اخبار فلسطين

وكالة شهاب للأنباء

سياسة

"خراب الهيكل".. ذريعة لاقتحام المسجد الأقصى الأكبر والأخطر في تاريخه

"خراب الهيكل".. ذريعة لاقتحام المسجد الأقصى الأكبر والأخطر في تاريخه

klyoum.com

تقرير – شهاب

شهد المسجد الأقصى المبارك صباح الأحد اقتحامًا واسعًا نفذه آلاف المستوطنين الإسرائيليين تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال، وذلك تزامنًا مع ما يُعرف في التقويم العبري بـ"ذكرى خراب الهيكل"، في خطوة مستفزة وضمن العدوان الديني والسياسي الخطير على الحرم القدسي.

وتقدّم وزير الأمن القومي بحكومة الاحتلال المتطرف "إيتمار بن غفير" مجموعات المستوطنين المقتحمين، وأدى طقوسًا تلمودية في ساحة باب المغاربة، وسط تنديد واسع من الأوقاف الإسلامية في القدس وتحذيرات من "تفجير الوضع" في المدينة.

وبحسب شهود عيان، فإن نحو 3000 مستوطن إسرائيلي اقتحموا باحات المسجد الأقصى المبارك، منذ ساعات الصباح الأولى على شكل مجموعات متتالية، برفقة حراسات إسرائيلية مشددة، وشارك العديد منهم في أداء طقوس دينية وقراءات توراتية علنية في باحات المسجد، في انتهاك صارخ للوضع التاريخي والقانوني القائم في الحرم القدسي الشريف.

ويأتي هذا الاقتحام في إطار ما تسميه الجماعات الاستيطانية بـ"ذكرى خراب الهيكل"، والتي تشهد سنويًا تصعيدًا في محاولات اقتحام المسجد الأقصى المبارك، وسط تضييقات على دخول المصلين الفلسطينيين ومنع العديد منهم من الوصول إلى المسجد.

ويترافق هذا التصعيد مع بيئة تحريضية غير مسبوقة، إذ يحلّ الحدث بعد أسابيع فقط من إصدار "بن غفير" تعليماته لضباط شرطة الاحتلال بالسماح للمستوطنين بالرقص والغناء داخل المسجد الأقصى، في خطوة تمهد لفرض وقائع جديدة بالقوة، خصوصًا بعد تصريحه العلني خلال اقتحامه للمسجد في أيار الماضي أن "الصلاة والسجود أصبحت ممكنة في جبل الهيكل"، في مخالفة واضحة وخطيرة للوضع القائم.

ويحذر مراقبون من أن هذه الاقتحامات المتكررة تأتي ضمن مخطط لفرض تقسيم زماني ومكاني للمسجد الأقصى، في ظل صمت دولي متواصل وتجاهل لتحذيرات الجهات الإسلامية والفلسطينية.

وبحسب مراقبون، فإن اقتحام بن غفير للأقصى اليوم يشكّل خطوة خطيرة في سياق محاولات فرض وقائع جديدة على الأرض داخل المسجد الأقصى، ويمثل تحديًا صارخًا للوصاية الإسلامية الأردنية، والقانون الدولي، ويُنذر بانفجار جديد في مدينة القدس وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 

بداية لتنفيذ التقسيم المكاني

مستشار محافظ القدس، معروف الرفاعي، قال إن الاقتحام غير المسبوق الذي نفّذه وزير "الأمن القومي الإسرائيلي" إيتمار بن غفير، اليوم الأحد، بمشاركة أكثر من 3000 مستوطن، يشكّل بداية خطيرة لتنفيذ مشروع التقسيم المكاني للمسجد الأقصى المبارك، ويمثّل عدواناً منظماً على حرمة الحرم القدسي الشريف، تحت حماية مشددة من قوات الاحتلال.

وأوضح الرفاعي في حديثه لوكالة "شهاب" للأنباء أن المستوطنين أدّوا طقوساً تلمودية علنية داخل باحات الأقصى، ورددوا هتافات دينية وتحريضية، في مشهد يستهدف فرض واقع ديني جديد بالقوة، مضيفاً أن الاحتلال قيّد دخول المصلين الفلسطينيين واعتدى على حراس المسجد والصحفيين، ما يكرّس سياسات التهويد بشكل سافر.

واعتبر الرفاعي أن الاقتحام بقيادة بن غفير وعدد من الوزراء وأعضاء "الكنيست" اليمينيين، يُعد تصعيداً غير مسبوق، ويكشف بوضوح سعي حكومة الاحتلال لفرض التقسيم الزماني والمكاني داخل المسجد الأقصى وتحويله إلى أمر واقع، في تحدٍّ صارخ للوضع التاريخي والقانوني القائم، وللقانون الدولي.

وأكد أن العدوان تزامن مع ذكرى ما يسمى بـ"تِشَع بـآف" (خراب الهيكل)، في محاولة لاستغلال الرمزية الدينية لهذه المناسبة لدعم المطامع التهويدية، محمّلاً حكومة الاحتلال كامل المسؤولية عن تداعيات هذا الاعتداء السافر، محذّراً من انفجار موجة توتر ديني وسياسي قد تمتد إلى خارج القدس وتهدد أمن المنطقة بأكملها.

وشدّد الرفاعي على أن المسجد الأقصى، بكامل مساحته البالغة 144 دونماً، هو مكان عبادة خالص للمسلمين، بموجب قرارات "اليونسكو" ومجلس الأمن الدولي، وأن أي اقتحام أو طقوس دينية يهودية داخله تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، واعتداءً مباشراً على ولاية وزارة الأوقاف الأردنية صاحبة الوصاية الهاشمية على المقدسات.

وفي دعوته إلى تحرك فوري، طالب الرفاعي الأمم المتحدة ومجلس الأمن بتحمّل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، واتخاذ إجراءات عاجلة لوقف هذه الانتهاكات وتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني ومقدساته الإسلامية.

كما ناشد الحكومة الأردنية، بصفتها صاحبة الوصاية، للتحرّك السياسي والقانوني الفوري لحماية المسجد الأقصى من التهويد والانتهاك، داعياً في الوقت ذاته منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية إلى تفعيل قراراتهما السابقة ومحاسبة الاحتلال على جرائمه المتكررة بحق الأقصى.

ودعا الرفاعي جماهير الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجودهم إلى رصّ الصفوف وتعزيز الرباط السلمي في المسجد الأقصى، مشدداً على أن إرادة الشعب الفلسطيني ستفشل كل محاولات الاحتلال لفرض واقع جديد في الحرم القدسي.

كما دعا وسائل الإعلام الحرة بالاستمرار في كشف هذه الانتهاكات للرأي العام العالمي، ومواجهة سياسات القمع والتطرف "الإسرائيلي".

الاقتحام الأكبر في تاريخ الأقصى

ومن جانبه، كشف الباحث المختص في شؤون القدس، زياد ابحيص، عن استعدادات غير مسبوقة تجريها "اتحاد منظمات الهيكل" لتنفيذ ما وصفه بـ"أكبر اقتحام عددي في تاريخ المسجد الأقصى"، في ذكرى ما يسمّى "خراب الهيكل"، وهي المناسبة التي تسعى من خلالها تلك المنظمات سنويًا لتحطيم أرقام الاقتحامات السابقة.

وأوضح ابحيص في تعقيب أرسله لوكالة "شهاب" للأنباء، أن منظمات الهيكل دأبت منذ سنوات على استغلال هذه المناسبة لتكريس واقع جديد في المسجد الأقصى من خلال أعداد قياسية من المقتحمين، مشيرًا إلى أن عددهم بلغ 2,200 في عامي 2022 و2023، وقفز إلى نحو 3,000 في عام 2024 في ظل الحرب الأخيرة، ما جعله الاقتحام الأكبر في تاريخ الأقصى.

ولفت ابحيص إلى أن الإعلان الرسمي لهذا العام تضمّن تمديد فترة الاقتحام لتشمل ساعة ونصف إضافية بعد صلاة الظهر (من 1:30 حتى 3:00 مساءً)، ليصبح مجموع ساعات الاقتحام اليومية 6 ساعات، وهو تطور خطير لم يسبق فرضه في الأقصى قبل عام 2008.

كما أشار إلى أن اتحاد منظمات الهيكل واجه تحديًا دينياً متعلقاً بصيام السبت لدى المتدينين اليهود، لكنه سعى لتذليله بنقل فتوى دينية من الحاخامين "إسرائيل أريئيل" و"يتسحاق كرويزر"، تجيز أداء طقوس التطهر ليل السبت أو صباح الأحد تمهيداً للاقتحام، في محاولة لتسهيل مشاركة أكبر عدد ممكن من المتطرفين.

فرض وقائع تهويدية خطيرة

وبدوره، حذر المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب من أن اليوم الأحد، شهد أخطر وأكبر اقتحام للمسجد الأقصى المبارك من قبل جماعات "الهيكل" المتطرفة، في ذكرى ما يسمى "خراب الهيكل"، وسط تصعيد غير مسبوق من قبل الاحتلال "الإسرائيلي".

وقال أبو دياب في حديثه لوكالة "شهاب" للأنباء، إن هذه الذكرى تُعد يومًا مركزيًا لجماعات "الهيكل"، التي تعتبر التاسع من آب العبري يوم حزن وصيام وحداد على هدم "الهيكل" المزعوم في فترتين تاريخيتين مختلفتين.

وأشار إلى أن الظروف الحالية، بما في ذلك العدوان "الإسرائيلي" المستمر على غزة وتراجع الاهتمام العربي والإسلامي، قد تُستغل لفرض وقائع تهويدية خطيرة في المسجد الأقصى، مؤكدًا أن الاحتلال يعتبر المسجد "جبهة عقائدية يجب حسمها" على غرار جبهات أخرى.

وأوضح أبو دياب أن حكومة الاحتلال، المدعومة من الأحزاب المتطرفة، تسعى لكسب دعم المستوطنين عبر تسهيل اقتحامات الأقصى ومحاولة تغيير الوضع القائم، معتبرًا أن ذلك يخدم أهدافًا سياسية وعقائدية ويحافظ على تماسك الائتلاف الحكومي.

وأضاف أن سلطات الاحتلال حوّلت القدس إلى ثكنة عسكرية، مع تشديد الإجراءات الأمنية، وإقامة حواجز ونقاط تفتيش، ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى البلدة القديمة والمسجد الأقصى، في وقت تُترك فيه المدينة ومقدساتها تواجه المصير وحدها.

ودعا أبو دياب إلى شدّ الرحال والتواجد المكثف في محيط المسجد الأقصى، قائلاً إن "الرباط والتواجد الشعبي هو صمام الأمان الأخير لعرقلة مخططات الاحتلال، ومنع فرض تقسيم زماني ومكاني للمسجد".

وأكد على أن الأيام القادمة قد تشهد تحولًا خطيرًا في مصير المسجد الأقصى، داعيًا إلى تحرك عاجل على كافة المستويات لوقف الانتهاكات.

*المصدر: وكالة شهاب للأنباء | shehabnews.com
اخبار فلسطين على مدار الساعة