن أبزر تلك الخطوات إصدار الرئيس الفلسطيني إعلاناً دستورياً للانتقال من السلطة الفلسطينية إلى الدولة أو اللجوء إلى استفتاء شعبي أو تأسيس جمعية تأسيسية تعلن تلك الخطوة.
وأشار عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني إلى أن تلك الخطوة "تعني انتهاء المرحلة الانتقالية بموجب الاتفاقات الثنائية بين إسرائيل ومنظمة التحرير، وتحديد العلاقة مع إسرائيل وفق آلية جديدة وإصدار إعلان دستوري يحدد طبيعة الدولة وحدودها وعلمها".
وأضاف مجدلاني لـ"اندبندنت عربية" أن أكثر من 120 دولة اعترفت بدولة فلسطين وفقاً لإعلان الاستقلال عام 1988 واستناداً إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181.
وأوضح أن منظمة التحرير الفلسطينية "تمتلك الأسس القانونية لإعلان تجسيد دولة فلسطين استناداً إلى قرار الجمعية العام للأمم المتحدة لعام 2012، الذي يمنح الولاية الجغرافية والقانونية والسياسية للمنظمة لإقامة دولة فلسطين على حدود 1967".
وعد المتخصص في القانون الدولي ووزير العدل الفلسطيني السابق محمد شلالدة أن التحول من السلطة إلى الدولة "استحقاق وطني فلسطيني قانوني انسجاماً مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2012".
وبحسب شلالدة فإن القرار "رفع المكانة القانونية لمنظمة التحرير إلى دولة غير عضو، إلا أن ذلك لم يتم تنفيذه على أرض الوقع بإجراءات عملية ولم يتم ترسيخ مفهوم دولة تحت الاحتلال".
ومع أن شلالدة أشار إلى أن السلطة الفلسطينية اتخذت قرارات شكلية بإعلان الدولة على السفارات والمؤسسات، إلا أن ذلك لم يترافق مع إجراءات دستورية تملأ الفراغ الدستوري.
ومن بين تلك الإجراءات وفق شلالدة إعلان دستوري أو جمعية تأسيسية أو استفتاء شعبي.
إلا أن شلالدة شدد على أن الإعلان الدستوري "هو الإجراء الأسهل والأكثر ترجيحاً، حيث سيتم بموجبه إقامة فترة انتقالية وإصدار 30 مادة قانونية لتسيير الأمور فيها ووضع دستور لدولة بدل النظام الأساس المعمول به حالياً".
وبحسب شلالدة، فإن ذلك "ينهي عملياً العمل باتفاقات أوسلو، وتصبح فلسطين دولة تحت الاحتلال وتتمتع بحقوق الدولة على المستوى العالمي، وعليها التزامات".
ويرى الباحث السياسي جمال زقوت أن الفلسطينيين وصلوا إلى "مرحلة لا يمكن للقيادة الفلسطينية التغاضي عنها، في ظل تكريس إسرائيل احتلالها قطاع غزة واتخاذها إجراءات صامتة لضم الضفة الغربية".
وأضاف أن ذلك "يضع السلطة الفلسطينية في مأزق لأن النأي بنفسها عما يجري في القطاع بات يشعل النيران تحت أقدامها".
ويأتي ذلك فيما تتعرض السلطة الفلسطينية إلى سلسلة عقوبات إسرائيلية لتقويضها وإضعافها، عبر رفضها تحويل أموال المقاصة الفلسطينية، وهو ما يسبب لها أزمة مالية غير مسبوقة، إضافة عقوبات أميركية تمنع منح المسؤولين الفلسطينيين تأشيرات دخول لأميركا.
ووفق زقوت ذلك "يحتم على منظمة التحرير التفكير باتخاذ "خيارات سياسية ضرورية، لكن ذلك يحتاج إلى توافق فلسطيني لأنها تمس حياة الفلسطينيين جميعاً".
ومن أجل ذلك، يتحتم على الرئيس عباس بحسب زقوت "التوقف عن إجراء انتخابات المجلس الوطني، لأنها مجرد إجراء لإعادة تشكيله وفق الولاءات السياسية وإقصاء المعارضين".
وطالب زقوت الرئيس الفلسطيني بتشكيل "حكومة توافق وطني تعطي الأمل للفلسطينيين بأن الخطوات السياسية المرتقبة ليست مجرد خطوات في الهواء".
وأوضح أن الانتقال من السلطة إلى الدولة "يأتي تكريساً لمواقف دولية تمنح الفلسطينيين حق تقرير مصيرهم، وأن ذلك ليس مرتبطاً بالفيتو الإسرائيلي، وأن تكون الدولة نتاج مفاوضات".
وبحسب زقوت، فإن تلك الخطوة "تحسم قرار الشعب الفلسطيني بأن أي مفاوضات مع إسرائيل ستكون لوضع جدول زمني للانسحاب من أراضي دولة فلسطين، وتحديد طبيعة العلاقات بين هذه الدولة ودول الجوار بما فيها إسرائيل".