ما أهمية نمو الصناعات التحويلية العُمانية؟
klyoum.com
أخر اخبار سلطنة عُمان:
بحضور السلطان.. عرض عسكري في مسقط احتفالا باليوم الوطنييوسف حمود - الخليج أونلاين
للصناعات التحويلية قدرة كبيرة على القيام بأدوار إيجابية في دعم الناتج المحلي، وهو ما تسعى له سلطنة عُمان لتجاوز الاعتماد على النفط.
تدفع سياسة الصراعات الدولية، والحروب الاقتصادية بين الدول العظمى إلى تقلبات وهبوط مفاجئ في أسعار النفط العالمية، كما أن الأزمات الاقتصادية المتكررة تسبب شللاً للاقتصاد العالمي، ينتج عنها انهيار كبير في أسواق النفط وتهاوي الطلب العالمي على النفط ومشتقاته وتوقف العمل في العديد من المصانع على مستوى العالم.
ومن أجل ذلك، لجأت الكثير من دول العالم اليوم إلى الصناعات التحويلية في تطوير اقتصادها، حيث أخذ بعضها بعداً استراتيجياً لدى الدول الساعية لتحقيق نمو في قطاعاتها الاقتصادية، ما يضمن لها الاستدامة خاصة في الدول التي تعتمد على النفط بوصفه المصدر الوحيد لدخلها.
وللصناعات التحويلية قدرة كبيرة على القيام بأدوار إيجابية في دعم الناتج المحلي، وهو ما تسعى له سلطنة عُمان لتجاوز الاعتماد على النفط بوصفه المصدر الأول للدخل، حيث وضعت رؤية "عمان 2040" الصناعات التحويلية أحد أهم القواطر التي يمكنها أن تقود القطاع الصناعي في السلطنة.
نمو ملحوظ
مع استمرار الاهتمام الحكومي بقطاع الصناعات التحويلية، قالت وزارة الاقتصاد العُمانية (17 أغسطس 2024) إن هذا القطاع سجل نمواً حقيقياً 9.2%، خلال الربع الأول من العام الجاري، ليكون الأعلى نمواً بين القطاعات الرئيسية المستهدفة كركائز لدعم التنويع الاقتصادي خلال الخطة الخمسية العاشرة 2021-2025.
وارتفعت مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي العُماني إلى 10% بالأسعار الثابتة، و10.5% بالأسعار الجارية، وفق ما أوردته وكالة الأنباء العُمانية.
كما أشار المتحدث الرسمي لوزارة الاقتصاد العُماني، سالم آل الشيخ، إلى أن "أداء قطاع الصناعات التحويلية جاء مدعوماً بتقدم جهود وبرامج واستراتيجيات التنويع الاقتصادي، التي عززت أداء القطاعات الصناعية، وأسهمت في التحسن المتواصل في تنافسيتها، وارتفاع حجم الصادرات الصناعية، ونمو الاستثمارات في المناطق الصناعية والحرة والخاصة".
ولفت آل الشيخ إلى دخول مشروعات استراتيجية صناعية جديدة حيز التشغيل، من أهمها مصفاة الدقم، مضيفاًأن "بيانات نمو الناتج المحلي تعكس ثمار هذه التطورات من خلال معدلات النمو المرتفعة التي سجلتها كافة أنشطة الصناعات التحويلية، وهي صناعة المنتجات النفطية المكررة، وصناعة المواد الكيميائية الأساسية، والصناعات التحويلية الأخرى بنسب نمو 67.6%، و6.4%، و6.3%، على التوالي خلال الربع الأول".
وشدد أيضاً على أن الخطة الخمسية العاشرة (2021-2025) تستهدف رفع مساهمة قطاع الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي بنهاية الخطة إلى 12.2%.
اهتمام لافت
أولت سلطنة عُمان اهتماماً كبيراً بالمنطقة الاقتصادية "بالدقم"، والتي تعد واحدة من أهم المناطق الاقتصادية في الشرق الأوسط، لكونها أصبحت مركزاً إقليمياً للطاقة المتجددة والمواد الهيدروكربونية والخدمات اللوجستية وقاعدة للصناعات التصديرية.
كما أن مصنع "كروة" لإنتاج الحافلات بالدقم، الذي يعد ضمن الصناعات التحويلية، هو مبادرة استثمارية استراتيجية بين دولة قطر، ممثلة بشركة النقل الوطنية، والسلطنة، التي يمثلها جهاز الاستثمار العُماني، حيث بدأت الآلات التشغيلية فعلياً بالإنتاج منذ عام 2021 على أن تتضمن المرحلة الأولى إنتاج (500) حافلة سنوياً.
وفي أكتوبر 2021 افتتح مصنع شركة هونغ تونغ في المدينة الصناعية الصينية بالدقم، لإنتاج الأنابيب غير المعدنية المصنوعة من مادة "البولي إيثيلين" المقوى، بحيث سيسهم هذا المشروع في تبادل التقنيات الحديثة بين الصين والسلطنة وتعزيز القيمة المحلية المضافة.
كما تخطط السلطنة لتحويل ميناء الدقم إلى مركز عالمي لتجارة الهيدروجين الأخضر وتوزيعه، حيث وقعت اتفاقية حجز الأرض لمشروع شركة هايبورت الدقم لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو المشروع المشترك في قطاع الطاقة البديلة بين شركة أوكيو العُمانية ومجموعة ديمي البلجيكية.
ومن المقرر أن يبدأ تشغيله في عام 2026 على تلبية الطلب العالمي على الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، بتكلفة تصل إلى 11.55 مليار ريال عُماني (30 مليار دولار)، وهذا سيجعل ميناء الدقم على الخريطة العالمية في الاقتصاد الوليد للهيدروجين.
تقديم الحوافز والدعم
ومن أهم المشاريع الاستراتيجية الأخرى مشروع مجمع لوى للصناعات البلاستيكية، حيث بدأ التشغيل التجاري به في ديسمبر 2021 وتبلغ تكلفته 2.7 مليار ريال عُماني (7 مليارات دولار)، حيث يهدف هذا المشروع إلى تعزيز قطاع الصناعات من خلال إنتاج 838 ألف طن سنوياً من مادة البولي إيثيلين ونحو 300 ألف طن سنوياً من مادة البولي بروبيلين.
كما يعد مجمع لوى للصناعات البلاستيكية أكبر المشروعات للصناعات التحويلية تنفذه أوكيو بالسلطنة، وهو ما سيجعلها داعماً رئيساً في الصناعات البتروكيماوية على مستوى العالم.
بدأت شركة عُمان للمسبوكات المترابطة، العام الحالي، بالتشغيل التجريبي لمصنع إنتاج عجلات "رنجات" الألمنيوم للسيارات، وذلك بسعة إنتاجية تصل إلى مليون و200 ألف عجلة "رنج" للسيارات سنوياً من خام الألمنيوم المنتج في شركة صحار ألمنيوم.
إضافة إلى ذلك تسعى المنطقة الحرة بصلالة إلى تعزيز الصناعات التحويلية، فقد تم إنشاء مصنع بالشراكة مع شركة فيلكس للصناعات الدوائية لتغذية السوق المحلي والإقليمي بالصناعات الدوائية، حيث بلغت نسبة الإنجاز في المشروع 73.5%، على أن تتمكن الشركة من تغطية احتياجات السوق بأكثر من 35%، ثم تغطية 100% من الاحتياجات المحلية للأدوية بحلول عام 2040.
وفي هذا الصدد يقول عبد الملك الهنائي، الباحث في الاقتصاد السياسي وقضايا التنمية، إن الحكومة العمانية عمدت منذ سنوات عديدة إلى تقديم الحوافز والدعم لهذا القطاع، مشيراً في مقال له في صحيفة "الرؤية" العُمانية، إلى أن ذلك الدعم يأتي "سواء في صورة بنية أساسية تمثلت في إنشاء عدد من المناطق الصناعية التي وفّرت خدمات كثيرة للمستثمرين أو في صورة قروض مُيسرة وإعفاءات جمركية وضريبية".
كما يشير إلى "ضرورة وضع سياسة عامة تنصبُّ وتتكامل فيها جهود كل الجهات المعنية بالقطاع، سواء تلك المعنية بالبنى الأساسية والخدمات المساندة أو تلك المعنية بإعداد الموارد البشرية وتسهيل التمويل اللازم".
ويرى أيضاً أن الصناعة "هي قاطرة وعربة التنمية، إلى جانب أن عُمان بلد منتج للنفط والغاز"، مضيفاً: "وطالما أن أغلب الصناعات التحويلية هي صناعات كثيفة الطاقة، أي إنّ الطاقة تشكل نسبة كبيرة في مكوناتها وتكلفة إنتاجها، فإنه يجب استغلال الميزة النسبية التي تتمتع بها عُمان في مجال الطاقة بتقديمها بسعر التكلفة، وليس بسعر السوق العالمي، خاصة للمشاريع الصناعية التي تلتزم بتحقيق الأهداف الموضوعة للقطاع".
ويلفت كذلك إلى ضرورة أن يكون من ضمن تلك السياسة العامة "تكثيف جهود الترويج لجذب الاستثمار في الصناعة من أجل فتح أسواق جديدة للصادرات الصناعية، سواء كان ذلك في صورة اتفاقيات تجارة حرة في إطار الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون، أو في صورة اتفاقيات ثنائية بين السلطنة ودول أخرى في المنطقة وخارجها".