ما أثر سيناريو إغلاق مضيق هرمز على سوق الطاقة؟
klyoum.com
أخر اخبار سلطنة عُمان:
النفط يغلق على ارتفاع طفيف وسط تصعيد الشرق الأوسطعمر محمود - الدوحة - الخليج أونلاين
رجل الأعمال أحمد بن غيث الكواري: سوق الطاقة في حالة تأهب.
الخبير الاقتصادي عامر الشوبكي: التصعيد في الخليج قد يدفع بأسعار النفط إلى 130 دولاراً.
المحلل المالي والاقتصادي أحمد عقل: توسع الحرب سيطلق موجة من ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً.
مع تصاعد الصراع العسكري بين إيران و"إسرائيل" تحولت الأنظار مباشرة إلى قطاع الطاقة، خاصة النفط والغاز، نظراً لأهمية المنطقة بصفتها مورداً رئيسياً للسوق العالمية.
ولم تقتصر مخاوف الأسواق العالمية على احتمال تراجع الإمدادات من إيران أو "إسرائيل" فحسب، بل امتدت إلى قلق أوسع يطال منطقة الخليج، لا سيما بشأن القدرة على مواصلة التصدير في ظل احتمالات اتساع التوترات وتأثيرها على أمن الملاحة في الخليج العربي، لا سيما أمام سيناريو احتمال إغلاق مضيق هرمز.
وبحسب بيانات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) تنتج إيران نحو 3.3 ملايين برميل نفط يومياً، وتصدر قرابة مليوني برميل من النفط الخام ومشتقاته، ما يجعلها من أبرز الأعضاء الفاعلين في المنظمة.
ويبلغ إنتاج أوبك يومياً قرابة 27 مليون برميل، وهو ما يعكس أهمية إنتاج إيران في السوق العالمية، لا سيما في ظل التوازن الدقيق بين العرض والطلب.
الغاز الطبيعي
على الجانب الآخر، سجلت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا ارتفاعاً بنحو 2.2% منذ بداية الأزمة، نتيجة المخاوف من تعطيل تدفقات الغاز في المنطقة، وزيادة الطلب الأوروبي على التخزين استعداداً لفصل الشتاء.
ورغم أن إيران ليست من المصدرين الرئيسيين للغاز إلى أوروبا، فإن موقعها الجغرافي وتأثير النزاع على أمن الملاحة الإقليمية يزيدان من حساسية السوق.
وكان من أبرز التطورات في سوق الغاز، الضربة التي شنتها "إسرائيل" يوم السبت (14 يونيو 2025) على منشأة في حقل "بارس" الجنوبي للغاز بمحافظة بوشهر الإيرانية.
هذا الحقل يعدّ الامتداد الإيراني لأضخم حقل غاز بحري مشترك في العالم، المعروف في الجانب القطري باسم "حقل الشمال"، ما أثار مخاوف بشأن إمدادات الغاز للأسواق العالمية في المستقبل.
سيناريوهات محتملة
رجل الأعمال أحمد بن غيث الكواري يرى أن سوق الطاقة العالمية تمر بحالة توتر حاد، لكنها لم تصل بعد إلى مرحلة الأزمة الشاملة، مؤكداً أن الوضع الحالي يعكس حالة تأهب جيوسياسي وليس انهياراً اقتصادياً.
وفي حديثه لـ "الخليج أونلاين"، يوضح الكواري أن هناك عوامل أساسية تتحكم في ارتفاع أسعار النفط، لا سيما تصاعد التوتر بين إيران و"إسرائيل"، لافتاً إلى أن التهديد لأمن الملاحة في مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو خمس تجارة النفط العالمية، يعد عاملاً محورياً في تحديد الأسعار.
ويعد مضيق هرمز الممر البحري الأهم لصادرات النفط عالمياً، حيث يمر يومياً عبره أكثر من 21 مليون برميل من النفط الخام (20% من إجمالي تجارة النفط العالمية)، ما يجعله شريان حياة رئيسياً لدول الخليج العربي.
وبحسب الكواري فإن "الضربات التي استهدفت البنية التحتية الإيرانية للطاقة، خاصة منشآت الغاز، زادت من القلق بشأن استقرار الإمدادات، وانسحاب بعض شركات الشحن والتأمين من المنطقة، رفع من تكاليف النقل".
وبالنسبة للسيناريوهات المحتملة في ظل تطور الأزمة، يؤكد الكواري وجود ثلاثة مسارات رئيسية:
السيناريو الأول: التهدئة السياسية عبر وساطات دولية، التي من شأنها تخفيف الضغوط وإعادة بعض الاستقرار للأسواق مع بقاء الحذر.
السيناريو الثاني: استمرار التصعيد بشكل محدود دون إغلاق مضيق هرمز، مما يؤدي إلى ارتفاع تدريجي في الأسعار وزيادة تقلبات السوق.
السيناريو الثالث والأخطر: تعطل الملاحة في مضيق هرمز كلياً أو جزئياً، وهو ما سيشكل صدمة فعلية تدفع الأسعار إلى مستويات تتجاوز 100 دولار للبرميل، مع حدوث عجز واضح في الإمدادات وارتباك في سلاسل النقل البحري على الصعيد العالمي.
أزمة ليست عابرة
الخبير الاقتصادي المتخصص في شؤون النفط والطاقة عامر الشوبكي يؤكد أن سوق الطاقة العالمية يعيش حالة من التذبذب الشديد، نتيجة تطورات الأحداث في الخليج، وتحديداً التصعيد بين إيران و"إسرائيل".
ويوضح الشوبكي، في حديثه لـ "الخليج أونلاين"، أن محرك الأسعار الرئيسي حالياً هو المسار الذي ستتخذه هذه التوترات، إذ إن قرب المحادثات يخفف من توتر السوق، في حين أن أي تصعيد أو ضربات مباشرة تشعل الأسعار من جديد.
ويضيف: "هناك مخاطر مادية واضحة تهدد سوق النفط، أبرزها التهديد الإيراني بإغلاق مضيق هرمز، والتهديدات المستمرة على مضيق باب المندب، فضلاً عن إمكانية استهداف منابع الطاقة في المنطقة".
وحول السيناريوهات المحتملة للأزمة، يرى الشوبكي أن "السيناريو الأفضل يتمثل في التهدئة والعودة إلى طاولة المفاوضات، وهو ما سينعكس بانخفاض واضح في أسعار النفط والذهب، وانتعاش في أسواق الأسهم".
لكنه حذر من السيناريو الأسوأ، والمتمثل في شعور إيران بالحصار، وهو ما قد يدفعها لإغلاق مضيق هرمز واستهداف منشآت نفطية في الخليج، وهو ما قد يشعل حرباً شاملة ويؤدي إلى قفزات في أسعار النفط لما يقارب 130 دولاراً للبرميل، ويرفع أسعار الغاز بشكل مضاعف.
كما يشير إلى أن منطقة الخليج تمثل أهمية استراتيجية بالغة، لكونها تنتج نحو 20% من الإنتاج العالمي للنفط، وتمثل 35% من المعروض العالمي، وهو ما يجعل أي اضطراب فيها ذا تأثير مباشر وعميق على أسواق الطاقة العالمية.
وفي رده على ما إذا كانت الأزمة الحالية أزمة طاقة عابرة، يقول الشوبكي: "لا أراها أزمة عابرة فقط، بل أزمة تحمل دروساً استراتيجية، خاصة لدول الخليج، التي أصبحت بحاجة ملحة إلى التفكير في بنية احتياطية بديلة، تضمن استمرار الإمدادات بعيداً عن الممرات البحرية المعرضة للتهديد، مثل مضيق هرمز وباب المندب".
مفاصل الاقتصاد العالمي
أما المحلل المالي والاقتصادي أحمد عقل فيرى أن التصعيد الجيوسياسي بين إيران و"إسرائيل" يترك تأثيرات مباشرة وكبيرة على مفاصل الاقتصاد العالمي، ولا سيما على أسواق الطاقة، التي باتت تتعامل مع التوترات بحذر شديد.
ويؤكد عقل، الذي تحدث لـ "الخليج أونلاين"، أن أي توسع في رقعة الحرب أو تأثر الملاحة سيقود إلى موجة جديدة من ارتفاع أسعار النفط، وسط تصاعد المخاوف من اختناقات محتملة في سلاسل الإمداد، وارتفاع كبير في تكاليف الشحن والنقل البحري.
كما يرى أن إغلاق مضيق هرمز – إذا ما حدث – سيكون قراراً بالغ الخطورة، ولا يمكن اتخاذه بسهولة، إلا إذا وصل التصعيد إلى مستويات يصعب احتواؤها.
وفي تقييمه للأزمة الراهنة، يوضح عقل أن الأزمة الحالية ليست أزمة طاقة طويلة الأمد، مستبعداً أن تطول مدة النزاع، بالاستناد إلى التصريحات الإيرانية والإسرائيلية التي تشير إلى أن الصراع ربما لا يتجاوز بضعة أسابيع.
واختتم حدثيه بالقول: "رغم ذلك، تبقى تأثيرات الأزمة الآنية واضحة، والأسواق ستظل رهينة للتقلبات إلى حين التوصل إلى حلّ سياسي يعيد الاستقرار ويعيد الثقة إلى أسواق الطاقة العالمية".